استمع إلى المقال

منذ أيام، وأعين الملايين حول العالم مركّزة على صفحات السوشيال ميديا، لمتابعة الآثار الكارثية للزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا، وامتلأت هذه المواقع بالكثير من مقاطع الفيديو والصور والمنشورات التي تسرد قوة وفظاعة الكارثة، ووثّق الكثير من النشطاء عمليات الإنقاذ للعالقين تحت الأنقاض، كما نشر الكثيرون من رواد التواصل الاجتماعي مشاهد توثّق سقوط الأبنية جرّاء الهزات الارتدادية.

الكثير من المنصات شهدت الآلاف من المنشورات لمناشدة إرسال المساعدات والتبرعات للمنكوبين، بالإضافة إلى نشر التعليمات وإجراءات السلامة في حالات الكوارث الطبيعية، في المقابل لاحظنا جميعا انتشار الكثير من الشائعات التي خلّفت الكثير من حالات الهلع، ونشرت البلبلة في صفوف المواطنين.

السوشيال ميديا تلعب دورا رئيسيا في تنسيق المساعدات، وإيجاد الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة، ومشاركة روايات شهود عيان عن المناطق الأكثر تضرّرا، ولكنها في ذات الوقت قد تلعب دورا سيئا في نشر الإشاعات والأخبار المضللة.

لذا ما هو دور السوشيال ميديا الحقيقي في إدارة الأزمات والكوارث، وما أهميتها قبل وبعد وأثناء حدوث الكوارث، وما هي المخاطر التي من الممكن أن تنمّ عنها، كل ذلك وأكثر سنقوم بالتحدث عنه في التقرير التالي.

المصدر: CNN

فوائد السوشيال ميديا في إدارة الكوارث

الكوارث الطبيعية، مثل حرائق الغابات والأعاصير والزلازل أو الفيضانات، والكوارث التي يتسبب فيها الإنسان والمتعلقة بتفشي الأمراض والإرهاب والعنف المسلح وغيرها من حالات العنف الجماعي، لها تبعيات وتأثير هائل ومدمر على الإنسان.

يمكن أن يكون استخدام السوشيال ميديا أداة قيّمة ومفيدة في أوقات الأزمات للنّاجين والمستجيبين الأوائل والمجتمعات المتضررة، ومن هذه الفوائد.

قد يهمك: مخاطر “جوجل” على الأطفال.. هل يمكن تلافيها؟

المعلومات الهامة

منصات الاتصال الخاصة بالسوشيال ميديا يمكنها توفير إعلانات للمساعدة في التحضير للأحداث الوشيكة كالفيضانات والبراكين، وتوفير التحذير والتعليمات والممارسات الصحيحة، وذلك من خلال الاستفادة من ضخامة عدد متابعي تلك المنصات لإيصال المحتوى في الوقت الفعلي وبثّه إلى جمهور كبير بسرعة وسهولة.

غالبا ما تُستخدم منصات السوشيال ميديا باعتبارها أسرع وسيلة لإعلام الآخرين، مثل الأسرة والأحباء، بحالة الأمان أو الحاجة إلى المساعدة أو نقل الرسائل والتحديثات الهامة، يمكن أن يساعد ذلك في تقليل الخوف والقلق.

المساعدة في الشفاء

من العوامل المهمة التي تخلق وتقوي القدرة على التعافي والعودة من الأحداث والتجارب المؤلمة هو الارتباط بالآخرين، يمكن تسهيل الشعور بالانتماء والمجتمع من خلال السوشيال ميديا وإعلام الناجين والأفراد المتضررين أنهم ليسوا وحدهم، ولديهم الدعم كله.

نشر الوعي

يمكن أن تكون مواقع التواصل الاجتماعي مكمّلة في إدارة المخاطر والأزمات، وتساعد على تعزيز التنسيق بين المتطوعين وخدمات الطوارئ، ويمكن أن تساعد وسائط المشاركة للمحتوى في نشر الوعي بالموقف من خلال تحديد الصور أو مقاطع الفيديو لكيفية تطور الأزمة في الوقت الفعلي، وأن تساعد على نقل التوصيات والتحذيرات بسرعة كبيرة.

أخبار موثوقة

السوشيال ميديا منصة مهمة للمنظمات لتقديم حقائق موضوعية في الوقت الحقيقي لتجنب إبقاء الجمهور في الظلام أو الاعتماد على مصادر أخرى غير موثوقة، وتوفير متطوعين ملمّين بالتكنولوجيا لتحسين تخطيط الأزمات والوعي المتعلق بالأوضاع، وذلك عبر لعب دور مهم في التخفيف من الشائعات والمعلومات المضلّلة بأسرع ما يمكن لتجنب انتشارها.

الدعم النفسي

يمكن لأي منظمة استخدام منصات وغرف الدردشة والمجموعات على السوشيال ميديا للتواصل بشأن الإسعافات والتعافي النفسي وإعادة الإعمار للمتضررين بعد الكارثة.

توثيق الأضرار

مسؤولو السوشيال ميديا يستخدمون المنصات أثناء وقوع الكارثة لتنبيه الجمهور بمكان تقديم المساعدة ومتى يخططون للوصول إلى المناطق المتضررة، كما تساعد أي صور أو مقاطع فيديو يتم نشره على السوشيال ميديا في توثيق الأضرار التي لحقت بالمناطق المتضررة والتعرف على الناجين، وتُخبر هذه الصور أفراد الطوارئ بخطورة الموقف قبل الدخول.

توفر السوشيال ميديا أثناء الكارثة معلومات إخبارية محدثة عن إغلاق الطرق، وطرق الإخلاء، والمناطق والأماكن المخصصة للمساعدة، ومواقع الملاجئ.

قد يهمك: الذكاء الصنعي ودوره في تفادي وإدارة الكوارث

بعد الكارثة

بعد وقوع الكوارث، تُستخدم مواقع التواصل الاجتماعي لمساعدة الآخرين في العثور على أحبائهم وحتى تعقّب ممتلكاتهم الشخصية، وينبه الجمهور بشأن جهود التبرع وأموال الإغاثة أيضا، حيث يحتاج الكثير من المنكوبين إلى العناصر الأساسية مثل الملابس والسلع ومكان آمن للإقامة.

أدوات السوشيال ميديا للمساعدة

“الفيسبوك”

في حالات الكوارث والأزمات، يمكن أن تكون صفحة “الفيسبوك” الخاصة بالحكومات والإدارات المحلية مصدرا قيّما للمعلومات والتعليمات والموارد، وذلك من خلال إضافة النصوص والنصائح والتعليمات والصور والخرائط والروابط المتعلقة بإدارة الأزمات.

فضلا عن ذلك، يحتوي “الفيسبوك” على وظائف مدمجة تسمح للعائلات بتحديد أماكن أحبائهم والأفراد في مناطق الأزمات، وذلك من خلال تصنيف الشخص لنفسه على أنه آمن، وسيتم إخطار أصدقائه على منصة “الفيسبوك” بذلك، ويمكنك أيضا استخدام هذه الأداة لتقديم المساعدة وتلقّي المعلومات أثناء الأزمة وبعدها، ويتم تحديد الأماكن الأقل ضررا والأكثر أمانا للآخرين.

“جوجل”

صفحة الباحث عن الأشخاص من “جوجل“، يساعد على إعادة لم شمل الأحباب والعائلات في أعقاب الكوارث الطبيعية والإنسانية.

عيوب السوشيال ميديا في إدارة الطوارئ

على الرغم من الفوائد العديدة للسوشيال ميديا في إدارة الطوارئ والكوارث، يقابلها عيوب من أهمها نشر المعلومات غير صحيحة أو الضارة، والتي تعيق جهود الإغاثة.

فالأجدر عدم مشاركة أو نشر أي معلومة قبل التأكد من صحتها وموثوقية مصدرها، لكيلا نكون قد شاركنا في نشر المعلومات المضللة.

الكثير من المحتالين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي لمصلحتهم الخاصة أثناء الكوارث وبعدها، وذلك من خلال إنشاء صناديق إغاثة وهمية في محاولة لسرقة نقود المتطوعين والاغاثات، ويُفضل البحث والتحقّق من مصداقية الجهة الراعية لعملية جمع التبرعات قبل الإقدام على إرسالها.

زيادة الاستفادة من السوشيال ميديا

على صانعي القرار ومسؤولي حالات الطوارئ، إيلاء المزيد من الاهتمام في استخدام السوشيال ميديا في رفع وعي المواطنين حول الأخطار التي تحيط بهم، وكذلك توعيتهم بالإجراءات الوقائية من أجل التخفيف أو القضاء على عواقب الكوارث، كما يمكن للسوشيال ميديا أن تلعب دورا رئيسيا في إعلام المواطنين، وجمع المساعدة للمتضررين.

فيما يتعلق بالأنشطة الوقائية، يمكن استخدام منصات السوشيال ميديا لنشر المعلومات حول خصائص مخاطر الكوارث على الصعيد المحلي، وتعريف المواطنين بخرائط المخاطر في المناطق التي يعيشون فيها. علاوة على ذلك، من الممكن تطوير حملات عبر الإنترنت لتحسين جاهزية المواطنين للاستجابة في مثل هذه المواقف.

كما يمكن توعية المواطنين بإمكانية المساعدة في خدمات الإنقاذ في حالات الطوارئ، وتسهيل تحديد أولويات التوزيع من الطعام والماء.

في النهاية، لا يمكن اعتبار مواقع التواصل الاجتماعي علاجا شافيا لكل مشاكل الكوارث، إلا إذا جرى مزجها مع جهود المواطنين والجهات الفاعلة في عمليات الإنقاذ.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.