استمع إلى المقال

بالرغم من أن روسيا وإيران دولتان تمنعان مواطنيهما من التعامل بالعملات المشفرة مثل البيتكوين وغيرها، إلا أنه وفقا لوكالة الأنباء الروسية “Vedomosti“، تعمل إيران مع روسيا لإنشاء عملة مشفرة موحدة، تكون بمثابة وسيلة دفع في التجارة الخارجية.

بحسب مزاعم التقرير، أن “البنك المركزي” الإيراني والحكومة الروسية يعملان معا لإطلاق عملة مشفرة جديدة مدعومة بالذهب، وفي هذا السياق صرح ألكسندر برازنيكوف، المدير التنفيذي للرابطة الروسية لصناعة العملات المشفرة، في تقرير لمؤسسة “CoinTelegraph” بأنه من المرجح أن يتم إصدار عملة مستقرة مدعومة بالذهب، عوضا عن استخدام العملات الورقية مثل الدولار الأميركي أو الروبل الروسي أو الريال الإيراني في المعاملات عبر الحدود.

وسط قيود التجارة الدولية المستمرة؛ بسبب الانتهاكات الخارجية والداخلية لحكومة إيران، وافقت وزارة الصناعة والمناجم والتجارة الإيرانية على استخدام العملات المشفرة للواردات في آب/أغسطس 2022، وادعت حينها سلطات إيران أن هذه الإجراءات ستساعدها في تخفيف العقوبات التجارية الدولية، ثم استخدمت إيران ما قيمته 10 ملايين دولار من العملات المشفرة لإجراء أول عملية شراء أجنبية لها إطلاقا.

أما فيما يخص روسيا، في محاولة لتقليل آثار العقوبات الدولية، وافق “بنك روسيا”، الذي هاجم سابقا استخدام العملة المشفرة كآلية دفع، على السماح لها بالتجارة الخارجية، ومع ذلك، لم يوضح المنظّم أبدا العملة المشفرة التي سيتم استخدامها في هذه المعاملات.

عيون طهران وموسكو دائما في حالة ترصد لأي ثغرة تمكنها من الهروب من القيود الاقتصادية العالمية، حيث يتوقع المحللون أنه مهما حاول النظامين، فإن ذلك لن يؤثر في تغيير المعادلة خصوصا في محاولة التملص من العقوبات عن طريق العملات المشفرة، وذلك بسبب صدقية العملات الرقمية التي ما زالت على المحك بعد تشدد القوانين حيال التعاملات معها، وأن الرقابة الدولية ما زالت ترسل عشرات إشارات الاستفهام حولها.

قد يهمك: آثار العقوبات الغربية على بكين.. الضرر الاقتصادي يتفاقم؟

الفرص والعقبات التي تواجهها إيران

في نهاية العام المنصرم وتحديدا في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر، ووسط متابعة وزارة العدل الأميركية لأنشطة غير قانونية في مجال العملات المشفرة، ظهر تقرير يفيد بأن الشركات الإيرانية، بما في ذلك بعض الشركات التابعة للحرس الثوري الإسلامي على نحو مباشر، قد تجاوزت العقوبات الأميركية من خلال معالجة 8 مليارات دولار من المعاملات منذ عام 2018 مستفيدة من تبادل العملات المشفرة.

في 9 آب/أغسطس، أصدرت طهران أول طلب استيراد بقيمة 10 ملايين دولار باستخدام عملة مشفرة غير محددة في خطوة كمحاولة إلى التملص من العقوبات كما ذكرنا سابقا، هذه الخطوة كانت جزءا من استراتيجية أوسع للتجارة من خلال الأصول الرقمية والعقود الذكية خارج حدود النظام المالي العالمي الذي يهيمن عليه الدولار الأميركي.

إيران وروسيا وقعتا اتفاقية ثنائية بشأن التعاون في مجال العملة المشفرة في تشرين الثاني/نوفمبر 2018، وفي كانون الثاني/يناير 2019، أجرت منظمة ترويج التجارة الإيرانية مفاوضات حول استخدام العملة المشفرة في المعاملات المالية مع روسيا وسبع دول أخرى، بما في ذلك النمسا والبوسنة والهرسك وإنجلترا وفرنسا وألمانيا وسويسرا وجنوب إفريقيا.

العملات المشفرة توفر من منظور طهران ودول أخرى فرصة لتجاوز العقوبات، ولكن العملية ليس بهذه السهولة، فالعملات المشفرة ليست حلا سحريا، فهناك مجموعة من العقبات، مثل تقلب الأسعار وعدم الثقة الاقتصادي وما شهدناه من انهيارات كبيرة واستهلاك الطاقة الكبيرة، هذا ناهيك عن عمليات النصب والاحتيال التي تتكرر بين فينة وأخرى.

وعود وآمال متبخرة

في عام 2008، تم تقديم العملات المشفرة مثل البيتكوين لأول مرة كأداة دفع ووسيلة لتقييد وتحدي سيطرة الحكومة على المعاملات المالية، في عام 2020، أغلقت حكومة طهران 7200 مزرعة تعدين تشفير للعملات غير مصرح بها، في تموز/يوليو من عام 2022، تعهدت طهران باتخاذ إجراءات صارمة ضد عمال تعدين العملات المشفرة غير المرخصين الذين، ووفقا لبعض التقارير، استهلكت ما قيمته 16.5 مليون دولار من الكهرباء.

منذ 16 أيلول/سبتمبر 2022، ازدادت حاجة النظام الإيراني لتجاوز العقوبات من خلال العملات المشفرة والقنوات الأخرى، في الوقت الذي حاولت طهران قمع الاحتجاجات التي اجتاحت إيران بسبب اغتيال مهسا أميني، مواجهة إيران عقوبات مالية غربية إضافية لقمع مواطنيها بوحشية وممارسة عمليات إعدام بحق مواطنيها، ناهيك عن زيادة مستويات تخصيب اليورانيوم في الداخل وتقديم المساعدة العسكرية لروسيا في أوكرانيا.

بين يوليو وأغسطس من عام 2018، أعادت الولايات المتحدة فرض العقوبات على قطاعات النفط والشحن والبنوك في إيران، وكنوع من الرد أعلن البنك المركزي الإيراني عن خطط لإطلاق عملة رقمية وطنية مدعومة من الريال الإيراني، وبالمثل، قامت روسيا والصين، اللتان وقعتا اتفاقية تعاون مدتها 25 عامًا مع إيران في مارس 2021 – باستكشاف إمكانية إصدار عملات رقمية الرقمي مشتركة، من خلال بنوكهما المركزية، والهدف من هذه السياسة هو تسهيل المعاملات المالية والتجارة الثنائية عن طريق التهرب من العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة وتجاوز النظام المالي العالمي.

على الرغم من محاولات إيران وروسيا والصين من الاستفادة من المزايا المالية والمتعلقة بالتجارة التي يمكن أن توفرها العملة الرقمية، فقد تم تعليق خطط إيران وروسيا والصين لإصدار عملة مشتركة؛ بسبب التحديات والخلافات التي واجهتها دول أخرى في جنوب إفريقيا، والتي سبق لها أن فعلت ذلك.

قد يهمك: ما مصير القطاع الخاص في الصين بعد تقييد أعمال شركة “علي بابا”؟

مستقبل طهران وشركائها في ظل تعدين العملات المشفرة

أغلب توقعها المحللين تشير، أن الدول المارقة مثل إيران وفنزويلا، ستواجه قيودا أكثر صرامة من الجهات التنظيمية الدولية على استخدام العملات المشفرة والتعدين، وذكرت وكالة “رويترز”

في شباط/فبراير 2020، أن الولايات المتحدة والمنظمات متعددة الأطراف مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أعربت عن قلقها بشأن استخدام هذه الدول للعملة المشفرة وتعدينها بسبب مشاركتها في غسيل الأموال وغيرها من الأنشطة المالية غير المشروعة أو تسهيلها.

اعتبارا من شباط/فبراير 2020، كانت كوريا الشمالية وإيران هما الدولتان الوحيدتان اللتان تم إدراجهما في القائمة السوداء من قبل مجموعة العمل المالي (FATF)، وهي هيئة رقابة عالمية على غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

في تشرين الثاني/نوفمبر 2018، حدد مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية (OFAC) شخصين إيرانيين وعناوين البيتكوين الخاصة بهما بدعوى إجراء 7 آلاف معاملة بقيمة ملايين الدولارات نيابة عن الجهات الفاعلة المتهمين بشن هجمات إلكترونية ضد أكثر من 200 هدف في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا منذ عام 2015.

منذ 2019 جُعلت من لوائح الامتثال الوطنية والدولية، بالإضافة إلى تلك التي صدرت عن مجموعة العمل المالي، من الصعب على الأفراد والكيانات المشاركة في معاملات وخدمات العملات المشفرة البقاء مجهولين، ويمكن أن تتعرض الشركات المالية التي تقدم للولايات المتحدة ودول أخرى خدمات تتعلق بالعملات المشفرة غير المشروعة في إيران لغرامات وعقوبات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.