الجزرة والعصا.. هل تستطيع منصات التواصل شراء ولاء منشئي المحتوى؟

الجزرة والعصا.. هل تستطيع منصات التواصل شراء ولاء منشئي المحتوى؟
استمع إلى المقال

في عالم الإنترنت الذي يزخر بالمحتوى المتنوع والمثير، تتنافس منصات التواصل الاجتماعي بشراسة لجذب انتباه المستخدمين والحفاظ على ولائهم، فكل منصة تسعى لتقديم قيمة مضافة تميزها عن باقي المنصات، سواء من خلال تصميمها أو خصائصها أو طريقة تفاعلها مع المستخدمين، ولكن ربما أهم عامل يحدد نجاح أو فشل منصة ما هو جودة وكمية المحتوى الذي ينشر عليها، فالمحتوى هو ما يجذب المستخدمين، ويثير اهتمامهم ويربطهم بالمنصة.

لأن المحتوى هو المحرك الأساسي للمنصات، فإن دور منشئي المحتوى يصبح حاسما في تحديد مصير هذه المنصات، فهؤلاء هم الذين يقدمون محتوى جديدا ومبتكرا وجذاب يستطيع أن يجذب جمهورا واسعا ومخلصا؛ لذلك، تحاول المنصات بالطرق كلها دعم منشئي المحتوى وتشجيعهم على الإبداع والإنتاج على نحو مستمر، وأحد أبرز الطرق التي تستخدمها المنصات هو تقاسم إيرادات الإعلانات مع منشئي المحتوى أو تقديم مكافآت وجوائز لهم، فبهذه الطريقة، تضمن المنصات أن منشئي المحتوى يحصلون على دخل مادي يعكس قيمة عملهم وجهدهم، وأن يشعروا بالتقدير والاحترام.

لكن هل هذا كاف لإرضاء منشئي المحتوى، فهم يحتاجون أيضا إلى أدوات وخدمات تساعدهم على صناعة محتوى أفضل وأكثر تأثيرا، فالإبداع لا يأتي من فراغ، بل يحتاج إلى دعم فني وتقني؛ لذلك، تسابق المنصات في إطلاق أدوات وخدمات جديدة تسهل على منشئي المحتوى عملية التصوير والتعديل والنشر والتحليل والتفاعل، فمن خلال هذه الأدوات والخدمات، تمنح المنصات منشئي المحتوى القدرة على إظهار مواهبهم ومهاراتهم بأفضل صورة ممكنة.

في هذا التقرير، سنستكشف بعض الأمثلة حول كيف تسعى منصات التواصل الاجتماعي لجذب أكبر قدر ممكن من المستخدمين للفوز في حربها الشرسة مع المنصات الأخرى، وذلك عبر توزيع إيرادات الإعلانات أو توزيع المكافآت والجواز على منشئي المحتوى لديها وعبر إطلاق أدوات وخدمات لدعم منشئي المحتوى أيضا.

سبل جذب المستخدمين

العديد من منصات التواصل الاجتماعي الشهيرة، والتي تستخدمها الملايين من الناس حول العالم، توفر لمنشئي المحتوى فرصة لإظهار مواهبهم وإبداعاتهم والتفاعل مع جمهورهم، كما توفر لهم طرقا مختلفة لزيادة دخلهم من محتواهم، وهذه بعض هذه الطرق.

منصة “أكس”

في تموز/يوليو 2023، أعلنت منصة “إكس”، وهي واحدة من أشهر منصات التواصل الاجتماعي في العالم، عن إطلاق برنامج جديد يسمى “برنامج المساهمين”، يهدف إلى تحفيز المستخدمين على إنشاء محتوى ذي قيمة وجودة عالية، ويسمح هذا البرنامج للمستخدمين الذين لديهم علامة التوثيق الزرقاء، والتي تشير إلى أن حساباتهم موثوقة ومعروفة، بالحصول على نسبة من عائدات الإعلانات التي تظهر في ردودهم على التغريدات الأخرى، وقال إيلون ماسك، المدير التنفيذي لشركة “إكس”، إن أول دفعة ستبلغ خمسة ملايين دولار، وأضاف أن هذه الخطوة تعكس التزام شركته بدعم صانعي المحتوى الإبداعي والخلاق.

هذا البرنامج لاقى استحسانا كبيرا من قبل المستخدمين، الذين رأوا فيه فرصة لزيادة دخلهم وتحسين جودة مشاركاتهم، وقد شارك بعض المشاهير والشخصيات العامة في هذا البرنامج، مثل أوبرا وينفري، وباراك أوباما، وغيرهم، وقد أظهروا تفاعلا كبيرا مع متابعيهم، وأجابوا عن أسئلتهم وتعليقاتهم بطريقة مفيدة وممتعة، كما قدموا نصائح وإرشادات حول موضوعات مختلفة، مثل الصحة والتعليم والأعمال والابتكار.

منصة “فيسبوك”

“فيسبوك” هي منصة عالمية تهدف إلى تمكين الناس من التواصل والتعبير عن أنفسهم والتعلم من بعضهم البعض، واحدة من طرق “فيسبوك” لتحقيق هذا الهدف هي دعم منشئي المحتوى الذين يشاركون مواهبهم وآراءهم وخبراتهم مع جمهورهم؛ لذلك، تقدم “فيسبوك” مجموعة من البرامج والأدوات لمساعدة منشئي المحتوى على تحقيق الدخل من محتواهم على منصتها. بعض هذه البرامج هي.

“فيسبوك ستارز”

هذا البرنامج يسمح للمشاهدين بإرسال نجوم افتراضية للمبثين المباشرين كشكل من أشكال التقدير، كل نجمة تساوي مبلغاً ماليا يحصل عليه المبث المباشر، يمكن للمشاهدين شراء النجوم بأسعار مختلفة حسب الدولة والعملة.

“فيسبوك جيمنغ”

هذا البرنامج يسمح لمنشئي المحتوى المختصين بالألعاب بالحصول على دخل من الإعلانات والاشتراكات والتبرعات، يستطيع المبثون المباشرون على “فيسبوك جيمنغ” إظهار إعلانات قصيرة قبل أو أثناء بثهم، أو دعوة المشاهدين للاشتراك في قناتهم مقابل مزايا خاصة، أو تلقي تبرعات من المشاهدين عبر “فيسبوك ستارز” أو طرق دفع أخرى.

“فيسبوك ووتش”

هذا البرنامج يسمح لمنشئي المحتوى الذين ينشرون فيديوهات طويلة بالحصول على دخل من الإعلانات والمشاركة في برامج مثل “فيسبوك نيوز” و”فيسبوك فور يو”، يستطيع المنشئون إظهار إعلانات قابلة للتخطي قبل أو بعد أو خلال فيديوهاتهم، أو تقديم فيديوهات حصرية للمشتركين فقط، أو تقديم فيديوهات ذات صلة بالأخبار أو الأحداث الحالية، أو تقديم فيديوهات تناسب اهتمامات وتفضيلات المشاهدين.

“إنستغرام”

تقدم منصة “إنستغرام” مجموعة من الطرق لمنشئي المحتوى لزيادة دخلهم على منصتها، بعض هذه الطرق هي.

“إنستغرام شوب”

هذه الميزة تسمح لمنشئي المحتوى بإنشاء متاجر افتراضية وبيع منتجاتهم أو خدماتهم مباشرة على “إنستغرام”، يمكن للمستخدمين تصفح المنتجات والخدمات المتاحة والدفع عبر “فيسبوك باي” أو طرق أخرى، هذه الطريقة تساعد منشئي المحتوى على تحويل متابعيهم إلى عملاء وزيادة مبيعاتهم.

“إنستغرام ريلز”

هذه الميزة تسمح لمنشئي المحتوى بإنشاء فيديوهات قصيرة وإبداعية تستخدم الموسيقى أو الصوت أو التأثيرات الخاصة، يمكن للمستخدمين مشاركة “ريلز” على خاصية القصص أو صفحتهم الشخصية أو استكشاف، هذه الطريقة تساعد منشئي المحتوى على جذب جمهور جديد والحصول على دخل من الإعلانات التي تظهر قبل أو بعد ريلز.

“إنستغرام باجز”

هذه الميزة تسمح للمستخدمين بإرسال رموز افتراضية أو نقود حقيقية للبث المباشر كشكل من أشكال التقدير، يمكن للمستخدمين شراء باجز بأسعار مختلفة وإظهار دعمهم للبث المباشر الذي يحبونه. هذه الطريقة تساعد منشئي المحتوى على تقدير جهودهم والحصول على دخل إضافي.

منصة “ريديت”

قبل بضع ساعات، أعلنت منصة “ريديت”، وهي واحدة من أشهر منصات الإنترنت، عن برنامج جديد يمكن من خلاله المستخدمون من تحويل نقاطهم الافتراضية إلى عملة حقيقية، يسمح برنامج المساهمين في “ريديت” للمستخدمين الذين يلبون معايير معينة بتحويل “ذهب ريديت” و”كارما” إلى عملة “فيات”، والتي يتم توزيعها مرة واحدة في الشهر.

البرنامج محدود حاليا بالمستخدمين في الولايات المتحدة الذين تزيد أعمارهم عن 18 عاما، ويمكنهم التحقق من هويتهم، كما أن المشاركات التي يمكن تحقيق الأرباح منها يجب أن تكون آمنة للعمل، يعتمد مقدار المال الذي يمكن للمستخدم كسبه على “كارما” (أو عدد التصويتات التصاعدية التي تلقاها)، والذهب (أو الجائزة التي تُعطى للمشاركات عالية الجودة). يحتفظ “ريديت” بنحو 50 بالمئة من قيمة الذهب، في حين يحصل المستخدمون على 0.90 دولارا إلى دولار واحد لكل ذهب.

الاستثمار في منشئي المحتوى

استراتيجيات منصات التواصل الاجتماعي لجذب منشئي المحتوى وكسب ثقتهم، تقوم على توفير مزيد من الفرص والأدوات لهؤلاء الإبداعيين، بدءا من منصة “إكس” التي تكافئ منشئي المحتوى بمشاركتهم في أرباح الإعلانات، إلى “فيسبوك” التي تقدم برامج مثل “فيسبوك ستارز” و”فيسبوك جيمنغ” لدعم المبثين المباشرين ومنشئي المحتوى المختصين، وصولا إلى “إنستغرام” التي توفر ميزات مثل “إنستغرام شوب” و”إنستغرام ريلز” لتمكين منشئي المحتوى من زيادة دخلهم، وأخيرا منصة “ريديت” التي تمنح المستخدمين الفرصة لتحويل نقاطهم إلى عملة حقيقية.

تُظهر هذه الجهود المستمرة للمنصات تجاه منشئي المحتوى أنها تدرك أهمية دورهم في إثراء البيئة الرقمية وتشجيعهم على الإبداع، فمن خلال دعمهم بالأدوات والمكافآت ومشاركتهم في الأرباح، تسعى هذه المنصات لبناء علاقات قوية ومستدامة مع المبدعين، مما يسهم في تحسين جودة المحتوى وزيادة ولاء المستخدمين.

إذا، يمكننا القول إن هذه الاستراتيجيات ليست فقط كافية لكسب ثقة المستخدمين وإثراء المحتوى في هذه المنصات، بل هي أيضا استجابة فعالة ومبدعة لتطورات عالم الإنترنت والاحتياجات المتزايدة للمبدعين، إن تمكين المنشئين من خلال تقاسم الإيرادات وتوفير الأدوات اللازمة لهم يعزز من حيوية هذا العالم الرقمي، ويسهم في بناء مجتمعات إبداعية أكثر رقيا واستدامة.

في نهاية المطاف، يبقى الإبداع والتفرد في صناعة المحتوى هما المحور الرئيسي الذي يجعل من منصات التواصل الاجتماعي أماكن ملهمة ومثيرة للاستكشاف، وهذا الاستثمار في منشئي المحتوى يعد السبيل لتحقيق هذا الهدف.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات