استمع إلى المقال

منذ أن تولى إيلون ماسك، الملياردير الأميركي والرئيس التنفيذي لشركة “تسلا”، زمام الأمور في منصة “تويتر”، شهدت المنصة تحولات كبيرة سلبية أثّرت في رضا وولاء المستخدمين.

 ماسك قام بإجراء عدة تغييرات في سياسات وخوارزميات وتصميم المنصة، بحجة تحسين جودة وأمان وسرعة التواصل الاجتماعي، ولكن هذه التغييرات أدت إلى تقليل حرية التعبير والتفاعل والابتكار للمغرّدينَ، وزيادة التحكم والرقابة والإعلانات للشركة.

من بين السلبيات التي قام بها ماسك، طرد عدد كبير من الموظفين الذين اعتبرهم غير مؤهلين أو غير موالين له، وإغلاق عدة حسابات نشطة وشهيرة بحجج واهية، وإطلاق خدمات جديدة غير مطلوبة أو مفيدة، مثل خاصية “التغريد بالصوت” أو “التغريد بالفضاء”، كما قام بزيادة عدد الحروف المسموح بها في التغريدات، مما أفقد المنصة جوهرها وروحها الاختصارية.

هذه التحولات السلبية في منصة “تويتر” أثارت استياء وقلق الكثير من المستخدمين، الذين بدأوا يبحثون عن منصات بديلة تلبي احتياجاتهم وتحترم خصوصيتهم، ومن بين هذه المنصات، ظهر تطبيق “بلو سكاي” كأحد المنافسين الجدد لـ “تويتر”، فهو يعمل ببروتوكول موزع لا مركزي يُسمى “AT Protocol”، يتيح للمستخدمين التحكم في خوارزمياته والسيطرة على بياناتهم بشكل كامل.

هذا يجعل “بلو سكاي” منصة أكثر حرية وأمانا وابتكارا من “تويتر”، ولكن ما هو بالضبط “بلو سكاي” ولماذا ينضم الناس إليه، وهل يمكنني الاشتراك في حساب عليه، وكيف يشبه هذا التطبيق “تويتر”، هذه بعض التساؤلات التي سنحاول الإجابة عليها في هذا التقرير.

قد يهمك: تويتر يضمحل بالهجرة إلى منصات أخرى

ما هو تطبيق “بلو سكاي” ومتى تم إطلاقه؟

“بلو سكاي” هو تطبيق للتواصل الاجتماعي يعتمد على نظام لامركزي وموزع، يهدف إلى إعطاء المستخدمين المزيد من الحرية والأمان والابتكار في تبادل المحتوى والآراء، فهو يسمح للمستخدمين بالتحكم في خوارزمياته والسيطرة على بياناتهم بشكل كامل، دون تدخل من أي جهة مركزية أو حكومية أو تجارية.

فكرة “بلو سكاي” ظهرت لأول مرة من داخل أروقة شركة “تويتر” في عام 2019، عندما أعلن جاك دورسي، المؤسس والرئيس التنفيذي السابق للمنصة، عن رغبته في تطوير بروتوكول مفتوح ولا مركزي للتواصل الاجتماعي.

في عام 2022، تحوّل تطبيق “بلو سكاي” إلى شركة منفصلة، بدعم من دورسي الذي يعمل الآن عضوا في مجلس إدارته، وكما استقطب التطبيق جاي جرابر، مهندس البرمجيات السابق في “تويتر”، للمساعدة في إطلاق المنصة الجديدة.

“بلو سكاي” يعمل ببروتوكول موزع لا مركزي يُسمى “AT Protocol”، هذا البروتوكول هو اختصار لـ (Authenticated Transfer Protocol)، وهو بروتوكول للتطبيقات الاجتماعية الموزعة على نطاق واسع يستخدم تقنية “البلوك تشين” أو سلسلة الكتل، وهو نظام يسجل المعاملات والبيانات على نحو آمن وشفاف وغير قابل للتغيير. 

كما يستخدم شبكة (النظير إلى النظير) “P2P3″، وهي شبكة تربط المستخدمين مباشرة دون وجود خادم مركزي، بهذه الطريقة، يصبح كل مستخدم هو صاحب بياناته وخوارزمية التطبيق، ولا يحتاج إلى الثقة بأي جهة ثالثة.

هذا يمنحهم القدرة على تخصيص خوارزمية التطبيق وتحديد نوع وكمية المحتوى الذي يريدون رؤيته ومشاركته للمستخدمين، وكما يمنحهم السيطرة الكاملة على بياناتهم وخصوصيتهم، دون خوف من التجسس أو الاستغلال أو الحذف.

بإضافة إلى ذلك، يشجع “بلو سكاي” المستخدمين على الابتكار والإبداع في إنشاء ومشاركة المحتوى، سواء كان نصيّا أو صوريا أو صوتيا أو فيديو، فهو يسمح للمستخدمين بإضافة ميزات جديدة أو تعديل الميزات القائمة، بحسب احتياجاتهم واهتماماتهم.

هذا التطبيق يشبه “تويتر” في الشكل والإحساس، فهو يتيح للمستخدمين نشر محتوى قصير (لا يزيد عن 300 حرف)، ومتابعة مستخدمين آخرين، وإعادة نشر (بشكل مشابه لإعادة التغريد).

 كما يتيح للمستخدمين نشر صور، لكن لا يدعم حاليا الفيديو أو المحادثات المباشرة أو حظر المستخدمين، ولكن هذه المزايا قد تضاف في المستقبل، حسب رغبة المستخدمين وقدراتهم.

بلو سكاي

مستخدمو “بلو سكاي”

في ظل انتشار منصات التواصل الاجتماعي وتأثيرها في حياة الملايين من الناس، يبحث الكثيرون عن بدائل جديدة توفر لهم المزيد من الحرية والأمان والابتكار. ومن هنا ظهر تطبيق “بلو سكاي”، الذي يُعد منافسا قويا لـ “تويتر” وغيره من المنصات الشهيرة. لكن من هم مستخدمو هذا التطبيق الجديد.

في البداية، يجب أن نعرف أن “بلو سكاي” لم يُطلق رسميا بعد، بل هو في مرحلة الاختبار التجريبي، ولذلك فإن عدد المستخدمين لا يزال محدودا. 

وفقا لشركة “Data.ai” المتخصصة في تحليل البيانات، فإن تطبيق “بلو سكاي” حقق 375 ألف تحميل على نظام “iOS” عالمي حتى يوم الأربعاء الماضي. كما تم إطلاق التطبيق مؤخرا على نظام “أندرويد”، لكن لم يتم جمع بيانات عن عدد التحميلات حتى يوم الجمعة الفائت.

حسب الملاحظات والتغريدات على “تويتر”، فإن الموقع يضم بشكل رئيسي صحفيين وشخصيات إنترنت وخبراء تقنيين وبعض المشاهير.

أحد المستخدمين المبكّرين لتطبيق “بلو سكاي” هو جوردان، أول ناشط تقدمي له أكثر من 271 ألف متابع على “تويتر”، انضم إلى التطبيق في 14 نيسان/أبريل 2023. وقال إن التطبيق يشعره بأنه يحتوي على إمكانية أن يكون أول بديل حقيقي لـ “تويتر”.

“هناك تدفق هائل من الأشخاص الذين سئموا من كيفية عمل تويتر، ولم يجدوا بديلاً جديرا، ويبدو أن هذا هو ما يعتقدون أنه قد يكون التويتر التالي”، وأضاف حتى الآن لا توجد عملية تحقّق على “بلو سكاي”، مما يعني أن المقلدين بدأوا بالظهور بالفعل. اعتبارا من يوم الجمعة، ظهرت حسابات مزيفة تنتحل شخصية الكاتبة جي كي رولينج، ومالك “تويتر” إيلون ماسك على المنصة.

إذا، نستنتج أن مستخدمي “بلو سكاي”، هم مجموعة متنوعة من الأشخاص الذين يرغبون في تجربة منصة اجتماعية جديدة ومختلفة، تعطيهم المزيد من الخيارات والسلطة والإبداع، وهم أيضا مغامرون ومستكشفون، لأنهم يقبلون التحديات والمخاطر التي قد تصاحب استخدام تطبيق لا مركزي وغير ناضج بعد، هم في النهاية أشخاص قد يكونوا مشاركين في صنع التاريخ وتغيير مستقبل التواصل الاجتماعي.

بلو سكاي منافس تويتر

هل يمكنك التسجيل الآن؟

إذا كنت مهتما بتجربة “بلو سكاي” والانضمام إلى شبكة اجتماعية جديدة ومختلفة، فقد تتساءل؛ كيف يمكنني التسجيل.

للأسف، لا يمكنك التسجيل بسهولة في الوقت الحالي، فتطبيق “بلو سكاي” لا يزال في مرحلة الاختبار التجريبي، ولهذا السبب، فإن الموقع يعمل بنظام الدعوات فقط، ولا يسمح لأي شخص بالانضمام إلا بعد الحصول على رمز دعوة من مستخدم آخر.

لكن لا تقلق، هناك طريقة أخرى لتسجيل في “بلو سكاي” والحصول على فرصة لتجربته، كل ما عليك فعله هو إضافة عنوان بريدك الإلكتروني إلى قائمة انتظار التطبيق، لتستقبل دعوة إلى تجربة التطبيق عندما يصبح متاحا، يمكنك القيام بذلك من خلال زيارة الموقع الرسمي للتطبيق والضغط على زر “Join waitlist“.

لكن عليك أن تصبر قليلا، فعملية الانتظار قد تستغرق بعض الوقت، فالمؤسس والرئيس التنفيذي لـ “بلو سكاي”، جاي جرابر، قال إن الموقع سيظل يعمل بنظام الدعوات حتى يصل إلى مرحلة أبعد في التطوير.

إذا، الطريقة المتاحة لك للتسجيل في “بلو سكاي”، إما أن تحصل على دعوة من صديق أو معارف على المنصة، أو أن تضع نفسك في قائمة الانتظار وتأمل في الحصول على دعوة قريبا.

قد يهمك: جائحة العصر.. ما مخاطر إدمان مواقع التواصل الاجتماعي؟

مستقبل أم مجرد حلم؟

في هذا التقرير، تعرّفنا على تطبيق “بلو سكاي”، الذي يُعد منصة اجتماعية جديدة ومختلفة، تهدف إلى إعادة تشكيل مفهوم التواصل الاجتماعي على الإنترنت، وتحدثنا عن فكرة هذا التطبيق، وكيف يعمل ببروتوكول لا مركزي يمنح المستخدمين المزيد من الحرية والأمان والابتكار، تحدثنا أيضا عمن هم مستخدمو هذا التطبيق، وكيف يمكننا التسجيل فيه.

“بلو سكاي” هو تطبيق جريء وطموح، يسعى إلى تحقيق رؤية جديدة للإنترنت المفتوح والمشارك، فهو يقدم للمستخدمين فرصة للتعبير عن أنفسهم والتواصل مع الآخرين بشكل أكثر شفافية وديمقراطية، فهو يشجع المستخدمين على الابتكار والإبداع في إنشاء ومشاركة المحتوى، دون خوف من التجسس أو الاستغلال أو الحذف.

ولكن “بلو سكاي” ليس بلا تحدّيات أو عيوب، فهو لا يزال في مرحلة التطوير، ولذلك فإن عدد المستخدمين والمزايا محدود، وكما أنه يواجه بعض المشاكل في التحقق من هوية المستخدمين والتصدي للحسابات المزيفة، علاوة على ذلك، فإنه قد يصطدم ببعض القيود القانونية أو السياسية في بعض البلدان التي قد ترى فيه تهديدا لسيادتها أو استقرارها.

إذا، هل سينجح “بلو سكاي” في جذب المستخدمين من “تويتر” وغيره من المنصات، وهل سيكون قادرا على التغلب على التحديات التقنية والقانونية التي قد تواجهه، هذه أسئلة لا يمكن الإجابة عليها بثقة بالوقت الحالي، فالزمن سيخبرنا إذا كان “بلو سكاي” هو المستقبل أم مجرد حلم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات