استمع إلى المقال

في عالم مليء بالمخترعين ورواد الأعمال الذين شكلوا مستقبل الابتكار والتقنية عبر التاريخ، نجد أن هناك أسماء تألقت بسطوة وتأثير فريد. أحد هذه الأسماء مارتن جويتز (Martin Goetz)، الذي ودّعنا عن عمر ناهز 93 عاما في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، لذا سنحاول من خلال هذا التقرير تقديم فرصة فريدة لاستكشاف حياة هذا الشخص الرائع وإسهاماته البارزة في مجال معالجة البراءات.

مارتن جويتز، الذي كان يُعتبر أحد رواد مجال معالجة البراءات وحقوق الملكية الفكرية، ترك لنا بصمة قوية في عالم الابتكار والملكية الفكرية، بدأت رحلته المهنية في عصر تميز بالتطور السريع للتكنولوجيا والابتكار، واستمرت هذه الرحلة لعقود عديدة.

بالنظر إلى الفصول الرائعة في حياة مارتن جويتز، سنتعرف على الإنسان الذي شجع على تطوير عمليات معالجة البراءات، وساهم في تحفيز الابتكار وتوجيهه، سنكتشف أيضا كيف أثر في العديد من الشركات والمخترعين على مر السنين من خلال إسهاماته في تشكيل مستقبل الابتكار.

من هو مارتن جويتز؟

مارتن جويتز هو اسم لا يمكن نسيانه في تاريخ البرمجيات، فهو أول من حصل على براءة اختراع للبرمجيات في العالم، وأول من قاد حملة قانونية ضد شركة “IBM”، وأول من أثبت أن البرمجيات هي منتج مستقل وثمين، لكن من هو مارتن جويتز، وكيف بدأت رحلته الاستثنائية.

ولد مارتن جويتز في 22 نيسان/أبريل 1930 في بروكلين، نيويورك، كان يحب الرياضيات والفيزياء منذ طفولته، ودرسها في مدرسة بروكلين التقنية الثانوية وكلية بروكلين وكلية مدينة نيويورك، تخرج من الجامعة في عام 1952، وبدأ حياته المهنية كمحلل نظم في شركة “IBM”.

في عام 1962، انضم جويتز إلى شركة “ADR” (Applied Data Research)، والتي كانت تقدم خدمات استشارية في مجال البرمجيات، في “ADR”، تولى جويتز مسؤولية تطوير برنامج “Autoflow”، والذي يعتبر عموما أول تطبيق برمجيات تجاري، “Autoflow” كان برنامجا يستخدم لإنشاء رسوم بيانية توضح تدفق البيانات والبرامج داخل الحاسوب.

في عام 1965، قام جويتز بتقديم طلب للحصول على براءة اختراع لخوارزمية فرز البيانات التي اخترعها لبرنامج “Autoflow”، وبعد خمس سنوات من المعارضة والجدل، حصل جويتز على أول براءة اختراع للبرمجيات في التاريخ، والتي تحمل رقم (3,380,029).

في عام 1969، رفع جويتز وشركة “ADR” دعوى قضائية ضد “IBM”، متهمين إياها بالإساءة إلى مكانة السوق بربط البرمجيات مع الأجهزة، هذه الدعوى أدت إلى تغير جذري في صناعة البرمجيات، حيث أجبرت “IBM” على فصل البرمجيات عن الأجهزة، وجعلت الصناعة أكثر إتاحة للشركات الصغيرة وتشجيع المنافسة والابتكار.

في عام 1979، انسحب جويتز من شركة “ADR”، وأصبح استشاريا مستقلا في مجال البرمجيات، كان يكتب مقالات، وكتب عن تاريخ ومستقبل البرمجيات، وكان يدافع عن حقوق الملكية الفكرية للمخترعين والشركات، كما كان يشارك في العديد من المؤتمرات والمنظمات المتعلقة بالبرمجيات،.

توفي مارتن جويتز في 10 تشرين الأول / أكتوبر 2023، عن عمر يناهز 93 عاما، تاركا وراءه إرثا عظيما كأحد رواد صناعة البرمجيات، وأحد الأسماء البارزة في تاريخ البرمجيات.

تأثير جويتز بتطوير براءات الاختراع

مجال معالجة البراءات هو مجال يهتم بحماية الحقوق القانونية للمخترعين والشركات على ابتكاراتهم ومنتجاتهم، هذا المجال يلعب دورا مهما في تشجيع الابتكار والتنافس في السوق، ويساهم في تحسين الاقتصاد والمجتمع، ولكن هذا المجال لم يكن دائما موجودا، بل كان نتيجة لسنوات من النضال والجدل بين المخترعين والشركات والحكومات، وفي هذا الصدد، كان مارتن جويتز إحدى الشخصيات الرئيسية التي ساهمت في تطوير هذا المجال، خاصة في مجال البرمجيات.

مارتن جويتز كما ذكرنا كان أول من حصل على براءة اختراع للبرمجيات في التاريخ، وذلك عام 1968، هذه البراءة اختراع كانت ثورية وقتئذ، حيث أثبتت أن البرمجيات هي منتج مستقل يستحق حماية الملكية الفكرية، كما أنها فتحت الباب أمام المزيد من المخترعين والشركات للاستثمار في صناعة البرمجيات.

مارتن جويتز ساهم أيضا في تطوير العمليات والتكنولوجيا المتعلقة بمجال معالجة البراءات، فهو كان يشارك في صياغة وإصلاح قوانين وسياسات الملكية الفكرية، وكان يدافع عن حقوق المخترعين والشركات في المحاكم والإعلام، كما كان يستخدم التقنيات المتطورة لإثبات صلاحية ابتكاراته وفحص ابتكارات الآخرين.

مارتن جويتز ترك بصمة راسخة في مجال معالجة البراءات، فهو أثر في العديد من الشركات والمخترعين الذين استفادوا من حماية حقوقهم وتحسين منتجاتهم، كما أثر في نمو وابتكار صناعة البرمجيات، التي حققت حوالي 610 مليار دولار عالميا في عام 2022.

مارتن جويتز هو مثال حي على كيف يمكن لشخص واحد أن يغير العالم بفكرة واحدة، فهو أول من أدرك قيمة البرمجيات، وأول من ناضل من أجل حمايتها، وأول من ساهم في تطويرها، فهو بحق أحد رواد مجال معالجة البراءات.

مواقف وآراء جويتز

كان لمارتن جويتز وجهة نظر ثاقبة ومتقدمة بشأن مسائل معالجة البراءات وحقوق الملكية الفكرية، كان من أبرز الداعمين لتبسيط الإجراءات وجعلها أكثر شفافية وفعالية، آمن بأهمية الحماية القانونية للابتكار، مع الاعتراف بأن هذه الحماية يجب أن تتوازن بشكل جيد مع حاجة المجتمع إلى الوصول إلى التكنولوجيا والمعرفة، واجه تحديات عديدة في محاولة تحقيق هذا التوازن، ولكنه استمر في الدعوة إلى تحسين نظام معالجة البراءات بما يخدم المخترعين والمبتكرين والجمهور على حد سواء.

من الجوائز والتقديرات التي حصل عليها مارتن جويتز على مر السنوات، نستطيع أن نذكر ما يلي.

  • جائزة إدغار ف، كود من جامعة كولومبيا في عام 1985: قدمت هذه الجائزة تقديرا رفيعا لإسهامات مارتن جويتز في تطور صناعة البرمجيات، تعكس هذه الجائزة الإعجاب بإبداعاته ودوره البارز في تشكيل مستقبل البرمجيات.
  • جائزة الإنجاز المتميز من معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات (IEEE) في عام 1994: حيث تم تقدير دوره الرائد في تطوير صناعة البرمجيات التجارية وإسهاماته الكبيرة في تقنيات الملكية الفكرية.
  • جائزة أفضل مقالة من مجلة IEEE Software في عام 2003: عن مقالته “The Origin of the Software Patent”، هذه الجائزة تعكس تقدير الصناعة لبحثه وتحليله المميز حول براءات البرمجيات.
  • تم تكريمه كأحد المبتكرين غير المشهورين من قبل مجلة “Computerworld” في عام 2007: تعترف هذه الجائزة بالمساهمات الهامة والابتكارات التي قام بها مارتن جويتز في مجال تكنولوجيا المعلومات.
  • تم اختياره كأحد أعضاء قاعة المشاهير لأجهزة الحاسوب الرئيسية في عام 2010: هذا التكريم يبرز الدور الكبير الذي لعبه مارتن جويتز في تطوير صناعة الحواسيب والبرمجيات.

تلك الجوائز والتقديرات تشير إلى التأثير البارز لمارتن جويتز على مجال تكنولوجيا المعلومات وحقوق الملكية الفكرية، وتعكس امتنان الصناعة والمجتمع لجهوده المستمرة وإسهاماته الاستثنائية.

فكرة واحدة غيرت العالم

في هذا التقرير، تعرفنا على شخصية مدهشة ومثيرة للاهتمام، وهو مارتن جويتز، والذي حصل على أول براءة اختراع للبرمجيات في التاريخ، تعرفنا على حياته وإنجازاته ودوره البارز في تطوير مجال معالجة البراءات، تعلمنا كيف أصبح جويتز أحد الأسماء البارزة في تاريخ البرمجيات، وكيف ساهم في تحويل هذه الصناعة من مجرد خدمة إلى منتج ثمين.

مارتن جويتز هو مثال حي على كيف يمكن لشخص واحد أن يغير العالم بفكرة واحدة، فهو أول من أدرك قيمة البرمجيات، وأول من ناضل من أجل حمايتها، وأول من ساهم في تطويرها، فهو بحق أحد رواد مجال معالجة البراءات.

إرث مارتن جويتز هو إرث عظيم ودائم، فهو يعيش في كل برنامج نستخدمه، وفي كل ابتكار نستفيد منه، وفي كل قانون يحمي حقوقنا، فهو يعيش في قلوب وعقول الملايين من المخترعين والشركات الذين يستمرون في إثراء صناعة البرمجيات بأفكارهم ومنتجاتهم، إن مارتن جويتز باقٍ في روح التقنية والابتكار، حيث يظل مصدر إلهام للأجيال الحالية والمستقبلية في رحلتها نحو بناء عالم يعتمد على العلم والتكنولوجيا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات