استمع إلى المقال

برامج التجسس تعد من الأدوات المهمة لمساعدة الأمن والاستخبارات في العالم، إلا أن هذه الأدوات يمكن استغلالها بطرق خاطئة وغير أخلاقية، وقد اتضح أن بعض الحكومات قامت بإساءة استخدام برامج التجسس لاستهداف الصحفيين والنشطاء والمعارضين السياسيين، وذلك بهدف مراقبتهم ومنعهم من مزاولة نشاطاتهم بحرية.

الاستخدام الخاطئ لبرامج التجسس أثار قلقا كبيرا على المستوى الدولي، خاصة في ظل زيادة أهمية حرية التعبير والصحافة وحقوق الإنسان، وهذا ما دفع الرئيس الأميركي جو بايدن لإصدار أمر تنفيذي الاثنين الماضي، يقيد بموجبه الحكومة الأميركية من استخدامها لأدوات التجسس التجارية التي تم استخدامها لمراقبة هذه الأنشطة.

قد يهمك: هل نحن حقاً بحاجة إلى “VPN”؟

لم القلق؟

من المعروف أن الحكومات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، تقوم بجمع كميات كبيرة من البيانات لأغراض استخباراتية وتطبيق القانون ومكافحة الإرهاب، ويشمل ذلك مراقبة اتصالات مواطنيها أيضا، ومع الانتشار المتزايد لبرامج التجسس التجارية أدى ذلك لتوفير أدوات قوية لدول معروفة بحكمها الديكتاتوري، مما سبب زيادة في مخاطر الانتهاكات والقمع، وذلك وفقا لباحثين ونشطاء حقوق الإنسان.

في هذا السياق، أصدر “البيت الأبيض” الأمر التنفيذي قبل قمته الثانية للديمقراطية هذا الأسبوع، وأوضح في بيانه أن الأمر يهدف إلى تعزيز التكنولوجيا من أجل الديمقراطية، بما في ذلك من خلال مكافحة إساءة استخدام برامج التجسس التجارية وتكنولوجيا المراقبة الأخرى. 

مع ذلك، فإن هذا الاستخدام الخاطئ لبرامج التجسس لا يزال يشكل تهديدا خطيرا للحقوق والحريات الأساسية للأفراد، وينبغي العمل على تطوير إطار دولي فعال لمنع ومكافحة هذه الممارسات الخطيرة.

هذا القرار يأتي استجابة للمخاوف الأميركية والعالمية المتزايدة بشأن البرامج التي يمكنها التقاط الرسائل النصية وبيانات الهواتف المحمولة الأخرى، إذ يمكن لبعض البرامج ما يسمى “صفر نقرة”، أن تصيب الهاتف، دون أن ينقر المستخدم على رابط ضار.

برامج التجسس

استثناءات

 بعد وصفه بأنه حظر على استخدام برامج التجسس التجارية التي تشكل مخاطر على الأمن القومي، فإن أمر بايدن يتضمن بعض الاستثناءات. 

وفقا لمسؤول كبير في الإدارة الأميركية، سيتطلب الأمر من رئيس أي وكالة أميركية تستخدم برامج تجسس تجارية التصديق على أن البرنامج لا يشكل مخاطر أمنية كبيرة أو تهديدا للاستخبارات المضادة.

سيتم استخدام مجموعة من العوامل لتقييم مستوى المخاطر الأمنية، ومن بين هذه العوامل هو ما إذا كانت البرامج التجسسية التجارية قد استخدمت لمراقبة المواطنين الأميركيين دون إذن قانوني أو لمراقبة نشطاء حقوق الإنسان والمعارضين الآخرين من قبل فاعلين أجانب.

مع ذلك، ستتضمن الإجراءات الأمنية خطوات علاجية يمكن اتخاذها في حالة وجود انتهاكات، حسب ما صرح به مسؤول كبير في الإدارة الأميركية الذي طلب عدم الكشف عن هويته بموجب القواعد الأساسية للبيت الأبيض، كما أضاف بأنه لم يتم نشر قائمة البرامج المحظورة ضمن الأمر التنفيذي.

قد يهمك: الخصوصية في ظل حرب التسلح بالذكاء الصنعي

استغلال برامج التجسس

لا يتضمن التقرير الذي أصدرته وزارة الدفاع الأميركية مؤخرا، أي معلومات حول استخدام وكالات تطبيق القانون والاستخبارات الأميركية لبرامج التجسس التجارية في الوقت الحالي.

مكتب التحقيقات الفيدرالي أكد العام الماضي، أنه اشترى أداة “Pegasus” التابعة لمجموعة “NSO” الإسرائيلية لأغراض التقييم والاختبار فقط، وليس لأغراض التشغيل أو دعم أي تحقيق.

مسؤولو “البيت الأبيض” صرحوا يوم الاثنين الماضي، بأن 50 جهازا يستخدمها موظفو الحكومة الأميركية، في 10 دول، قد تعرضت للخطر، أو استهدفت من قبل برامج التجسس التجارية.

على الرغم من تأكيدات شركة “NSO” بأن استخدام “Pegasus” يهدف إلى مكافحة الإرهاب والجريمة، فإن الباحثين وجدوا أدلة على استخدام البرنامج لاستهداف عدد كبير من الأفراد، بما في ذلك أكثر من 180 صحفيا و600 سياسي ومسؤول حكومي و85 ناشطا في مجال حقوق الإنسان.

الولايات المتحدة تشهد حالة من القلق بشأن الاحتمالات المحتملة للاستخدام غير القانوني لهذه الأدوات، وهذا يتطلب ضرورة دعم القرار لتحجيم استخدام البرامج التجسسية التجارية.

الجدير بالذكر أن هذه المخاوف ليست محصورة في الولايات المتحدة وحدها، إذ أثارت استخدامات برامج التجسس التجارية جدلا واسعا في جميع أنحاء العالم، وبالأخص ضمن المؤسسات والمنظمات الداعمة لحقوق الإنسان.

مثل هذه القرارات تلزم الحكومات والشركات المصنعة لمثل هذه البرامج العمل معا لتحديد معايير موحدة وشفافة للتحقق من أن هذه الأدوات لا تستخدم بطرق تهدد حقوق الأفراد والحريات الأساسية، وأنها تستخدم فقط للأغراض المشروعة مثل مكافحة الجريمة والإرهاب.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.