شركات تستبدل موظفيها بالذكاء الاصطناعي.. ما مستقبل الوظائف؟

استمع إلى المقال
|
في الوقت الحالي، يزداد اعتماد الشركات على الذكاء الاصطناعي بكثير من الأمور، وأبرزها الوظائف، حيث يجري استبدال العديد من الموظفين بالتقنية الناشئة، فما هو مستقبل الوظائف والتوظيف بظل ازدياد تبني الذكاء الاصطناعي.
المخاوف بشأن تسبب الذكاء الاصطناعي بخسارة جماعية للوظائف تصاعدت بقوة قبل 8 أشهر بعد أن أتاحت شركة “OpenAI” للجمهور روبوت الدردشة (ChatGPT)، الذي أذهل المستخدمين بقدرته على تقديم إجابات مطولة ومعقدة للأسئلة.
إلى جانب الإعجاب، فإن استخداماته المحتملة أدت إلى زيادة المخاوف من أن التكنولوجيا يمكن أن تطرد أشخاصا حقيقيين من الوظائف، بخاصة أنه في الأشهر الأخيرة، استشهد عدد صغير ولكن متزايد من الشركات بالتقنية الناشئة كسبب لتسريح الموظفين.
هذه المخاوف تحولت إلى حقيقة، حيث استغنت شركة التجارة الإلكترونية الهندية الناشئة “Dukaan” عن 90 بالمئة من موظفي الدعم بسبب روبوت الدردشة القادر على التعامل مع استفسارات العملاء بشكل أسرع بكثير من الموظفين.
كما سرحت شركة تكنولوجيا التعليم “Chegg” نحو 80 موظفا بسبب اعتمادها على التقنية الناشئة، في حين تتوقع شركة “IBM” إيقاف التوظيف للوظائف التي تعتقد أنه يمكن استبدالها بالذكاء الاصطناعي في السنوات القادمة.
بدورها، أشارت خدمة تخزين الملفات السحابية “Dropbox”، إلى أنها سرحت نحو 16 بالمئة من قوتها العاملة، أو نحو 500 شخصا، مستشهدة أيضا بالذكاء الاصطناعي.
في تقرير لها، أوضحت منظمة “التعاون الاقتصادي والتنمية”، أن تحسين قدرة التكنولوجيا على إكمال بعض المهام غير الروتينية يعني أن المتخصصين في التمويل والطب والقانون قد يجدون أنفسهم فجأة معرضين لخطر الأتمتة من الذكاء الاصطناعي.
بحسب المنظمة، فإن الوظائف التي تتطلب مهارات منخفضة ومتوسطة هي الأكثر عرضة للخطر، بما في ذلك البناء والزراعة وصيد الأسماك والغابات، وبدرجة أقل الإنتاج والنقل.
مع الأخذ في الاعتبار تأثير الذكاء الاصطناعي، فإن الوظائف المصنفة على أنها الأكثر تعرضا لخطر الأتمتة تمثل نحو 27 بالمئة من العمالة.
بالرغم من أن اعتماد الشركات للذكاء الاصطناعي لا يزال منخفضا نسبيا، لكن التقدم السريع في التكنولوجيا وانخفاض التكاليف يشير إلى أن الدول على شفا ثورة يمكن أن تغير مكان العمل بشكل جذري.
التسارع الأخير في التطورات والأدوات التوليدية المتعلقة بالتقنية الناشئة يمثل نقطة تحول تكنولوجية ذات آثار مادية في العديد من أماكن العمل.
نتيجة لذلك، هناك حاجة للنظر في أطر السياسات الطويلة المدى بشأن استخدام التقنية في مكان العمل ومواصلة تعزيز التعاون الدولي لتعظيم الفوائد مع إدارة المخاطر السلبية بشكل مناسب.
المسح حول تأثير هذه التقنية بسوق العمل في 7 دول من منظمة “التعاون الاقتصادي والتنمية” لم يظهر حتى الآن وجود دليل يذكر على الآثار السلبية بشأن التوظيف بين الشركات التي تتبنى الذكاء الاصطناعي.
علاوة على ذلك، أفاد الموظفون وأرباب العمل بأن التقنية الناشئة قد تقلل من المهام الشاقة والخطيرة، مما يؤدي إلى زيادة مشاركة العمال والسلامة الجسدية.
في الوقت نفسه، وجد الاستطلاع أن نسبة كبيرة من الموظفين قلقون بشأن فقدان الوظائف بالكامل لصالح التقنية في السنوات الـ 10 المقبلة. هناك نسبة مماثلة تخشى أن تنخفض الأجور في القطاعات بسببها الذكاء الاصطناعي.
في الوقت الحاضر، يمكن لهذه التقنية أداء العديد من المهام، بما في ذلك كتابة التعليمات البرمجية وصياغة المحتوى لمواقع الويب وإنشاء محتوى التسويق وطرح الأفكار وكتابة التعليمات البرمجية ومتابعة عملية إعداد العملاء وتجميع الأبحاث، الأمر الذي يخلق فرص جديدة للشركات في صنع الاستراتيجيات.
نتيجة لذلك، فإنها قادرة على زيادة الكفاءة والإنتاجية من خلال تبسيط العمليات وتمكين اتخاذ القرار بشكل أسرع عبر الاستفادة من خوارزميات التعلم الآلي، الأمر الذي يتيح للشركات تحسين إدارة سلسلة التوريد وخدمة العملاء، وكذلك التنبؤ بالطلب وتحديد الاحتيال.
من خلال الاستخدام الفعال للكميات الهائلة من البيانات التي تنتجها، فإنها تساهم في صنع القرارات المستندة إلى أبحاث السوق، الأمر الذي يجعل البيانات مفهومة لصانعي القرار.
كما أن هذه التقنية تتيح تحليل البيانات ومعالجتها في الوقت الفعلي، الأمر الذي يساعد الشركات بتحديد الرؤى التي يصعب على البشر تحديدها.
إلى جانب ذلك، يمكن للشركات استخدامها لتحليل بيانات العملاء والأنماط السلوكية، مما يسمح لهم بإنشاء حملات تسويقية مخصصة وتوصيات المنتجات المصممة خصيصا لتلبية احتياجات أو تفضيلات كل عميل.
كما يمكن معرفة ما إذا كانت استجابة العميل معقولة أو طبيعية، الأمر الذي يساعد الشركات بتحديد مواقف العملاء غير الطبيعية.
علاوة على ذلك، هذه التقنية قادر على أتمتة المهام في جميع قطاعات الأعمال، من التطبيقات المستندة إلى الحاسب، مثل تخزين البيانات والتحليلات، إلى التطبيقات المادية، مثل المركبات المستقلة والأجهزة الطبية، مما يتيح الموظفين التركيز على أنشطة أكثر تعقيدا وذات قيمة مضافة.
إضافة لذلك، يمكنها مساعدة الشركات بالابتكار من خلال تصميم منتجات جديدة، واختبار النماذج الأولية، وتحديد الأنماط والاتجاهات في البيانات.
بغض النظر عن الفوائد العديدة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، لكن هذه التقنية الناشئة لديها مساوئ عديدة أهمها المخاوف الأخلاقية، حيث يثير استخدامها مخاوف تتعلق بالتحيز والدقة والشفافية والمساءلة.
هذا الأمر يعتبر مصدر قلق، خاصة وأن التقنية تُستخدم بشكل متزايد في قطاع الموارد البشرية لمساعدة الشركات باتخاذ القرارات المتعلقة بالتوظيف والطرد والترقية.
كما قد يؤدي استخدامها ضمن الشركة إلى جمع أو نشر البيانات التجارية أو الشخصية، الأمر الذي يتسبب بانتهاك العديد من القوانين التجارية أو قوانين الخصوصية.
علاوة على ذلك، فإن أنظمة الذكاء الاصطناعي قابلة للاختراق والاستخدام لأغراض ضارة، وهذه الثغرة الأمنية قد تؤدي إلى انتهاكات للبيانات أو خسائر مالية أو حتى أضرار جسدية، وبالتالي تزيد مخاطر أنواع مختلفة من دعاوى الضرر وانتهاك الخصوصية.
إلى جانب ذلك، فإن أخطاء التقنية قد تسبب أضرارا جسيمة للبنية التحتية للشركة وسمعتها، وهذا هو السبب في أن استخدامها ضمن التجارة الإلكترونية أو البرمجة أو الأمن يمكن أن يكون مخاطرة، حيث أن مثل هذه الأخطاء قد تكون مكلفة للغاية، وقد تخلق أزمات بالنسبة للشركات الناشئة.
بالإضافة إلى ذلك، عندما يتعلق الأمر بأدوات الذكاء الاصطناعي، فإن هناك قيود. على سبيل المثال، يقر (ChatGPT) بأنه لا يعرف الأحداث أو المعلومات الجارية منذ توقف تدريب نموذجه بعد عام 2021، ويمكنه أيضا نشر معلومات خطأ.
بينما يمكن للذكاء الاصطناعي تقليد السلوك البشري، لكنه يفشل في بعض الأحيان بفهم المشاعر البشرية، ويعطي ردا غير حساس على استعلام العميل. مثل هذه الانطباعات الآلية تجعل العميل غاضبا أو محبطا، مما يؤدي إلى فقدان العميل.
من المتوقع أن ينمو سوق الذكاء الاصطناعي إلى نحو 2 تريليون دولار بحلول عام 2030، وأصبح الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء مجال تركيز للعديد من الشركات.
بفضل التكنولوجيا الحديثة، لم تعد روبوتات الدردشة هي الطريقة الوحيدة التي يمكن لخدمة العملاء من خلالها الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة العملاء، حيث تستخدم هذه التقنية لتحسين تجربة العملاء وخلق تفاعلات أكثر مع المستهلكين.
التقنيات المختلفة، مثل روبوتات الدردشة وتحليل المشاعر، تساعد فريق الدعم في تبسيط سير العمل، ومعالجة طلبات العملاء بشكل أسرع، وتوقع احتياجات العملاء بشكل استباقي.
عند التنفيذ بشكل صحيح، قد يؤثر استخدام الذكاء الاصطناعي بخدمة العملاء بشكل كبير بكيفية اتصال الفريق بالعملاء وخدمتهم، حيث تساعد هذه التقنية بتحسين سير عمل دعم العملاء بسبب قدرتها على تقليل الخطوات، والإجابة بسرعة على الأسئلة الروتينية من العملاء الجدد، إلى جانب تطوير رسائل بريد إلكتروني مخصصة ومقالات معرفية للعملاء الحاليين، كما يساعد الذكاء الاصطناعي بتبسيط سير العمل الداخلي، وفي المقابل، يزيد من تفاعلات خدمة العملاء.
هذه التقنية تمنح أيضا مقاييس استجابة أفضل للعملاء، حيث يمكن من خلال روبوتات الدردشة الرد تلقائيا على رسالة الدردشة المباشرة للعميل في غضون ثوان، الأمر الذي يؤدي إلى تقليل وقت الاستجابة لفريق الدعم بشكل كبير، وتخفيض متوسط وقت التعامل مع الردود واستغراق وقت أقل لحل الطلبات الواردة.
إلى جانب ذلك، يستخدم الذكاء الاصطناعي البيانات في الوقت الفعلي لعمل تنبؤات، وهذا يعني أنه يمكنك استخدام التقنية لتحديد الطريقة التي من المحتمل أن يتصرف بها العملاء بناء على سجل الشراء وعادات الشراء والتفضيلات الشخصية.
ليس ذلك فحسب، بل يساعد الذكاء الاصطناعي التنبئي في تحديد الأنماط وإجراء تحسينات استباقية على تجربة العميل، وفيما يلي مجموعة من الطرق التي يمكن من خلالها استخدام الذكاء الاصطناعي لخدمة العملاء:
بشكل عام، خدمة العملاء تتمتع بنطاق واسع من التكامل مع الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن استخدام البرامج القائمة على هذه التقنية لإنشاء ردود آلية على استفسارات العملاء المتكررة، الأمر الذي يقلل عبء العمل على البشر مع زيادة وقت الاستجابة.
نتيجة لذلك، فإن خدمة العملاء المدعومة بالذكاء الاصطناعي تسمح بتطوير رؤى أعمق وبناء تجربة مستخدم أفضل، الأمر الذي يؤدي إلى تحسين تجربة العملاء عبر الإنترنت وصورة العلامة التجارية وحتى تحقيق الإيرادات.
ختاما، التطور السريع للذكاء الاصطناعي واعتماده يعني الحاجة إلى مهارات جديدة. نتيجة لذلك، يحتاج الموظفون إلى التدريب لضمان المستقبل، ويجب على الحكومات دمج مهارات الذكاء الاصطناعي في التعليم، ودعم التنوع في القوى العاملة للذكاء الاصطناعي.
هناك أيضا حاجة ملحة لاتخاذ إجراءات سياسية للتصدي للمخاطر التي يمكن أن يشكلها الذكاء الاصطناعي عند استخدامه في مكان العمل، من حيث الخصوصية والسلامة والإنصاف وحقوق العمل، وذلك لضمان المساءلة والشفافية للقرارات المتعلقة بالتوظيف التي يدعمها الذكاء الاصطناعي.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.