استمع إلى المقال

الذكاء الصنعي هو واحد من مجالات علم الحاسوب الذي يهدف إلى تطوير آلات وبرامج تتمتع بقدرات ذهنية تشبه تلك التي يمتلكها البشر، مثل التفكير والتعلم والاستنتاج والتخطيط والتواصل والإدراك.

الذكاء الصنعي يُعتبر من أهم التقنيات المعاصرة التي غيرت وجه العالم في مختلف المجالات والصناعات، وفتحت آفاقا جديدة للابتكار والإبداع، يمكن تصنيف الذكاء الصنعي إلى أنواع مختلفة حسب مستوى تعقيده وقدرته على محاكاة الذكاء البشري.

من أبرز هذه الأنواع، الذكاء الصنعي التوليدي، وهو نوع من الذكاء الصنعي يستخدم خوارزميات لإنشاء بيانات جديدة تحاكي البيانات الأصلية، سواء كانت نصوصا أو صورا أو موسيقى أو فيديو، يستطيع الذكاء الصنعي التوليدي أن يولد محتوى رقمي غني ومتنوع، وأن يحل مشكلات معقدة، وأن يقدم حلولا واقتراحات في عدة قطاعات، مثل الرعاية الصحية والتعليم والإعلام والتسويق.

لذا دعونا نسلط الضوء، حول تفاصيل تطور الذكاء الصنعي التوليدي، وكيف يعمل وما هي التطبيقات العملية التي يمكن استخدامها فيها، وعن ماهية الاختلاف بينه وبين الذكاء الصنعي التقليدي.

قد يهمك: الذكاء الصنعي.. هل حان وقت الشعور بالخوف؟

مفهوم الذكاء الصنعي التوليدي

الذكاء الصنعي التوليدي يعتبر واحدا من أكثر التطورات الحديثة والمثيرة للاهتمام في قطاع الذكاء الصنعي، حيث يستخدم هذا النوع من الذكاء تقنيات تعتمد على الشبكات العصبية العميقة والتعلم الآلي لتحويل الأفكار إلى واقع ملموس.

بفضل تطور التكنولوجيا والحوسبة السحابية، أصبح الذكاء الصنعي التوليدي أكثر تطورا واستخداما في مجالات مختلفة مثل الفن والتصميم والإنتاج والتسويق والترفيه، ومن المتوقع أن يشهد هذا النوع من الذكاء تطورا كبيرا في المستقبل القريب، مما سيؤدي إلى زيادة الفعالية والكفاءة في العديد من المجالات وتحسين الجودة العامة للحياة.

تقنيات الذكاء الصنعي التوليدي

الذكاء الصنعي التوليدي يعتمد على مجموعة واسعة من التقنيات المتطورة التي تساعد على تمكين الأجهزة الإلكترونية والبرمجيات من إجراء العمليات الذهنية التي تحتاج إلى الذكاء والتفكير البشري، ومن بين هذه التقنيات.

التعلم العميق (Deep Learning)

التعلم العميق هو فرع من فروع التعلم الآلي، وهو مجال من مجالات الذكاء الصنعي، يستخدم التعلم العميق الشبكات العصبية الصنعية، وهي بنى حسابية مستوحاة من عمل الدماغ البشري، لتدريب أجهزة الكمبيوتر على تحليل ومعالجة البيانات بطريقة ذكية. 

يمكن للتعلم العميق أن يتعامل مع أنواع مختلفة من البيانات، مثل الصور والنصوص والصوت والفيديو، وأن يحقق نتائج دقيقة ومبتكرة في مجالات مثل التعرف على الوجوه والكلام واللغة الطبيعية والسيارات ذاتية القيادة وغيرها.

التعلم العميق يستخدم خوارزميات مختلفة لبناء وتدريب الشبكات العصبية، مثل الشبكات التلافيفية (CNNs) والشبكات المتكررة (RNNs) والشبكات الخصومة التوليدية (GANs) وغيرها، كل خوارزمية لها خصائصها وتطبيقاتها المناسبة.

الذكاء الصنعي التوليدي

تقنيات معالجة الصور والصوت

تقنيات معالجة الصور والصوت في الذكاء التوليدي هي تقنيات تستخدم الشبكات العصبية الصنعية لإنشاء بيانات جديدة تحاكي البيانات الأصلية، سواء كانت صور أو صوتا.

هذه التقنيات تعتمد على تدريب نماذج الذكاء التوليدي على مجموعات كبيرة من البيانات الموجودة، مثل صور الأشخاص أو الموسيقى أو الأصوات، ومن ثم استخدامها لتوليد بيانات جديدة تشبهها، ولكن ليست موجودة في الحقيقة، وهناك بعض الأمثلة على تقنيات معالجة الصور والصوت في الذكاء التوليدي مثل.

شبكات الخصومة التوليدية (GANs)، وهي نوع من الشبكات العصبية التي تتألف من مولد (generator) ومميز (discriminator)، يقوم المولد بإنشاء بيانات جديدة، مثل صور أو صوت، ويقوم المميز بتحديد مدى واقعية هذه البيانات، يتنافس المولد والمميز في لعبة ذكاء صنعية، حيث يحاول المولد خداع المميز بإنتاج بيانات واقعية، ويحاول المميز كشف المزيف من الحقيقي.

تحسين أداء كلا الطرفين يتم من خلال التعلم من خطأهما، تستخدم شبكات الخصومة التوليدية في تطبيقات مثل إنشاء صور لأشخاص لا وجود لهم في الحقيقة، أو تحسين جودة الصور، أو تغيير سمات الصور، مثل اللون أو الإضاءة أو التعبير.

شبكات الترميز التوليدية (GCNs)، وهي نوع من الشبكات العصبية المتكررة (RNNs) التي تستخدم لإنشاء بيانات زمنية، مثل صوت أو موسيقى، تعمل شبكات الترميز التوليدية على تحويل البيانات الزمنية إلى متجهات ذات أبعاد منخفضة، تسمى رموز (codes)، ثم إعادة تحويل هذه الرموز إلى بيانات زمنية جديدة. 

شبكات الترميز التوليدية تستخدم في تطبيقات مثل إنشاء صوت جديد لشخصية رسوم متحركة، أو إنشاء مقطع موسيقي جديد من نوع معين، أو تحسين جودة الصوت أو الموسيقى.

شبكات الترجمة التوليدية (GTNs)، وهي نوع من الشبكات العصبية التلافيفية (CNNs) التي تستخدم لترجمة بيانات من نوع إلى آخر، مثل صور إلى نص، أو نص إلى صور، أو صور إلى صور. 

شبكات الترجمة التوليدية تستخدم في تطبيقات مثل إنشاء شرح نصي لصورة، أو إنشاء رسم كارتوني لصورة شخص، أو إنشاء صورة لطائر من وصف نصي.

تقنيات اللغة الطبيعية (Natural Language Processing)

هي تقنيات تستخدم الذكاء الصنعي والتعلم الآلي واللغويات لتمكين أجهزة الكمبيوتر من فهم ومعالجة وإنشاء اللغة البشرية. 

تقنيات اللغة الطبيعية لديها تطبيقات عديدة في مجالات مثل الترجمة الآلية، والتحليل النصي، والتعرف على الكلام، والتوليد النصي، والتحليل العاطفي، والتفاعل بين الإنسان والآلة. تقنيات اللغة الطبيعية تستخدم خوارزميات مختلفة لتحويل النص أو الصوت إلى متجهات رقمية يمكن لأجهزة الكمبيوتر التعامل معها، واستخلاص المعاني والمفاهيم من هذه المتجهات، وإنشاء نص أو صوت جديد يحاكي اللغة البشرية.

تقنيات تحليل البيانات الكبيرة (Big Data Analytics)

هي تقنيات تستخدم لتحليل مجموعات بيانات ضخمة ومتنوعة، المهيكلة وغير المهيكلة وشبه المهيكلة، التي تتضمن البيانات المنشأة من مصادر مختلفة وبأحجام كبيرة. 

هذه التقنيات تساعد على اكتشاف الأنماط والاتجاهات والعلاقات في البيانات، وتوفير رؤى قابلة للتنفيذ لدعم اتخاذ القرارات وحل المشكلات.

بعض الأدوات والتقنيات التي تستخدم لتحليل البيانات الكبيرة هي.

  • Hadoop

 هي منصة برمجية مفتوحة المصدر مكتوبة بلغة الجافا لتخزين ومعالجة البيانات الضخمة بشكل موزع على عدة أجهزة.

  • MapReduce

هو نموذج برمجي يسمح بتقسيم عملية معالجة البيانات إلى مهام صغيرة يمكن تنفيذها بشكل مواز على عدة عُقد.

  • GridGain

هو نظام حوسبة موزع يستخدم الذاكرة لتسريع معالجة البيانات الكبيرة.

  • HPCC

هو نظام حوسبة كبير البيانات يستخدم نظام ملفات خاص به 

يسمى “Logical File System” لتخزين وإدارة البيانات.

  • Storm 

هو نظام حوسبة موزع يستخدم لمعالجة تدفقات البيانات في الوقت الحقيقي.

  • Cassandra

هو نظام إدارة قاعدة بيانات موزع يستخدم لتخزين واسترجاع البيانات المهيكلة وشبه المهيكلة.

تطبيق الذكاء التوليدي على الواقع

الذكاء الصنعي التوليدي تم تطبيقه على أرض الواقع من خلال عدة مواقع لإنشاء أو توليد محتوى جديد بشكل ذاتي، مثل نصوص أو صور أو موسيقى أو فيديو، باستخدام البيانات المتاحة والتعلم الآلي، إليكم بعض الأمثلة عن الذكاء الصنعي التوليدي هي.

“ChatGPT”

هو تطبيق محادثة يستخدم نموذج “GPT-3” من شركة “OpenAI” لإنشاء ردود طبيعية ومقنعة على رسائل المستخدمين، يمكن للمستخدمين التحدث مع “ChatGPT” عن أي موضوع والحصول على إجابات ذكية أو مضحكة أو مفيدة.

“Bard”

هو تطبيق يستخدم نموذج “LAMBDA” من شركة “جوجل” لإنشاء قصائد وأغاني وقصص باللغة الإنجليزية، يمكن للمستخدمين إعطاء “Bard” بعض الكلمات أو الأفكار أو الأساليب، وسيقوم بتوليد محتوى إبداعي يتناسب معها.

“Dall-E”

هو تطبيق يستخدم نموذج “DALL-E” من شركة “OpenAI” لإنشاء صور واقعية أو خيالية من وصف نصي، يمكن للمستخدمين كتابة أي جملة تصف شيئًا ما وسيقوم “Dall-E” بتوليد صور متعددة تحاول تصوره.

الذكاء الصنعي التوليدي

الفرق بين الذكاء الصنعي التوليدي والتقليدي

الذكاء الصنعي التقليدي (Traditional AI)، يعتمد على القواعد البرمجية الثابتة والمنطقية لحل المشاكل، ويستخدم أساليب التحليل الإحصائي والتعلم الآلي التقليدية مثل تحليل البيانات، وتقنيات الشبكات العصبية وتعلم الآلة البسيطة.

أما الذكاء الصنعي التوليدي (Generative AI)، فيعتمد على القدرة على إنتاج أشياء جديدة مثل الصور والصوت والنصوص، عوضا عن حل مشكلة محددة، ويعتمد على تقنيات التعلم العميق والشبكات العصبية التوليدية وغيرها من التقنيات الحديثة في معالجة الصور والصوت.

علاوة على ذلك، يمكن أن يستخدم الذكاء الصنعي التوليدي في توليد نماذج مختلفة للعالم الحقيقي، وإنتاج محتوى إبداعي مثل الأعمال الفنية والأفلام والموسيقى، وتحسين تجربة المستخدمين في الألعاب الإلكترونية والتطبيقات الذكية وغيرها.

يمكن القول إن الذكاء الصنعي التوليدي يمثل خطوة نحو إنتاج أنظمة ذكية قادرة على إنتاج محتوى جديد وإبداعي ومفيد في المستقبل، بينما الذكاء الصنعي التقليدي يتمحور حول حل المشكلات المحددة بشكل رئيسي.

قد يهمك: ما جديد “GPT-4” عن “ChatGPT”؟

مستقبل مشرق

بإيجاز، يمكن القول إن الذكاء الصنعي التوليدي يُعد تطورا مهما في عالم التكنولوجيا الذي يساهم في تحويل الأفكار إلى واقع ملموس، حيث يمتلك هذا النوع من الذكاء الصنعي القدرة على إنتاج محتوى جديد كليا وإبداعي، وتوليد الصور والصوت والنصوص بشكل يشبه الإنسانية، ومن خلال استخدام تقنيات التعلم العميق والشبكات العصبية التوليدية، يتم تعزيز هذا النوع من الذكاء الصنعي وتطويره على نحو مستمر.

بالنظر إلى الاتجاه الحالي للتكنولوجيا وتطور الذكاء الصنعي التوليدي، فإنه يمكن التوقع بأن هذا النوع من الذكاء الصنعي سيساعد على حل العديد من المشاكل العملية، بما في ذلك تحسين تجربة المستخدمين وزيادة الكفاءة في عمليات الإنتاج وتطوير الأعمال الفنية والإبداعية، ولذلك، فإن الاستثمار في هذا المجال سيكون له تأثير كبير في تطوير الاقتصاد والمجتمعات بشكل عام.

أخيرا، يجب علينا أن نتذكر أن الذكاء الصنعي التوليدي يعد أداة مفيدة تماما كأي أداة أخرى، ولا يمكن الاستغناء عن الإنسان ودوره الأساسي في تحديد الأهداف وتوجيه هذه التقنية بما يخدم المجتمع والإنسانية بشكل عام.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
5 1 صوت
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات