نهاية عصر أسطوانات الألعاب.. لماذا التحول إلى النسخ الرقمية؟

نهاية عصر أسطوانات الألعاب.. لماذا التحول إلى النسخ الرقمية؟
استمع إلى المقال

تخزين الألعاب مر عبر مراحل مختلفة في تاريخه، بدايةً من التخزين على الأقراص المرنة “Floppy Disk” وحتى وصل إلى الأسطوانات الرقمية في أنواعها المختلفة سواء كانت “CD’s” أو “DVD’s” وأخيرا أقراص  “Blu-ray” منذ 10 أعوام تقريبا. 

السنوات الأخيرة شهدت صعود تقنية جديدة لتخزين الألعاب ونقلها، وأصبحت هي الاختيار الأول والغالب لدى جميع شركات الألعاب واللاعبين على حد سواء، وذلك بفضل سهولة نقل الألعاب عبر هذه التقنية إلى جانب سهولة استخدامها، لذلك بدأ الجميع يتجه إلى النسخ الرقمية من الألعاب، ورغم أن هذا التوجه موجود منذ عدة أعوام مضت، إلا أن بعض الشركات الآن قررت الاعتماد عليه فقط والتخلي تماما عن الأسطوانات، ولكن لماذا هذا الانتقال المفاجئ؟ 

صعود ذهبي إلى الساحة 

لم تكن أسطوانات الألعاب هي الاختيار الأول دوما لمطوري الألعاب، ولكن التوجه إليها بدء منذ عام 1987 وتحديدا مع لعبة “Cyan’s The Manhole” ونظرا لقلة عدد المستخدمين الذين كانوا يمتلكون وحدات تشغيل الأسطوانات، فإن هذه التقنية لم تنتشر بشكل كبير حتى بداية ظهور منصات الألعاب المنزلية مثل “بلاي ستيشن 1” في مطلع الألفية الحالية، إذ كانت هذه المنصات تعتمد بشكل رئيسي على الأسطوانات لنقل الألعاب وتخزينها، ومع انتشار هذه المنصات انتشرت الأسطوانات وأجهزة تشغيلها وطباعتها. 

لعبة DOOM على أكثر من قرص مرن

قبل ذلك، كانت الألعاب تنتقل عبر الأقراص المرنة، وبسبب حجم الأقراص المرنة الصغيرة، فإن المستخدمين احتاجوا لاستخدام الكثير من الأقراص لنقل لعبة واحدة، لذلك عندما ظهرت الأسطوانات مع مساحات التخزين الكبيرة، توجه صناع الألعاب إليها بشكل كبير، واستمروا في الانتقال إلى تقنية الأسطوانات الأحدث لمواكبة حجم الألعاب المتزايد باستمرار، ولكن مع الوقت وصلت أحجام الألعاب إلى نقطة لم تعد معها الأسطوانات قادرة على تخزينها. 

وصول الألعاب إلى تلك النقطة كان أمرا حتميا، إذ شهدنا في وقت قصير تطورات كثيرة في التقنيات المستخدمة لصناعة الألعاب، وذلك سواء كانت تقنيات تصوير جديدة أو آليات لعب جديدة أجبرت صانعي الألعاب على استخدام المساحات الكبيرة، ودون أن ندري وصلنا إلي نقطة تحتاج فيها الألعاب إلى قرصين “Blu-Ray” لتخزينها عليها. 

أزمة أسطوانات الألعاب 

فكرة استخدام أسطوانات الألعاب ظهرت حتى تحل مشكلة كانت تواجه مجتمع اللاعبين وصانعي الألعاب معا، وهي حجم الألعاب المتزايد وغياب طرق نقلها بعيدا عن الأسطوانات، ولكن هذه الفكرة لم تأت دون تحديات خاصة بها، وفي مقدمة هذه التحديات كانت تكلفة صناعة ونشر الأسطوانات الفيزيائية ونقلها إلى المتاجر حول العالم. 

لعبة “The last of us Part 2” على قرصين في منصة “PS4”

تكلفة صناعة الأسطوانات ووضع الألعاب عليها ثم نقلها إلى المتاجر حول العالم كانت تضع حملا إضافيا على صانع الألعاب وناشرها، وهو الأمر الذي دفع الكثير من شركات الألعاب في مطلع القرن الحالي لزيادة سعر الألعاب ناهيك عن الأثر البيئي المتزايد لهذه العملية بداية من صناعة الأسطوانات وحتى أوراق التغليف وطرق النقل سواء كانت برية أو بحرية، ورغم هذه التحديات استمرت الشركات في الاعتماد على أسطوانات الألعاب دون البحث عن حلول بديلة. 

تطور سرعات الإنترنت ووصولها إلى أرقام غير معهودة كان هو التطور الذي احتاجته هذه الشركات لتبدأ ابتعادها التدريجي عن صناعة الأسطوانات وتقديم حلول مبتكرة لنقل الألعاب بدون كل هذه التكاليف، وعندما وصلت سرعات الإنترنت إلى الحجم الذي نعرفه اليوم مع بداية ظهور الجيل السابع من منصات الألعاب “بلاي ستيشن 4″، انتقلت الكثير من الشركات لتقديم نسخ رقمية من ألعابها إلى جانب النسخ الفيزيائية. 

موت تدريجي 

موت أسطوانات الألعاب لم يكن بين ليلة وضحاها، بل استمر لمدة 10 سنوات منذ ظهور “بلاي ستيشن 4” وظهور متاجر الألعاب الرقمية، إذ اكتشفت الشركات أن نشر الألعاب رقميا لا يكلف مثل طباعتها على الأسطوانات ونقلها إلى المتاجر. 

اللاعبون أيضا بدأوا بالاهتمام بالألعاب الرقمية أكثر من تلك الفيزيائية، وهو  الأمر الذي أظهرته دراسة موقع “Ars-Technica” لقطاع الألعاب الفيزيائية حتى نهاية عام 2021، وفيها ظهر بوضوح توجه اللاعبين إلى الألعاب الرقمية بنسبة تقترب من 90 بالمئة مقارنة مع الألعاب الفيزيائية التي لم تتجاوز نسبتها 10 بالمئة في منصة “بلاي ستيشن” داخل أميركا. 

 الدراسة استهدفت الكثير من منصات الألعاب وليس فقط “بلاي ستيشن”، واستعرضت أيضا عدد الألعاب الجديدة التي تصدر بشكل رقمي فقط دون صدورها في نسخ فيزيائية، وهو التوجه الذي بدأ منذ 2018 مع الألعاب المستقلة الصغيرة. 

صيحة الابتعاد عن الألعاب الفيزيائية لم تكن حكرا على أميركا بمفردها، إذ ظهرت دراسة من اتحاد الترفيه الرقمي والتجاري في المملكة المتحدة تؤكد هذا الأمر أيضا، إذ لاحظ الاتحاد أن 89.5 بالمئة من الألعاب تباع في نسخ رقمية مقابل 10.5 بالمئة للنسخ الفيزيائية. 

مزايا متنوعة

التوجه إلى نسخ الألعاب الرقمية قدم الكثير من المزايا لشركات الألعاب واللاعبين على حد سواء، إذ تصبح الألعاب متاحة في مختلف المناطق الزمنية في آن واحد كما سهلت على الشركات نشر التحديثات ونشر الألعاب ذاتها، كما أنه قلل تكاليف نشر اللعبة وتطويرها، وبدلا من أن ترسل الألعاب إلى آلاف المتاجر حول العالم وتدفع الشركة تكلفة الشحن، أصبحت الآن قادرة على نشر اللعبة في جميع الدول بضغطة زر واحد، ولكن هذا التوجه لم يأت دون خسائر، إذ حمل في طياته شهادة وفاة متاجر بيع الألعاب الفيزيائية مثل “GameStop” الذي تحول من أحد أكبر سلاسل المتاجر حول العالم إلى شركة صغيرة لا تقوى على تعيين موظفين جدد وتعتمد على المضاربة في أسهم “الميم” حتى تحقق ربحا. 

صورة لأحد متاجر “Gamestop” من موقع Reddit

في مؤتمر “بلاي ستيشن” الأخير، أعلن الاستوديو المطور للعبة “Alan Wake 2” أن اللعبة لن تصدر في نسخ فيزيائية، وستكون حكرا على المنصات الألعاب الرقمية فقط، ورغم أن هذا الأمر ليس جديدا على عالم الألعاب، إلا أنها المرة الأولى التي تصدر فيها لعبة “AAA” بدون وجود نسخ فيزيائية، ويبدو أن هذا الأمر سيصبح شائعا في المستقبل وذلك حتى تبدأ موجة جديدة في الصعود مع خدمات “تأجير الألعاب”. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات