استمع إلى المقال

مع اقتراب عام 2021 من نهايته، وفي ظل التسارع الهائل في مجال تقنية المعلومات الذي يشهده العالم حتى في ظل وباء كورونا الذي يضرب جميع أنحاء العالم منذ مطلع عام 2020، قد يتساءل البعض ماذا يخبئ لنا عام 2022 من اتجاهات التقنية في هذه الصناعة المتسارعة؟

ولأنه “لا يُنبِّئك مثل خبير”، فإن واحدة من أبرز مؤسسات البحث العالمية في مجال تقنية المعلومات، وهي مؤسسة (جارتنر) Gartner، كانت عقدت خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي ندوة بعنوان Gartner IT / Xpo Americas، حيث استعرض نائب رئيس الأبحاث في المؤسسة (ديفيد جرومبريدج) أهم اتجاهات التقنية الإستراتيجية التي تحتاج المنظمات لاستكشافها في عام 2022.

ووفقًا للمؤسسة، فإن لدى الرؤساء التنفيذيين ثلاث أولويات لعام 2022، وهي: النمو، والرقمنة، والكفاء، ويضيف مدراء تقنية المعلومات قيمة إلى أولئك الذين لديهم عوامل القوة، والتقنية الإبداعية، والأساس القابل للتطوير.

وقال جرومبريدج إن الرؤساء التنفيذيين ومجالس الإدارة يسعون جاهدين للنمو وهم على استعداد للإنفاق على الاستثمارات الرقمية لإجراء اتصالات مباشرة مع العملاء. وأشار إلى الاتجاهات التقنية الـ 12 الأهم التي يمكنها تعزيز الجهود التنظيمية لتسريع النمو، وهندسة الثقة، وإحداث التغيير.

1. (الذكاء الاصطناعي التوليدي) Generative Artificial Intelligence

الذكاء الاصطناعي الجديد القادم إلى السوق هو (الذكاء الاصطناعي التوليدي) Generative Artificial Intelligence، وهو استخدام أساليب التعلم الآلي التي تتعرف على المحتوى أو الكائنات من بياناتها وتستخدمها لإنشاء عناصر واقعية جديدة ومبتكرة تمامًا.

وقال جرومبريدج إن معظم نماذج الذكاء الاصطناعي اليوم مدربة على استخلاص النتائج. ويتعلم الذكاء الاصطناعي التوليدي عن الأثر الفني من البيانات. وقال إنه يمكن أن يعطل العمليات الإبداعية في الهندسة، والتصنيع، والعمارة، والتصميم.

ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي بعدة طرق، ومن ذلك: إنشاء شفرة برمجية، وتحديد المنتجات الجديدة، وتسهيل تطوير الأدوية والتسويق المستهدف. ويمكن أيضًا إساءة استخدامها في عمليات الغش، والاحتيال، والتضليل السياسي، والهويات المزورة، وغير ذلك. وبحلول عام 2025، تتوقع جارتنر أن يمثل الذكاء الاصطناعي التوليدي 10% من جميع البيانات المنتجة، وذلك بالمقارنة مع النسبة الحالية التي لا تتجاوز 1%.

2. (نسيج البيانات) Data Fabric

وقال جرومبريدج إن عدد صوامع البيانات والتطبيقات قد ارتفع في العقد الماضي، في حين ظل عدد الموظفين المهرة في فرق البيانات والتحليلات ثابتًا أو حتى انخفض. وظهرت أنسجة البيانات – وهو تكامل مرن للبيانات عبر الأنظمة الأساسية والمستخدمين من قطاع المؤسسات – لتبسيط البنية التحتية لتكامل بيانات المؤسسات وإنشاء بنية قابلة للتطوير تقلل من الدين الفني الذي شوهد في معظم فرق التصميم والتحليل بسبب تحديات التكامل المتزايدة.

ووفقًا لجارتنر، تكمن القيمة الحقيقية لنسيج البيانات في قدرته على تحسين استخدام البيانات ديناميكيًا من خلال التحليلات المضمنة، وتقليل جهود إدارة البيانات بنسبة تصل إلى 70% وتسريع الوقت المستغرق مقارنة بالقيمة.

3. (المؤسسة الموزعة) Distributed Enterprise

مع ارتفاع أنماط العمل عن بعد، والعمل الهجين، تتطور المنظمات التقليدية التي تركز على المكاتب إلى مؤسسات موزعة تتألف من عمال موزعين جغرافيًا.

وقال جرومبريدج: “هذا يتطلب من مديري تقنية المعلومات إجراء تغييرات فنية وخدماتية كبيرة لتقديم تجارب عمل خالية من الاحتكاك، ولكن هناك جانبًا آخر لهذه العملة، وهو التأثير على نماذج الأعمال”.

وأضاف أنه يجب على كل منظمة إعادة تشكيل نموذج التسليم الخاص بها لاحتضان الخدمات الموزعة.

وتتوقع مؤسسة جارتنر أنه بحلول عام 2023، ستحقق 75% من المنظمات التي تستغل الفوائد الموزعة للمؤسسات نموًا في الإيرادات أسرع من المنافسين بنسبة 25%.

4. (منصات السحابة الأصلية) Cloud-native platforms:

لتقديم الإمكانات الرقمية حقًا في أي مكان وفي كل مكان، يجب على المؤسسات الابتعاد عن عمليات الترحيل التقليدية والتوجه نحو ما يُسمى (حماية السحابة الأصلية) Cloud Native Protection. وتستخدم (حماية السحابة الأصلية) القدرات الأساسية للحوسبة السحابية لتوفير إمكانات مرنة وقابلة للتطوير ذات صلة بتقنية المعلومات كخدمة لمنشئي التقنية الذين يستخدمون تقنيات الإنترنت، مما يوفر وقتًا أسرع للقيمة وخفض التكاليف.

وبالتالي، تتوقع مؤسسة جارتنر أن تكون منصات السحابة الأصلية بمثابة الأساس لأكثر من 95% من المبادرات الرقمية الجديدة بحلول عام 2025، وذلك مقارنةً بأقل من 40% في عام 2021.

5. (الأنظمة اللاإرادية) Autonomic Systems

قال جرومبريدج إن نمو المؤسسات لن يكون مصحوبًا بتوسع البرمجة التقليدية أو الأتمتة البسيطة. والأنظمة اللاإرادية هي أنظمة مادية أو برمجية ذاتية الإدارة تتعلم من بيئاتها. زيمكن للأنظمة اللاإرادية تعديل الخوارزميات الخاصة بها ديناميكيًا دون تحديث برامج خارجي، مما يمكنها من التكيف بسرعة مع الظروف الجديدة في هذا المجال.

وأضاف أن الأنظمة اللاإرادية ستصبح شائعة في الروبوتات، والطائرات المسيرة، وآلات التصنيع، والمساحات الذكية.

6. (ذكاء القرار) Decision Intelligence

ذكاء القرار هو نظام يُستخدم لتحسين عملية صنع القرار من خلال الفهم الواضح وهندسة كيفية اتخاذ القرارات وتقييم النتائج وإدارتها وتحسينها من خلال التغذية الراجعة. وتتوقع جارتنر أنه في العامين المقبلين سيستخدم ثلث المؤسسات الكبيرة ذكاء القرار لاتخاذ قرارات منظمة لتحسين الميزة التنافسية.

7. (التطبيقات القابلة للإنشاء) Composable applications

إن الطلب على قدرة المؤسسات على التكيف مطلوب في بيئة الأعمال التجارية المتغيرة باستمرار. وقال جرومبريدج إن هذا يتطلب بنية تقنية تدعم التغيير السريع والآمن والفعال للتطبيق. وقال إن بنية التطبيقات القابلة للإنشاء تمكن من هذه القدرة على التكيف، وسيتفوق أولئك الذين اعتمدوا نهجًا قابلًا للإنشاء على المنافسة بنسبة 80% في سرعة تنفيذ الميزات الجديدة.

8. (الأتمتة المفرطة) Hyperautomation:

وتعمل الأتمتة المفرطة على تمكين النمو المتسارع ومرونة الأعمال من خلال التعرف السريع على أكبر عدد ممكن من العمليات وفحصها وأتمتتها.

ويوضح بحث جارتنر أن فرق الأتمتة الفائقة الأعلى أداءً تركز على ثلاث أولويات رئيسية، وهي: تحسين جودة العمل، وتسريع العمليات التجارية، وتعزيز سرعة اتخاذ القرار.

9. (الحساب المعزز للخصوصية) Privacy-enhancing computation

يجب على مدراء تقنية المعلومات، بالإضافة إلى التعامل مع التشريعات الدولية للخصوصية وحماية البيانات، تجنب أي فقدان لثقة العملاء ناتج عن حوادث الخصوصية. وتتوقع مؤسسة جارتنر أن تستخدم 60% من المؤسسات الكبيرة أسلوبًا واحدًا أو أكثر من تقنيات الحساب المعززة للخصوصية بحلول عام 2025.

وتحمي تقنيات (الحساب المعزز للخصوصية) المعلومات الشخصية والحساسة على مستوى البيانات، أو البرامج، أو الأجهزة. ووفقًا لمؤسسة جارتنر، فهم يشاركون البيانات، ويجمعونها، ويحللونها بأمان دون المساس بالسرية أو الخصوصية.

10. (شبكة الأمن السيبراني) Cybersecurity mesh:

قال جرومبريدج: “البيانات مفيدة فقط إذا كان بإمكان المؤسسات الوثوق بها. واليوم، يمكن أن تكون الأصول والمستخدمون في أي مكان، مما يعني اختفاء محيط الأمان التقليدي. وهذا يتطلب بنية شبكية للأمن السيبراني”.

وأضاف أن شبكة الأمن السيبراني تساعد في توفير هيكل أمني متكامل ووضعية لتأمين جميع الأصول، بغض النظر عن الموقع. وبحلول عام 2024، ستعمل المؤسسات التي تتبنى هذه التقنية لدمج أدوات الأمان للعمل بصورة تعاونية على تقليل الأثر المالي للحوادث الأمنية الفردية بمعدل 90%، وذلك بحسب مؤسسة جارتنر.

11. (هندسة الذكاء الاصطناعي) AI engineering:

يكافح قادة تقنية المعلومات لدمج الذكاء الاصطناعي في التطبيقات، مما يهدر الوقت والمال في مشاريع الذكاء الاصطناعي التي لا تدخل طور الإنتاج مطلقًا، أو تكافح من أجل الاحتفاظ بقيمة من منتجات الذكاء الاصطناعي بمجرد إصدارها.

وقال جرومبريدج إن ما يُسمى بفرق الاندماج التي تعمل على الذكاء الاصطناعي ستخلق أداة تفاضل حقيقية لمنظماتها إذا كان بإمكانها باستمرار تعزيز القيمة من خلال التغيير السريع في الذكاء الاصطناعي. وقال إنها تحتاج إلى تطبيقات قابلة للإنشاء، بُنيت لمكونات معيارية. وسيؤدي ذلك إلى زيادة كفاءة فرق الاندماج.

12. (الخبرة الكاملة) Total experience:

قال جرومبريدج إن الخبرة الكاملة هي مضاعف القوة لإستراتيجية النمو التي تجمع بين تجربة العملاء، وتجربة الموظف، وتجربة المستخدم، والتخصصات المتعددة الخبرات. ونصح المنظمات بالاستفادة من ذلك من خلال تشكيل فرق مع الرعاة التنفيذيين.

وأضاف أنه في إطار نهج التجربة الإجمالية، يجب أن يكون جميع قادة الانضباط مسؤولين بدرجة متساوية عن تلبية الاحتياجات المشتركة للموظفين والعملاء. وقال: “مناهج الإدارة التقليدية لن تتوسع”.

وإن الهدف من التجربة الكاملة هو زيادة ثقة العملاء والموظفين ورضاهم، وولائهم، وتأييدهم.

ووفقًا لمؤسسة جارتنر، ستؤدي أهم اتجاهات التقنية الإستراتيجية لعام 2022 إلى حدوث اضطراب كبير وفرص كبيرة خلال السنوات الخمس إلى العشر القادمة.

الخاتمة:

بالنظر إلى اتجاهات التقنية الإستراتيجية لعام 2022 التي استعرضتها مؤسسة جارتنر، نجد أنها ركزت على مسؤولي تقنية المعلومات، ولكن ما يهم المستخدم النهائي هو أن بعض التقنيات ستزداد شعبية خلال السنوات المقبلة، خاصةً تلك القائمة على الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، وتحتاج جميع قطاعات تقنية المعلومات إلى تعزيز الأمان السيبراني.

وفي النهاية، ما رأيكم أنتم؟ ما التقنيات التي تريدون تطورها أكثر خلال عام 2022 الذي أصبح على الأبواب؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.