استمع إلى المقال

عملية فتح أي تطبيق أو موقع ويب لا على التعيين لا تتطلب منا سوى ضغطة زر بسيطة، ولكن ما يحدث فعليا هي سلسلة من العمليات غير المرئية دون علمنا، وهي صراع العشرات من شركات الإعلان على جذب انتباهنا، لو كان الأمر عائدا لهذه الشركات لوضعوا إعلاناتهم أمام مُقل أعيوننا على نحو مباشر.

هذه الإعلانات التي غالبا ما تُعرف باسم الإعلان الآلي، تُعد نشاطا تجاريا ضخما، حيث تم إنفاق 418 مليار دولار عليه عام 2021، ومن المتوقع أن يصل إنفاق هذا العام 2023 إلى أكثر من 557 مليار دولار أميركي.

لكن يجب التركيز على نقطة أساسية فيما يخص عالم الإعلانات، أن هذه الإعلانات دائما ما يتم استغلالها في الإساءة للمستخدم بشتى الطرق.

لذا دعونا نتحدث عن الجانب الآخر من الإعلانات أو ما يدعى الإعلانات المزيفة. من يقف وراء هذه الإعلانات، ومن تستهدف تحديدا، وهل الشركات الكبرى مثل “جوجل” و “ميتا” شريكة في هذا التزييف، وهل هناك تدابير يمكن إتباعها للحد ّمنها أو لحماية أنفسنا على أقل تقدير.

المصدر: Statista

أحدث تأثيرات الإعلانات المزيفة

قبل بضعة أيام كشف باحثو الأمن عن هجوم جديد واسع النطاق على النظام البيئي للإعلان عبر الإنترنت أثّر على ملايين الأشخاص، واحتال على مئات الشركات.

تم اكتشاف الهجوم، الذي أُطلق عليه اسم “Vastflux”، من قبل باحثين في شركة “HumanSecurity“، وهي شركة تركّز على النشاط الاحتيالي، إثر الهجوم على 11 مليون هاتف، حيث انتحل المهاجمون صفة 1700 تطبيق، واستهدفوا 120 ناشرا، وكان المهاجمون يقدّمون 12 مليار طلب للإعلانات يوميا.

ماريون حبيبي، عالمة البيانات في شركة “HumanSecurity” والباحثة الرئيسية في القضية، أوضحت أن لدى حصولها على النتائج لأول مرة بالنسبة لحجم الهجوم، كان علينا أن نتأكد من الأرقام مرات عديدة، إذ وصفت حبيبي الهجوم بأنه واحد من أكثر الهجمات تعقيدا التي شهدتها الشركة وأكبرها، وأضافت حبيبي، بأنه من الواضح أن الجهات الفاعلة كانت منظمة جيدا، وبُذلت جهودا كبيرة لتجنب اكتشافه، والتأكد من أن الهجوم سيستمر لأطول فترة ممكنة، لجني أكبر قدر ممكن من المال.

الإعلان عبر الإنترنت والهاتف المحمول هو عمل معقّد وغامض في كثير من الأحيان، لكنه يدر الكثير من المال للمشاركين، كل يوم يتم وضع مليارات الإعلانات على مواقع الويب والتطبيقات، وفي المقابل يدفع المعلنون أو شبكات الإعلانات مقابل عرض إعلاناتهم وكسب المال عندما ينقر الأشخاص عليها أو يشاهدونها، كل ذلك يحدث لدى فتح موقع إلكتروني أو تطبيق.

قد يهمك: التنمر الإلكتروني.. أضراره وسبل مواجهته

ما هي الإعلانات الوهمية؟

إنشاء الإعلانات المزيفة يتم بواسطة مجرمي الإنترنت بقصد انتحال شخصية علامة تجارية ما، والهدف الأول هي سرقة المعلومات الحساسة. هذه الإعلانات تحاكي العلامات التجارية الشهيرة باستخدام اسمها وشعارها المستخدم على أحد الإعلانات، مع إعادة توجيه المستهلك إلى مجال مزيف، يمكن أن تكون منصات الإعلانات هي “جوجل” و “فيسبوك” و “إنستجرام” والمزيد من المنصات التي تقوم بعرض الإعلانات.

إعلانات “جوجل” المزيفة

اسم “جوجل” قد يكون سببا في ثقة المستخدمين في الإعلانات الموجود على بحث “جوجل”، ولكن هذا الشي بعيد عن الحقيقة كل البعد، فهناك الكثير من الإعلانات المزيفة على صفحات الشركة، فبعض مجرمي الإنترنت يقومون بتزييف علامات تجارية لنشرها على منصة “جوجل” والشركة غير قادرة دائما على معرفة الإعلانات الحقيقة من المزيفة، إلا في حالات التبليغ.

لدى “جوجل” بعض العمليات الحالية لمحاولة منع المحتالين من الإعلان على نظامهم الأساسي، قد يطلبون من الناشر إثبات ملكية الشركة من خلال تقديم تفاصيل حول العمليات التجارية أو تحميل الوثائق.

لكن للأسف يمكن للمحتالين الذين يتجاوزون عمليات التحقق تلك أن ينشروا إعلاناتهم، ومن ثم سيتم إعادة توجيه العملاء غير المعروفين الذين ينقرون على الإعلان إلى صفحاتهم المنشودة، حيث يمكن سرقة بيانات اعتماد الدفع الخاصة بهم أو بيع سلع مزيفة.

الشركات الناشئة سريعة النمو والشركات الصغيرة هي الأكثر عرضة لهذه الهجمات، مقارنة بالشركات الضخمة مثل “أبل” على سبيل المثال، التي لديها علامات تجارية يسهل التعرف عليها ووضع علامات عليها.

تدابير الفيسبوك

بعد سلسلة من المشاكل، بما في ذلك فضيحة بيانات فيسبوك 2018 “كامبريدج أناليتيكا”، أصبح “فيسبوك” أكثر تقييدا من العديد من الشركات عبر الإنترنت عندما يتعلق الأمر بالإعلان الذي يمكن أن يضر بمستخدميه البالغ عددهم ما يقارب 2 مليار مستخدم في جميع أنحاء العالم.

على سبيل المثال يحظر “فيسبوك” إعلانات اللياقة البدنية والصحة التي تستخدم صور “قبل وبعد”، كما أنه يحجب الشعارات التي قد يكون لها انعكاسات على المظهر الشخصي لشخص ما.

كيف نتجنب الإعلان الكاذب؟

الإعلانات بشكل عام تم تصميمها لجعلنا نشتري شيئا ما، لهذا السبب يجب ألا تأخذ الأمور بمظاهرها أبدا، وأن نكون حريصين على عدم الوقوع فريسة لواحدة من العديد من المغالطات الإعلانية، الشعار المناسب هنا “فكر دائما قبل أن تتصرف”، من الضروري الحصول على القدر الكافي من المعلومات حول المنتج قبل التفكير في الشراء، ومن المؤكد بأننا لن نحصل على هذه المعلومات من أحد الإعلانات، لهذا السبب يُعد تصفح مراجعات العملاء أو شهادات المشترين مكانا ممتازا للبدء.

يجب علينا التحقق دائما مما إذا كان المعلن يبدو شرعيا، هل هي شركة فعلا، هل يحتوي على عنوان عمل أو تفاصيل اتصال بخلاف البريد الإلكتروني العام، هل موقعهم الإلكتروني غير مكتمل أم يفتقر إلى التفاصيل.

لا بد من تجنب أي شيء به أخطاء إذا كان الإعلان يحتوي على تنسيق غريب أو صور غريبة أو ذات جودة رديئة أو أخطاء إملائية أو نحوية.

معاينة عنوان URL الحقيقي يمكنك معرفة المكان الذي يتجه إليه ارتباط الويب دون النقر فوقه عن طريق تمرير الماوس فوقه فقط.

الحذر من الإعلانات التي تقدم ادعاءات مالية أو صحية لافتة للنظر، على سبيل المثال المنتجات التي من المفترض أن تقلل من خطر انتقال فيروس “كورونا”، والمشاريع التي ستساعد على الثراء على نحو سريع.

في حال مشاهدتنا لأي إعلان مزيف، يفضل دائما التبليغ عنه باستخدام الأدوات التي توفرها المنصة نفسها سواء “فيسبوك” و “جوجل” و “إنستجرام” ومنصات أخرى.

قد يهمك: “الهندسة الاجتماعية”.. مخاطرها والوقاية منها

الإعلانات المزيفة في عمليات البحث

هناك العديد من الإعلانات المزيفة التي تظهر في عمليات البحث. التعامل مع مثل هذا النوع يبدأ بالوعي، تحاول العديد من هذه الهجمات استغلال سلوك شائع جدا عبر الإنترنت، وهو البحث عن موقع ويب بالاسم عوضا عن إدخال عنوان URL الكامل الخاص به في شريط العناوين، لذا لابد من الاعتياد على كتابة رابط الموقع في متصفحاتنا عوضا عن البحث عنه، على سبيل المثال، عوضا عن كتابة “موقع إكسڤار”، وفي حال كنا نعلم الرابط علينا كتابة https://exvar.com/.

علينا أن نعتاد على عدم النقر فوق إعلانات البحث، إذا نظرنا إلى أسفل الإعلانات، سنجد نتائج البحث الحقيقية التي تم اختيارها وترتيبها لشعبيتها وفائدتها الفعلية، وإذا قمنا بتثبيت مانع الإعلانات في متصفحاتنا، فلن نرى أي إعلانات إطلاقا سواء كانت جيدة أو سيئة.

في حال قمنا بالضغط على إعلان مزيف

في حال قيامنا بالضغط على إعلان مزيف، بشكل مقصود أو غير مقصود هناك نصيحتان:

  • فحص جهاز الكمبيوتر الخاص بحثا عن الفيروسات والبرامج الضارة. هذا مهم سواء كان الجهاز يعمل بنظام “ويندوز” أو “ماك” أو أي نظام آخر، استخدام تطبيقات وبرامج فحص “Malware”، ستساعد على العثور على البرامج الضارة التي ربما نكون قد قمنا بتنزيلها ويقوم بعزلها.
  • تغيير كلمة مرور الخاصة بنا، من المحتمل أن يكون التصيد الاحتيالي للمجرمين للحصول على معلومات تسجيل الدخول هو الخطر الأول لمعظم الأشخاص عبر الإنترنت، الخطأ الأمني الذي يرتكبه العديد من الأشخاص هو إعادة استخدام كلمات المرور على مواقع وتطبيقات وخدمات مختلفة، تعتبر هذه من أسوأ الممارسات؛ لأنه إذا حصل المجرمون على إحدى كلمات مرورنا، فسيحاولون استخدامها للوصول إلى حساباتنا و بياناتنا الأخرى، وربما حتى الأموال في مكان آخر.

ماذا بعد؟

لا بدّ لنا أن نعي بأنه من المستحيل أن نشهد إنترنت بدون إعلانات، أو أن نتصفح الإنترنت دون ظهور الإعلانات، فهي العمود الفقري لأي عمل أو مشروع، وتساعد إلى حدّ بعيد في زيادة المبيعات والحفاظ على العلامات التجارية وتطورها، ومع التطور السريع لتكنولوجيا الإنترنت وظهور الإعلانات عبر الإنترنت، أصبح الإعلان أكثر قوة من أي وقت مضى.

في بعض الأحيان، تكون هذه الإعلانات الكاذبة غير ضارة، بينما في حالات أخرى، يمكن أن تكون ضارة للغاية، لذا لا بد من التعامل مع الإعلانات ككل بنفس الحذر والحرص، والابتعاد عنها قدر المستطاع، واتباع النصائح والممارسات التي ذكرناها أعلاه، لتجنب الوقوع في المشاكل في المستقبل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.