استمع إلى المقال

في السنوات الأخيرة، لاحظنا أن تقنية العرض الحديثة في الشاشات ذاتِ معدّل الإنعاش المرتفع قد ساهمت بقوة في إضافة الكثير من المُتعة والسلاسة على هواتف أندرويد الذكية من الفئة المتوسطة والرائدة، عبر توفير راحة أكبر في الاستخدام خاصة أثناء ممارسة الألعاب ومشاهدة الفيديو، إضافةً إلى سرعة الأداء أثناء التّمرير والتّنقل بين النوافذ والتّصفح عبر الويب.

ورغم أن معدل الإنعاش (60 هيرتز )ما زال منتشرًا في معظم الهواتف الذكية، إلا أنّ الهواتف ذات المعدّلات الأعلى التي تستخدمُ معدل إنعاش (90 وحتى 120 هيرتز) استطاعت خطف إعجاب المستخدمين مع التّمرير الأكثر سلاسة والأداء المميز.

فمثلًا نجد هواتف ذكية رائدة مثل آيفون 12 (iPhone 12) مازال يستخدم معدل إنعاش 60 هيرتز، ولكن بمقارنة الشاشة بينه وبين هاتف سامسونج جالكسي اس 21 (Samsung Galaxy S21 5G) الذي يوفر معدل إنعاش 120 هيرتز، سوف نلاحظ الفرق الكبير والجودة الرهيبة بين الطرفيْن، فالاختلاف بين الشاشتيْن ملموس وغير قابل للإنكار أبدًا.

وبناءً على ذلك، نجد العديد من الشركات المُصنّعة للهواتف تحرص على توفير معدل إنعاش مرتفع حتى مع هواتفها ذات الفئة المتوسطة مثل (Galaxy A52 5G) من سامسونج، لكن يُقال أن (الجمال لا يصل حدّ الكمال)، فقد ظهر جليًا للجميع أن تقنية عرض الشاشة المتطورة بمعدلات الإنعاش العالية لها سلبية واضحة وهي الاستهلاك الكبير للطاقة.

حيث إن شاشات العرض بمعدل إنعاش 120 هيرتز متعطشة جدًا للطاقة بشكلٍ سريع في الاستهلاك وخصوصاً عند التشغيل بدقة QHD بلس، وبالتالي كان لا بُدَّ من حل لتحسين العرض مع توفير الطاقة، وهنا فقط برز الدور المثالي لتقنية عرض جديدة هي تقنية عرض LTPO .

إذْ إن الشاشات التي تدعم تقنية LTPO توفّر لك الحصول على معدّل إنعاشٍ عالٍ مع دقة عالية وبأقل درجة امتصاص للطاقة، بحيث لا يتحول الهاتف الذكي إلى جهاز يمتص طاقة البطارية بشراهة دون توقّف، فكانت هذه التقنية ملاذًا للشركات المُصنِّعة للهواتف، وقد أصبحت تقنية شائعة بشكل متزايد في هواتف أندرويد لعام 2021.

ومن الطبيعي أن يتبادر إلى الأذهان فورًا عدّة أسئلة أبرزها :

  • ما هي طبيعية تقنية LTPO وما معنى المصطلح نفسه ؟
  • ما هي الحاجة لهذا التقنية وعلى ماذا تحتوي؟

وسوف نجيب هنا عن التساؤلات والاستفهامات كي تكون الصورة واضحة لمستخدمي الهواتف الذكية.

بدأت فكرة تطوير الشاشات بـ تقنية LTPO بهدفٍ واحد في غاية الأهمية، وهو القدرة على تحسين أداء الشاشات ذات معدّلات الإنعاش العالية دون الوقوعِ في مشاكل التأثر بمعدل استهلاك الطاقة (البطارية).

أوّلُ هاتفٍ يستخدم تقنية LTPO

ظهرت لأول مرة شاشة بتقنية LTPO على هاتف سامسونج جالكسي نوت 20 الترا (Galaxy Note 20 Ultra)، قبل أن تنتشر هذه التقنية إلى شاشات العديد من الهواتف الرائدة الأخرى، ومنها سلسلة هواتف سامسونج جالكسي اس 21، وحتى من غير سامسونج نجد هناك هواتف شركات أخرى مثل ون بلس وأوبو، منها هاتف OnePlus 9 Pro وهاتف Oppo Find X3 Pro على سبيل المثال.

مصدر الصورة موقع سامسونج

ومن الواضح بكل تأكيد أن تكلفة هذه التقنية عالية، تجعل الشاشات مُكلِفة أكثر، وبالتالي نرى تواجدها في الهواتف الرائدة أكثر (الفلاغ شيب) لجميع الشركات المُصنِّعة للهواتف.

وبالحديث عن مصطلح LTPO، فهو عبارة عن حروف مختصرة لعبارة من أربع كلمات هي: (low-temperature Polycrystalline oxide) ومعناها بكل باختصار= أكسيد متعدد البلورات منخفض الحرارة، حيث باللاتينية كلمة بولي Poly تعني عديد أو متعدّد، وكريستال تعني بلورة.

والهدف الأساسي من هذه التقنية في الشاشات أن تسمح للشاشة بتغيير معدّلات الإنعاش بشكل ديناميكي تلقائي دون الحاجة لوجود أيّ أجهزة أخرى في الهاتف، وحتى دون الاضطرار إلى وجود متحكّم خاص بشاشة العرض في وحدة المعالجة الرّسومية أو في هاردوير الهاتف الداخلي.

وتقوم هذه التقنية بشكل تلقائي بتغيير معدّلات الإنعاش حسب الحاجة أو بناءً على الاستخدام، بمعنى أنه عندما تكتشف الشاشة عدم الحاجة لمعدّلات إنعاش عالية، ستقوم تلقائيًا وبدون تدخل منك بـ تقليل معدلات الإنعاش إلى مستوى أقل لتوفير شحن البطارية.

ولم تكن شركة آبل بعيدةً تمامًا عن هذه التقنية، حيث استطاعت أن تعمل على تطويرها بنفسها وقدّمتها مع شاشة ساعتها الذكية (آبل واتش Watch Series 5)، حيث ساعدت الشاشة على تقليل معدلات الإنعاش من 60 إلى 1 هيرتز وذلك للمحافظة على عمر البطارية للساعة الذكية، ما يعني القدرة على استخدام ساعة Watch Series 5 لأطول فترة زمنية ممكنة، كما تم استخدامها أيضًا في سلسلة أجهزة آيفون 13 (iPhone 13).

مصدر الصورة: macrumors.com

وحاليًا، أصبح هناك العديد من الهواتف الذكية التي تحتوي على شاشة OLED تستخدم تقنية LTPS TFT فقط.
ومصطلح LTPS هو كذلك اختصار لعبارة (low-temperature polycrystalline silicon)، والتي بدورها تعني باللغة العربية “السيليكون متعدد البلورات منخفض الحرارة”، بحيث يتم الاعتماد على هذه البلورات من أجل بناء الترانزستور الموجود في لوحة العَرض الخلفية للشاشة.

والجدير بالذكر أن هذه التقنية كانت مُهمّة لتقليل المكونات اللازمة لتشغيل شاشة العرض، وعملت على توفير استهلاك الطاقة بنسبة تقارب من 20 إلى 30 بالمائة مقارنةً بالهواتف الذكية التي تحتوي على شاشة عرض LCD IPS .

إلا أن الفارق هنا، أن شاشات لم تسمح بتغيير معدّلات الإنعاش ديناميكيًا إلا في وجود مكونات هاردوير إضافية (متحكم العرض Display Controller)، مثلما حصل مع هواتف كثيرة من بينها وأشهرها ون بلس 8 برو (OnePlus 8) Pro و أوبو فايند إكس 2 (Oppo Find X2)، حيث أصبح بالإمكان تبديل معدّل الإنعاش من 120 هيرتز إلى 60 هيرتز، ولا يمكن تقليل معدل الإمعاش ديناميكيًا إلا بهذا الشكل، حيث لا يمكن تقليله ما دون 60 هيرتز .

وبالعودة إلى شاشات عرض LTPO، فهي تحتوي على خليط مزيج من لوحات عرض LTPS TFT (التي تقوم بعملية تبديل معدلات الإنعاش) مع ترانزيستور مصنوع من مادة كيميائية IGZO (عبارة عن أوكسيد الزنك الغاليوم الإنديوم)، بحيث حرف G يرمز للغاليوم وحرف I يرمز للإنديوم، والغرض منه هو التحكم في لوحة العرض، وكانت هذه الطريقة الوحيدة للحصول على شاشات أكثر كفاءة، وبالتالي أصبح من الممكن تبديل معدّلات الإنعاش الخاصة بنظام العرض بشكل ديناميكي دون الحاجة إلى وجود مكوّن إضافي.

وأخيراً وجب التنويه لنقطة متبقية وهي أنه يوجد اختلاف في الحجم بين الترانزستور من نوعIGZO TFT والترانزستور الآخر LTPS TFT ، حيث أن الأول أكبر في الحجم من الثاني.

وبالتالي، فإن هذا يعني أن وجوده سوف يسبب زيادة في حجم الشاشة، وبالتبعية كذلك فإنه سوف يسبب زيادة في سماكة الهاتف.

وهذا الأمر غير مرغوب فيه لدى المستخدمين، الأمر الذي استدعى الشركات المُصنِّعة لهواتف الأندرويد الذكية (مثل سامسونج و ون بلس) أن تعمل على إيجاد طريقتها الخاصة لاستخدام التقنية المتطوّرة دون أن يكون لها أي تأثير على الحجم الفعلي للشاشة.

فقد سبقت شركة سامسونج الجميع واستطاعت أن تطور تقنيتها الخاصة مع هاتفها الذكي جالكسي نوت 20، ولكن هذه التّقنية كانت عبارة عن لوحات عرض LTPO وأكسيد TFT، ثم تداركت سامسونج الأمر كما حدث مع السّلسلة الرّائدة الجديدة جالكسي اس 21 – S21 ، بعدما تمكّنت من تطوير لوحات عرض LTPO قادرة على توفير معدلات استهلاك الطاقة بنسبة 16% مقارنة بلوحة العرض المستخدمة في هاتف جالكسي نوت 20.

وقد ظهر ذلك أثناء مراجعاتِ هاتف جالكسي اس 21 الترا الذي يتمتع بشاشة كبيرة قياسها 6.8 إنش ودقّة عرض QHD+ وشدّة سطوع تبلغ 1300 شمعة.

كما أن الشيء ذاته قد حدث مع هاتف ون بلس 9 برو، إلا أن الشركة تمكّنت بالفعل أن تصلَ إلى التوازن الدقيق بين معدلات الإنعاش العالية التي يتمُّ ضبطها ديناميكياً من أجل تقليل استهلاك البطارية وتوفير عمرها وبالتالي إطالة العمر الافتراضي لها.

وحين تم اختبار الهاتف في ظروف مختلفة، جاء التأكد التام من أنّ معدل الإنعاش الثابت والمتغير متساويان تقريبًا في نفس فترة التشغيل الزمنية لعمر بطارية الهاتف، وهذا يعني أن هاتف ون بلس 9 برو في الحالتين سيكون قادراً على العمل لفترة طويلة تتعدى 10 ساعات كاملة من الاستخدام المستمر.

يذكر أن شركة ون بلس قد أطلقت مؤخرًا هاتف (OnePlus 10 Pro) بـ تقنية LTPO من الجيل الثاني، والتي تعني بأن الشاشة تدعم معدل تحديث متغير تبدأ من 1 هيرتز وصولًا إلى 120 هيرتز.

اقرأ أيضًا: أبرز ما جاء في CES2022.. الحدث الأكبر عالمياً للتقنيات الاستهلاكية

خلاصة الأمر:

أن هذه التقنية الحديثة المتطوّرة المسمّاة (تقنية عرض LTPO) هي من أبرز المزايا التي تسعى الشركات المُصنِّعة للهواتف إلى توفيرها، وذلك لأهمية دورها في زيادة معدل الإنعاش متزامنًا مع تقليل استهلاك الطاقة فيزداد العمر الافتراضي للبطارية.أيْ أن الهدف منها هو تحسين أداء الشاشات ذات معدّلات الإنعاش العالية دون الوقوع في مشاكل استهلاك الطاقة (البطارية).

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات