العمل عن بعد (2): تأشيرات دول تفتح لك أبوابها

استمع إلى المقال
|
لقد غيّرت جائحة كورونا الكثير من معالم الكوكب، ليس فقط على الصعيد الصحي، بل الاقتصادي والاجتماعي، تغييرًا طال كل جانبًا من جوانب حياتنا مولّدًا مصطلح “الوضع الطبيعي الجديد” أو (The New Normal). ومن أحد أوجه هذا الوضع هو تغير منهج سوق العمل وانجرافه تدريجيًا نحو اللامركزية المكانية. لدرجة أننا شهدنا ظهور أول شركة من غير مقرٍّ فعلي في العام الماضي، وهي شركة “كوين بيز” (Coinbase) الرائدة في مجال العملات الرقمية في وكما تحدثنا سابقًا في مقال: “العمل عن بعد (1): أدواتٌ لا غنى لك عنها“، فإن العديد من الشركات الكبرى والمتوسطة والناشئة على حد سواء أخذت تسلك هذا الطريق وتدير موظفيها وعملياتهم افتراضيًا. ووفقًا لتقرير شركة “غارتنر” (Gartner)، فإن التقديرات تشير إلى أن 31% من الموظفين حول العالم سيكونون عاملين عن بُعد في غضون عام 2022. كل ذلك، أدى إلى نشوب سباقٍ من نوعٍ ما بين الدول لاستضافة هؤلاء العاملين.
لكن لم يتم إعداد قوانين التأشيرات في معظم البلدان للتعامل مع هذه الفئة الجديدة من العاملين الذين يعيشون في مكانٍ ويعملون في آخر. ولكن هذا بدأ يتغير أخيرًا، حيث أدركت بعض البلدان الحاجة إلى ما يسمى على وجه التحديد “تأشيرات العمل عن بعد” أو “تأشيرات العمل المستقل” لاستقطاب الرُّحّل الرقميين والمساهمة في اقتصادات تلك الدول.
فما هي الوجهات المتاحة؟
تقدم البرتغال تأشيرة إقامة مؤقتة (تأشيرة دخل سلبية D7) وتصريح إقامة للعاملين المستقلين ورجال الأعمال لمدة عامٍ واحد، مع إمكانية التجديد لمدة تصل إلى 5 سنوات. وبعد 5 سنوات يمكنك التقدم للحصول على الإقامة الدائمة.
بصفتك حامل تأشيرة أجنبية ومقيم هناك، ستحصل على بطاقة إقامة تسمى “Título de Residência”. هذه بمثابة هويتك الرسمية في البرتغال. ويُذكر أن جزيرة ماديرا البرتغالية الجميلة على وجه الخصوص أصبحت مركزًا للعاملين عن بعد، خاصةً مع إطلاق “قرية الرُحّل الرقميين” هناك.
رأي الكاتب: هذه الأفضل بين تأشيرات العمل عن بعد.
ألمانيا لديها تأشيرة خاصة خاصة بها للعمل المستقل تسمى “Aufenthaltserlaubnis für selbständige Tätigkeit“، وتعني تصريح الإقامة للعمل الحر. إنه تصريح إقامة يسمح للعاملين لحسابهم الخاص والأجانب بالعيش في ألمانيا لمدة 6 أشهر حتى 3 سنوات. أحد الجوانب السلبية هو أنه قد يستغرق الأمر من 3 إلى 4 أشهر للحصول على الموافقة على هذه التأشيرة. لكن التحدث باللغة الألمانية أو معرفة شخص يفعل ذلك سيساعد كثيرًا في تسريع العملية.
أطلقت مدينة دبي في الإمارات العربية المتحدة منذ فترة ليست بالبعيدة برنامج العمل الافتراضي الخاص بها لمدة عام واحد، مما يسمح للعاملين عن بُعد بالعيش والعمل على الشاطئ أو من أعلى برج خليفة. كما حصلت دبي على طابع “سفريات آمنة” من المجلس العالمي للسفر والسياحة (WTTC)، تقديرًا لعملهم في منع انتشار كوفيد-19.
تمنحك تأشيرة العمل عن بُعد حرية القدوم إلى دبي، وإحضار عائلتك، والعمل عن بُعد بينما تظل موظفًا في شركتك الأم أينما كان موقعها. لا تفرض دبي ضريبة دخل على الأفراد. كما يمكنك الوصول إلى جميع الخدمات المطلوبة، بما في ذلك الاتصالات والمرافق والتعليم.
لدى أيسلندا تأشيرة خاصة بها للعاملين عن بعد، لكنها لا تصلح سوى لمدة 6 أشهر فقط، لذا فهي واحدة من أقصر تأشيرات العمل عن بعد المتاحة. أما إذا تقدمت بطلبٍ لها أثناء تواجدك في منطقة شنغن الأوروبية، فهذا يعني أن تأشيرة أيسلندا للعمل عن بعد تصلح لمدة 90 يومًا فقط.
تمتلك إسبانيا تأشيرة تسمح للأجانب بالبقاء في إسبانيا لمدة عام على الأقل، مع إمكانية التجديد. ونظرًا لانخفاض تكلفة المعيشة ومزيج من الشواطئ والجبال ونمط الحياة المريح، فهي وجهة مفضلة لدى العديد من الأشخاص المستقلين. ومع ذلك، لا يُسمح لك بالعمل في إسبانيا على هذه التأشيرة، فهم يبحثون عن أشخاص متقاعدين أو مكتفين ذاتيًا (ممكن تحقيق الأخير من خلال العمل عن بعد أو العمل المستقل).
لطالما احتلت النرويج العناوين في الصحف والمواقع المعنية بالسياحة والسفر وجودة الحياة، حيث وُصفت بأنها جنة إسكندنافية بنظامها الديمقراطي الاجتماعي القوي، وثروتها العالية، وجمالها الطبيعي، وسكانها التقدميين.
إضافةً إلى ذلك، سيغتنم الكثير من العاملين عن بُعد فرصة الانتقال إلى النرويج لمدة تصل إلى عامين، وذلك من خلال تأشيرة “المتعاقد المستقل” النرويجية.
أنشأت مالطا “تصريح الإقامة الرقمية” الخاص بها، والذي يستهدف على وجه التحديد العاملين عن بعد من خارج الاتحاد الأوروبي. ولطالما كانت جزيرة مالطا المتوسطية جذابة لرواد الأعمال والعاملين المستقلين لسنوات، وذلك نظرًا لنمط حياة الجزيرة المشمس، واللغة الإنجليزية المنتشرة على نطاقٍ واسع، والبنية التحتية القوية للإنترنت (بما في ذلك خدمة 5G على الصعيد الوطني).
كما أنها تقع في المنتصف بين أوروبا وشمال إفريقيا والشرق الأوسط؛ مما يعني أن هناك العديد من الفرص لمحبّي السفر للخروج واستكشاف المناطق المجاورة. للحصول على تأشيرة العمل عن بعد لمدة عام واحد في مالطا، يجب على المتقدمين -ببساطة- إثبات قدرتهم على العمل عن بُعد عبر الإنترنت.
اقض عطلات نهاية الأسبوع في استكشاف المدن التاريخية والمواقع الجبلية في هذا البلد الواقع في وسط أوروبا، واعمل عن بُعد خلال الأسبوع. تقدم جمهورية التشيك تأشيرة عمل حر تسمى”Zivno” صالحة لمدة عام واحد، ويمكن تمديدها أيضًا. لكنها أكثر تعقيدًا قليلاً من تأشيرات العمل عن بعد الأخرى في هذه القائمة، لكنها قابلة للتنفيذ.
امتلاك رخصة تجارية المجالات المدرجة هنا.
إثبات الإقامة لمدة عام على الأقل.
إثبات وجود ما لا يقل عن 5.587 يورو في الحساب المصرفي لكل شخص.
دفع حوالي 1800 كرون تشيكي (80 دولارًا أمريكيًا) شهريًا كضرائب محلية.
اجمع قائمة المستندات المطلوبة هنا.
حدد موعدًا في السفارة التشيكية للحصول على تأشيرة إقامة طويلة.
دفع رسوم التأشيرة بقيمة 100 يورو.
إستونيا هي أول دولة أنشأت برنامج إقامة إلكتروني يسمح لأصحاب المشاريع الأجانب بترخيص الأعمال التجارية عبر الإنترنت في الاتحاد الأوروبي عام 2014. وفي يونيو/حزيران 2020، فتحت أيضًا تأشيرة رقمية للعمل المستقل لمدة عام واحد تسمح للأجانب بالعيش في البلاد أثناء العمل عن بُعد.
املأ نموذج الطلب هنا عبر الإنترنت، ووقع عليه إلكترونيًا، وحدد موعدًا في أقرب سفارة/قنصلية إستونية لإرساله شخصيًا. وتجدر الإشارة إلى أنه هناك نوعان من تأشيرات العمل عن بعد الرقمية: النوع C (إقامة قصيرة) تكلف 80 يورو، والنوع D (إقامة طويلة) تكلف 100 يورو.
بسبب الانخفاض الكبير في السياحة بسبب جائحة كورونا، فإن دولة جورجيا هي واحدة من أحدث الدول التي تقدم تأشيرة سفر رقمية تسمى “عن بُعد من جورجيا” للمساعدة في تحفيز اقتصادها. إذا كنت عاملاً عن بُعد، فلماذا لا تعمل من بلد معروف بتكلفة المعيشة المنخفضة فيه، والمدن الملونة، والمناظر الطبيعية الجبلية الخلابة؟
انضمت برمودا إلى نادي تأشيرات العمل عن بعد من خلال تأشيرة الرحل الرقمية “اعمل من برمودا” التي تم إصدارها أواخر العام الماضي، وهي مجرد توسيع لبرنامج إقامة أقدم؛ والذي يسمح للعاملين عن بُعد بالبقاء في البلاد لمدة تصل إلى عام.
تستهدف المهنيين الذين يعملون عادةً من المنزل، وتأمل البلاد في أن تجتذب التأشيرة الجديدة المسافرين على المدى الطويل الذين يرغبون في الاستقرار في الجزيرة.
أطلقت مقاطعة أنغويلا التي تتبع للحكم البريطاني؛ وهي جزيرة صغيرة تقع في البحر الكاريبي، تأشيرة خاصة بها لأولئك الذين يرغبون في “العمل من المنزل”. لكن هناك رسوم إضافية يجب دفعها، 2000 دولار أمريكي لكل فرد أو 3000 دولار لكل أسرة، والتي تغطي اختباريّ كوفيد-19 لكل شخص، والمراقبة والتكاليف الإضافية المرتبطة بالصحة العامة، وتكاليف مدة الهجرة الممتد وتصريح العمل الرقمي.
قد تكون هذه الظاهرة جديدة نسبيًا لبعض البلدان أو حتى الأفراد، لكن هذا ما سيكون عليه شكل مستقبل العمل. وهذا ما تنبأ بها بالفعل عالم التكنولوجيا الياباني تسوجيو ماكيموتو منذ أكثر من 20 عامًا في كتابه “الرحّال الرقمي“، حيث قال إن العمل عن بُعد من شأنه أن يجبر الدول على “التنافس من أجل المواطنين”، وأن الترحال الرقمي سيحفز تراجعًا في مبادئ المادية والقومية. ها هي تتحقق نبوته، ومن غير المستبعد أن نرى المزيد من الدول تفتح حدودها أمام المواطنين القادرين على العمل عن بُعد من أجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بهم في السنوات القادمة.
كان هذا الجزء الثاني من سلسلة مقالاتٍ خاصة من إكسڤار نتناول فيها العمل عن بعد من كافة جوانبه. في الجزء القادم سنتحدث عن “مجالات العمل عن بعد”.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.