نظارة “Vision Pro” من “أبل”.. الابتكار الأهم في عالم “الميتافيرس”؟

نظارة “Vision Pro” من “أبل”.. الابتكار الأهم في عالم “الميتافيرس”؟
استمع إلى المقال

“أبل” كشفت عن أحد أكثر منتجاتها إنتظارا في الآونة الأخيرة، وهي نظارة الواقع الافتراضي الجديدة التي أطلقت عليها الشركة “Vision Pro”، ورغم أن الشائعات عن هذه النظارة كانت كثيرة في الآونة الأخيرة، إلا أن ما رأيناه أبهر الجميع. 

الإعلان جاء بطريقة تشبه الإعلان عن أهم المنتجات من “أبل”، إذ خرج تيم كوك المدير التنفيذي للشركة في آخر لحظات المؤتمر قائلا، “هناك إعلان واحد آخر”، وهي الطريقة ذاتها التي اعتمد عليها الراحل ستيف جوبز في الكشف عن المنتجات الهامة للشركة مثل “آيباد” وحتى “آيفون”، وبعيدا عن أهمية المنتج للشركة، فهو يعد النقلة الأكبر في عالم الواقع الافتراضي وقد يغير شكل هذا القطاع إلى الأبد، ولكن كيف ذلك. 

خليط ناجح 

نقطة التفوق التي تجعل هذه النظارة مختلفة كثيرا عن غيرها من خوذ الواقع الافتراضي ونظاراته هو المزيج الفريد من نوعه في المواصفات والمزايا الذي تمكنت “أبل” إضافته إليها، بدءا من تصميم النظارة المريح وحتى المواد المستخدمة فيها وأخيرا نظام “Vision OS” الجديد الذي تعتمد عليه النظارة بشكل رئيسي. 

تصميم النظارة اعتمد على سوار مصنوع من المواد ذاتها المستخدمة في صناعة أساور ساعة “Watch Ultra” الأفخم من الشركة، وهي المواد التي أثبتت نجاحها مع الاستخدام لفترات طويلة، وذلك حتى لا يشعر المستخدم بأنه منزعج من طريقة ارتداء النظارة لفترات طويلة، كما زوّدت بأزرار مغناطيسية لإحكام الإغلاق لتتناسب مع أحجام الرؤوس المختلفة، ثم يأتي بعد ذلك تصميم العدسات أو واجهة النظارة ذاتها، وهي الواجهة التي اقتبست “أبل” فيها تصميم نظارات التزلج الجليدي، وذلك لأنها تغطي العينين بشكل كامل ومريحة للاستخدام لفترات طويلة، حتى أن كابل الشحن الخاص بالنظارة جاء مصمما بطريقة تضمن راحة المستخدم وسهولة إزالته في أى وقت ترغب في ذلك. 

“أبل” اهتمت بجانب آخر أهملته جميع شركات صناعة نظارات الواقع الافتراضي، وهو طريقة استخدام النظارة مع من يستخدمون النظارات الطبية، إذ كان يعاني هؤلاء كثيرا عند استخدام نظارات الواقع الافتراضي المعتادة ويحتاجون إلى خلع نظاراتهم الطبية، ولكن “أبل” تعاونت مع “Zeiss” رائدة صناعة النظارات حتى تستطيع صنع عدسات طبية مخصوصة لهم، ويتم تثبيت هذه العدسات بطريقة مغناطيسية فوق شاشات النظارة الرئيسية لضمان راحة المستخدم القصوى. 

الانتقال إلى العتاد الذي قررت “أبل” استخدامه يعزز هذه الفرضية، إذ إن الشركة أضافت أقوى عتاد تمتلكه في النظارة حتى توفر تجربة استخدام لا مثيل لها، وذلك بدءا من معالج “M2” الذي تعتمد عليه الشركة في حواسيبها المحمولة والمكتبية على حد سواء، ثم استخدام شاشتين “Micro-OLED” بدقة تتجاوز 4K في الشاشة الواحدة ومعايرة هذه الشاشات بالطريقة ذاتها التي تستخدمها مع شاشات “Display XDR” المكتبية الرائدة، وهو الأمر الذي أنتج أكثر من 23 مليون بيكسل مضيء بدقة ألوان غير معهودة إلى جانب مكبرات الصوت الخارجية التي تعتمد على تقنية الصوت المحيطي ذات الجودة المعروفة من “أبل” والموجودة في سماعات “Airpods Max” الرائدة أيضا مع خليط من 23 مستشعر مختلف لالتقاط حركة العين والحركة خارج النظارة. 

تجربة “Vision Pro” الفريدة من نوعها

نظارة “Vision Pro” لم تصدر بعد، لذلك لا يمكن الجزم بالتجربة النهائية للنظارة رغم أن الكثير من الصحفيين التقنين تمكنوا من اختبار النظارة مباشرة بعد الحدث، ولكن هذه النسخ من النظارة كانت مصنوعة بعناية من “أبل” ولا يمكن استخدامها كمقياس للنسخ التجارية. 

كل من جرّب النظارة أجمع على نقطة رئيسية واحدة، وهي سهولة الاستخدام وبساطته، إذ لن تشعر بأنك في حاجة إلى تدريب خاص أو معدات خاصة لتتمكن من الاستمتاع بالنظارة، كل ما عليك فعله هو وضع النظارة فوق عينيك والبدء بالاستمتاع. 

التحكم في النظارة يتم عبر مستشعرات العين ومستشعرات الحركة الخارجية دون وجود أي وحدات تحكم خارجية، وهو الأمر الذي يجعل عملية التحكم فيها بسيطة وسهلة للغاية، وأكد البعض على جودة تتبع العين الموجود في النظارة مثل “MKBHD” الخبير التقني المعروف قائلا بأنها تبدو مستقبلية للغاية

نظام تشغيل النظارة أيضا يضيف إلى تجربة الاستخدام الفريدة من نوعها، إذ إن النظام يبدو مثل أنظمة الهواتف المحمولة وأجهزة “أبل” الأخرى ولكن تم تطويعه ليعمل مع النظارة بشكل جيد وهذا أنتج تجربة أقوى من مجرد نقل النظام إلى النظارة. 

تطويع النظام ليعمل بشكل جيد مع أي جهاز هي نقطة قوة تمتلكها “أبل” منذ البداية مع مختلف أجهزتها بدءا من الهواتف المحمولة وحتى الأجهزة الذكية الأخرى، ومن المتوقع أن تستخدم هذه الخبرة في تقديم نظام رائد للمنتج الأغلى لديها. 

فكرة مشاهدة الأفلام السينمائية أو حتى استخدام التطبيقات على شاشة كبيرة ونقل شاشة الحاسوب إلى شيء أكبر حجما ليس جديدا عن نظارات الواقع الافتراضي، ولكن الجديد هو تطويع هذه التطبيقات والبرمجيات حتى تعمل بشكل جيد، وبشكل يشبه ما حدث مع أجهزة “آيباد” في بداية ظهورها، فإن تطبيقات “أبل” التي تطورها لذاتها ستكون أكثر كفاءة وجودة في العمل على النظارة بعكس التطبيقات الخارجية التي قد تستغرق بعض الوقت حتى يتم تطويرها بشكل يتناسب مع نظام النظارة. 

مدخل سهل إلى “الميتافيرس” 

تقنيات الـ “ميتافيرس” ظلت بعيدة عن المستخدمين المعتادين الذين لا يمتلكون خبرة كبيرة في عالم الحواسيب والتقنية، وذلك لأن متطلباتها كانت كثيرة وكانت تحتاج إلى خبرة معينة حتى تتمكن من إدارة العتاد المطلوب لها، إذ كنت تحتاج في الماضي لاقتناء حاسوب قوي ثم مجموعة تطبيقات تدعم هذه التقنية وأخيرا نظارة الواقع الافتراضي التي لم يكن تركيبها واستخدامها سهلا. 

“أبل” سهلّت هذه العملية بشكل غير مسبوق، إذ لن تحتاج إلا نظارة “Vision Pro” واتصال جيد بالإنترنت ومنفذ كهرباء إلى جوارك فقط، وبعد ذلك يمكنك البدء في رحلة العوالم الافتراضية كما ترغب. 

سهولة استخدام النظارة ودخول عالم الـ “ميتافيرس” يشكلان قبلة الحياة التي تحتاجها هذه التقنية حتى تصبح رائجة ويمكن استخدامها بشكل كثيف، ورغم سعر النظارة المرتفع (3500 دولار) الذي سيبعد الكثير من المستخدمين عنها، إلا أن من يستطيع شراء النظارة سيكون العميل المثالي لجميع الشركات التي تهتم بتقنيات العالم الافتراضي. 

من المتوقع أن تطلق “أبل” مستقبلا نظارات أخرى أقل سعرا، ولكن هذا الأمر لن يتم حتى تنتشر التقنية أكثر ويصبح من السهل تطويرها وتحصد “أبل” ثمار أبحاثها في تطوير النظارة، وهو الأمر الذي قد يستغرق 5 سنوات أخرى حتى نراه. 

للمستثمرين رأي آخر 

هناك جزء آخر من متابعي “أبل” لا يمكن الاستهانة به، وهم من يمتلكون أسهم الشركة في البورصة، ورغم أن هؤلاء في العادة لا تكون لهم ردة فعل مباشرة، إلا أن الوضع في هذا المؤتمر اختلف كثيرا، إذ تفاعل المستثمرون مع المؤتمر طيلة الوقت. 

في البداية، وعندما أوشك المؤتمر على الانتهاء دون الكشف عن النظارة، بدأت أسهم الشركة في الانخفاض قليلا وصل إلى  1.48  بالمئة من قيمة السهم، إذ افتتحت “أبل” اليوم عند قيمة 181 دولار للسهم، ومع تأخر الإعلان عن النظارة انخفضت إلى 178 دولار، وبعد ذلك ارتفعت قليلا إلى 179. 

المحللون في “ياهو للأوراق المالية” يرون أن هذا الإنخفاض بسبب فقدان الثقة في المنتج وفي الجمهور الموجه إليه، ذلك بسبب سعر المنتج أولا وثانيا تأخر إطلاقه وكونه إطلاقا محدودا في الولايات المتحدة فقط دون بقية دول العالم. 

هذا لا يعني أن المستثمرين لا يظنون بأن نظارة “Vision Pro’ سوف تنجح، ولكنه يشير إلى تغير رأيهم في قوة سهم الشركة وحجم مبيعات الشركة، وهو الأمر الذي كان واضحا في السعر الافتتاحي للسهم قبل أن يبدأ المؤتمر وفي سعر الإغلاق أيضا. 

ختاما، الحكم على نظارة “Vision Pro” من “أبل” الآن غير ممكن لعدة أسباب مختلفة، ولكن إن صدقت الشركة وقدمت المنتج الذي وعدت به مع جميع المزايا التي وعدت بها، فإن هذا ينبأ بدخول عصر “الميتافيرس” الحقيقي. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات