استمع إلى المقال

الحروب الإلكترونية تعد من أبرز التطورات التكنولوجية الحديثة في عالم الصراعات، حيث تأخذ هذه الحروب شكلا غير مرئي، وتتسم بالتأثيرات الكارثية على الأرض. إن تطور التكنولوجيا الرقمية والاتصالات قد غير بشكل جذري طبيعة الحروب التقليدية، حيث أصبحت الهجمات الإلكترونية أداة قوية تستخدمها الدول والمجموعات المسلحة لتحقيق أهدافها العسكرية والسياسية.

في شباط/فبراير من العام الماضي، شهدنا مثالا على ذلك عندما تعرض مزود خدمة الاتصالات الفضائية “Viasat” لهجوم إلكتروني إبان بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، مما أثر في خدمات الإنترنت والطاقة في أوروبا بشكل عام. هذه الحوادث تبرز ضعف نظم الاتصالات الفضائية والمخاطر المحتملة على الأمن القومي.

لكن هذه ليست حالة فريدة من نوعها، ففي نهاية حزيران/يونيو الماضي، تعرض مزود خدمة الاتصالات الفضائية الروسية “Dozor-Teleport”، الذي يخدم قطاعات حساسة مثل الجيش والأمن والطاقة، لهجوم إلكتروني أسفر عن توقف شبكته لساعات طويلة، وما زال حتى الآن يعاني من بطء في الأداء، وقد اتهمت مجموعة من القراصنة، تزعم ارتباطها بمجموعة “فاغنر”، وهي مجموعة خارجة عن القانون تابعة للجيش الروسي، بالوقوف وراء هذا الهجوم. وفي هذا التقرير، سنستعرض تفاصيل هذه القضية وآثارها.

تفاصيل الهجوم 

وفقا لتقارير إعلامية متنوعة، توقفت خدمة “Dozor-Teleport”، التي تخدم بين عملائها شركات الطاقة والجيش الروسيين، في ساعات الصباح المبكرة من يوم الخميس الماضي، ولا تزال الخدمة متوقفة حتى مساء يوم الجمعة في موسكو، إثر هجوم قراصنة مجموعة “فاغنر” التي تمردت مؤخرا على موسكو.

القمر الروسي

كما تأثرت “Amtel Svyaz”، الشركة التي تملك “Dozor” وتقدم خدمات الاتصالات الفضائية، بانقطاع في الخدمة قبل أن يتعرض “Dozor” للهجوم.

موقع “كوم نيوز” الروسي المتخصص في أخبار التكنولوجيا نقل عن المدير التنفيذي لـ “دوزور”، ألكسندر أنوسوف، قوله إن شركته تعتقد أنها تعرضت للاختراق عبر أحد مزودي الخدمة السحابية.

أنوسوف، أضاف “نحن نعمل على استعادة الخدمة، وقد استعدنا جزءا كبيرا منها، والجزء المتبقي سيستعاد حال توفر المعدات”.

بغض النظر عما إذا كانت “فاغنر” هي التي تقف وراء هذا الهجوم على القمر الروسي، فإن ذلك يشير إلى تصعيد جديد في الصراع داخل روسيا، سواء كان ذلك بإغلاق خطوط اتصال عسكرية رئيسية، أو باستخدام اسم “فاغنر” كغطاء لإثارة الفوضى، أو أن “فاغنر” لم تنته بعد من تنفيذ أعمالها الانتقامية.

مدى صحة الاتهام

القناة التابعة لمجموعة “فاغنر” على تطبيق “تيليجرام” لم تذكر الهجمات الإلكترونية حتى الآن، وفي السياق نفسه، كان خبير الأمن السيبراني والعلاقات الدولية أوليج شاكيروف يراقب الخرق، وقال عبر تغريدة على منصة “تويتر”، “تورط فاغنر غير مرجح بعد”.

بدلا من ذلك، يشتبه في أن الهجوم على “Dozor-Telepor” من عمل الجيش الأوكراني. وأضاف شاكيروف، “تم تشويه بعض المواقع الروسية على الأرجح نيابة عن فاغنر، ولكن مجددا يبدو هذا من عمل الأوكران”.

تقويض سلطة موسكو 

الهجوم الإلكتروني على القمر الروسي “Dozor-Teleport” يكشف عن نقطة ضعف خطيرة في نظام الاتصالات الفضائية الروسي، والذي يلعب دورا مهما في دعم قطاعات استراتيجية مثل الجيش والأمن والطاقة، فهو يوضح كيف يمكن للقراصنة استغلال الثغرات الأمنية والتقنية في هذا النظام لإحداث أضرار بالغة على البنية التحتية والخدمات الحيوية للدولة.

كما يطرح تساؤلات حول هوية المهاجمين وانتمائهم ودوافعهم وأهدافهم، هل هم جزء من مجموعة “فاغنر”، وإذا كان الأمر كذلك، فهل يعبرون عن رأيهم الخاص أو هل يهدفون إلى تقويض سلطة الحكومة الروسية أو تحدي سيادتها.

لا يزال هذا الهجوم محل تحقيق وتحليل، ولكن ما يجب أن ندركه هو أنه يشكل تحذيرا صارخا لروسيا والدول الأخرى لتولي أهمية قصوى لأمنها السيبراني وحماية نظمها الفضائية من أي اعتداءات مستقبلية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات