أبل والعدو اللدود.. كيف فشلت في بناء جزء رئيسي لأجهزة آيفون الجديدة؟

أبل والعدو اللدود.. كيف فشلت في بناء جزء رئيسي لأجهزة آيفون الجديدة؟
استمع إلى المقال

نماذج آيفون الجديدة تفتقد شريحة السيليكون الخاصة التي أمضت شركة “أبل” عدة سنوات وأنفقت مليارات الدولارات في محاولة تطويرها في الوقت المناسب لإطلاق تشكيلة آيفون 15.

الأوامر الصادرة في عام 2018 من الرئيس التنفيذي للشركة، تيم كوك، لتصميم وبناء شريحة المودم، وهي الجزء الذي يربط أجهزة آيفون بشبكات الاتصالات، أدت إلى توظيف آلاف المهندسين.

الهدف كان وقف اعتماد “أبل” على مضض على “كوالكوم”، وهي مورد الرقائق منذ فترة طويلة التي تهيمن على سوق المودم.

وفقا لمهندسي الشركة السابقين والمديرين التنفيذيين المطلعين على المشروع، كانت العوائق التي تحول دون الانتهاء من الشريحة إلى حد كبير من صنع “أبل” نفسها.

“أبل” لم تتوقع التعقيد؟

“أبل” خططت لجعل شريحة المودم الخاصة بها جاهزة للاستخدام في طرازات آيفون الجديدة، لكن الاختبارات التي أجريت في أواخر العام الماضي وجدت أن الشريحة كانت بطيئة للغاية وعرضة للسخونة الزائدة.

كانت لوحة دوائرها كبيرة جدا بحيث تستهلك نصف جهاز آيفون، مما يجعلها غير قابلة للاستخدام، وكان المستثمرون يعتمدون على توفير “أبل” المال من خلال شريحة داخلية للمساعدة في التعويض عن الطلب الضعيف في سوق الهواتف الذكية الأكبر.

التقديرات تشير إلى أن “أبل”، التي لم تعترف علنا بمشروع المودم الخاص بها، ناهيك عن عيوبه، قد دفعت أكثر من 7.2 مليار دولار لشركة “كوالكوم” في العام الماضي مقابل الرقائق.

الفرق الهندسية التي تعمل على شريحة مودم شركة “أبل” تباطأت بسبب التحديات التقنية وضعف الاتصالات والانقسام بين المديرين حول الحكمة من محاولة تصميم الرقائق بدلا من شرائها.

عزلت الشركة الفرق في مجموعات منفصلة في جميع أنحاء الولايات المتحدة وخارجها دون قائد عالمي، وكان بعض المديرين لا يشجعون بث الأخبار السيئة من المهندسين حول التأخير أو النكسات، مما يؤدي إلى أهداف غير واقعية وتأخير المواعيد النهائية.

“أبل” اعتقدت أنها تستطيع تكرار نجاح رقائق المعالجات الدقيقة التي صممتها لأجهزة آيفون، حيث أدى اعتماد هذه الرقائق إلى زيادة هوامش الربح وتحسين الأداء لمليارات الأجهزة.

كما أرادت “أبل” قطع العلاقات مع شركة “كوالكوم”، التي اتهمتها في دعوى قضائية في عام 2017 بالمبالغة في تحصيل رسوم براءات الاختراع الخاصة بها.

الشركتان قامتا بتسوية الدعوى في عام 2019، وأعلنت “أبل”، التي تواجه انتهاء اتفاقية “كوالكوم” السابقة، عن صفقة جديدة لمواصلة شراء شرائح المودم الخاصة بالشركة حتى عام 2026.

من غير المتوقع أن تنتج “أبل” شريحة مماثلة حتى أواخر عام 2025، وقد يكون هناك المزيد من التأخير، لكن الشركة تعتقد أنها قد تنجح في النهاية.

“أبل” وجدت أن تصميم المعالج الدقيق، وهو في الأساس جهاز حاسوب صغير لتشغيل البرامج، كان سهلا بالمقارنة مع تصميم جهاز المودم، حيث يجب أن تتوافق شرائح المودم، التي تنقل البيانات اللاسلكية وتستقبلها، مع معايير الاتصال الصارمة لخدمة شركات الاتصالات اللاسلكية حول العالم.

هذه التأخيرات تشير إلى أن “أبل” لم تتوقع مدى تعقيد الجهود، حيث أن مساعي الشركة لبناء المزيد من أشباه الموصلات المختلفة المستخدمة في منتجاتها تعود إلى أكثر من عقد من الزمن.

صعوبة العلاقة

في عام 2010، بدأت الشركة باستخدام شرائح المعالجة الخاصة بها في أجهزة “آيفون” و”آيباد”، وساعدت هذه الرقائق “أبل” على التفوق في الأداء على العديد من منافسيها الذين يعملون بنظام “أندرويد”، الذين اعتمدوا على شرائح من شركة “كوالكوم” وشركة “ميدياتيك” التايوانية وغيرها من الشركات المصنعة.

خلال عام 2020، بدأت “أبل” في استبدال شرائح المعالجات من “إنتل”، المستخدمة لسنوات في أجهزة حواسيب “ماك”، بشريحة خاصة سمحت لأجهزة الحواسيب المحمولة الخاصة بها بالعمل بشكل أسرع وتوليد حرارة أقل، وهي تحسينات ساعدت في تعزيز مبيعات أجهزة “ماك” المتدهورة.

كما وفرت شريحة “أبل” للشركة ما يقدر بين 75 و150 دولارا عبر كل جهاز حاسوب.

نجاح رقائق معالجات “أبل” وفر سلطة متزايدة لجوني سروجي، قائد الرقائق في الشركة، الذي قال هذا العام، “بعد شحن أول هاتف آيفون، قررنا أن أفضل طريقة لتقديم أفضل تجربة لعملائنا هي امتلاك وتطوير وتصميم السيليكون الخاص بنا داخليا”.

الشركة أطلقت اسما رمزيا على مشروع رقاقة المودم الخاص بها وهو “سينوب”، على اسم الحورية في الأساطير اليونانية التي تفوقت على زيوس. 

في عام 2018، بدأت الفكرة تتشكل بعد توجيهات كوك وسروجي وآخرين لشركة “أبل” لبناء مكوناتها اللاسلكية الخاصة.

بحلول ذلك الوقت، أصبحت علاقة الشركة مع “كوالكوم” صعبة، وتبادلت الشركتان الاتهامات بالكذب والسرقة والممارسات الاحتكارية.

كان روبين كاباليرو، رئيس قسم الاتصالات اللاسلكية في “أبل” منذ فترة طويلة، يدعم شراكة شرائح “إنتل” في ذلك الوقت، في حين دعم سروجي، نائب الرئيس الأول لتقنيات الأجهزة، السعي وراء شريحة تصنعها الشركة.

في عام 2019، غادر كاباليرو شركة “أبل”، وتم وضع العديد من أعضاء فريق كاباليرو الذين كانوا على دراية بتصميم الرقائق اللاسلكية تحت قيادة سروجي، الذي نقل الموظفين الآخرين المشاركين في الأعمال اللاسلكية التكميلية، مثل تصميم الهوائي، إلى مجموعة هندسة الأجهزة.

أحد كبار مديري المشاريع في فريق سروجي لم يكن لديه أي خلفية في مجال التكنولوجيا اللاسلكية.

في عام 2019، كثفت “آبل”، التي كانت تنتزع المواهب الهندسية من “كوالكوم” لسنوات، جهودها، وأعلنت عن مركز هندسي جديد في سان دييغو، مسقط رأس “كوالكوم”، مع خطط لإضافة نحو 1200 وظيفة محلية.

خلال ذلك الصيف، أعلنت “أبل” عن استحواذها على فريق “إنتل” اللاسلكي ومجموعة من براءات الاختراع اللاسلكية.

نتيجة لذلك، سافر سروجي إلى ميونيخ لاستقبال موظفي شركة “إنتل” اللاسلكية الذين استحوذت عليهم شركة “أبل” حديثا، وأخبر تجمعا أن مشروع شرائح المودم سيغير قواعد اللعبة بالنسبة للشركة، وهو الخطوة التالية في تطور الشركة، كما أوضح أن الشريحة ستميز أجهزة “أبل”، كما فعلت معالجات “أبل”.

نحو الاستسلام؟

مع ملء الشركة صفوف المشروع بمهندسي “إنتل” وآخرين تم تعيينهم من “كوالكوم”، حدد المسؤولون التنفيذيون للشركة هدفا يتمثل في جعل شريحة المودم جاهزة لخريف عام 2023، وسرعان ما أصبح واضحا للعديد من خبراء اللاسلكي في المشروع أن تحقيق الهدف كان مستحيلا.

توظيف المهندسين بأعداد كبيرة، وهي استراتيجية ناجحة لتصميم العقل الحاسوبي لهواتفها الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، لم يكن كافيا لإنتاج “أبل” شريحة المودم المتفوقة بسرعة.

تصنيع رقائق المودم يعد أكثر صعوبة من معالجة الرقائق لأنها يجب أن تعمل بسلاسة مع شبكات الجيل الخامس اللاسلكية، بالإضافة إلى شبكات الجيل الثاني والثالث والرابع المستخدمة في البلدان حول العالم، ولكل منها مميزاتها التكنولوجية الخاصة.

على العكس، تعمل معالجات “أبل” الدقيقة على تشغيل برامج مصممة خصيصا لأجهزة آيفون وأجهزة الحواسيب المحمولة الخاصة بها.

المسؤولون التنفيذيون في الشركة، الذين ليس لديهم خبرة في التعامل مع الرقائق اللاسلكية، وضعوا جداول زمنية ضيقة لم تكن واقعية.

كان على الفرق بناء إصدارات أولية من الرقائق والتصديق على أنها ستعمل مع العديد من شركات الاتصالات اللاسلكية في جميع أنحاء العالم، وهي مهمة تستغرق وقتا طويلا.

المسؤولون التنفيذيون فهموا التحدي بشكل أفضل بعد أن اختبرت الشركة نماذجها الأولية في أواخر العام الماضي، حيث لم تكن النتائج جيدة، وكانت الرقائق متأخرة بثلاث سنوات عن أفضل شريحة مودم من “كوالكوم”، ويهدد استخدامها بجعل سرعات آيفون اللاسلكية أبطأ من منافسيها.

نتيجة لذلك، ألغت الشركة خطط استخدام الرقائق في نماذجها لعام 2023، وتم نقل الطرح المخطط له إلى عام 2024، لكن أدرك المسؤولون التنفيذيون في الشركة أنها لن تحقق هذا الهدف أيضا.

بدلا من ذلك، بدأت “أبل” مفاوضات مع “كوالكوم” لمواصلة توريد شرائح المودم، حيث تنتهي اتفاقية الترخيص بين الشركتين في عام 2025، بالرغم من إمكانية تمديدها لمدة عامين آخرين.

ختاما، تمتلك شركة “أبل” المال والرغبة في الاستمرار في متابعة شريحة المودم الخاصة بها، وبالرغم من الإحباطات والفشل المتكرر، فمن الصعب بالنسبة للشركة الاستسلام.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
4 1 صوت
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات