استمع إلى المقال

في البداية، عندما استثمرت شركة “مايكروسوفت” مليارات الدولارات في “OpenAI”، لم يكن هناك من يتخيل بأنها ستشكل التهديد الأكبر على “جوجل” منذ عقود طويلة، لكن هذه الخطوة الجريئة كانت بداية لرحلة استثنائية من التحول والتطوير في عالم البحث عبر الإنترنت.

لا يخفى على أحد أن “جوجل” تواجه منافسة قوية من “مايكروسوفت”، التي تطور باستمرار محرك بحثها “بينغ” لينافس محرك بحث “جوجل” في سرعة ودقة وابتكار النتائج.

وفقا لآخر الإحصاءات من موقع “statista“، واعتبارا من آذار/مارس 2023، استحوذ محرك البحث عبر الإنترنت “بينغ” على 8.23 بالمئة من سوق البحث العالمي، بينما حصلت شركة “جوجل” في السوق على حصة تبلغ 85.53 بالمئة، ومع ذلك، تظهر بعض التقارير أن “بينغ” يزداد شعبية بين المستخدمين الذين يبحثون عن نتائج أكثر تخصيصا.

رغم التفاوت الكبير بين الأرقام لصالح شركة “جوجل”، لكن هذا لا يمنع بأن تشعر الشركة بالقلق، وهذا ما استدعى زيادة محاولات الشركة لزيادة الهوة بينها وبين “مايكروسوفت” عبر تطوير محرك بحثها.

هنا وفي هذه المادة، سنتناول أحدث محاولات شركة “جوجل” في تطوير محرك بحثها ليواكب التغيرات والتوجهات في سلوك المستخدمين.

“جوجل”.. تغيرات كبيرة

من المفترض أن يحدث تغيير غير متوقع بتجربة عملية البحث عبر “جوجل” قريبا، حيث تشير وثائق داخلية إلى أن الشركة تخطط لتحويل محرك البحث الخاص بها لشيء أكثر بصرية وسرعة وشخصية وإنسانية، وسيتم التركيز بشكل خاص على فئة الشباب في جميع أنحاء العالم، وفقا لتقرير صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية.

هذا التغيير سيتضمن إضافة ميزات الذكاء الصنعي، مثل الدردشة، بالإضافة إلى محتوى أكثر تفاعلية من وسائل التواصل الاجتماعي ومقاطع الفيديو القصيرة، ومن المحتمل أن يتم تشجيع المستخدمين على طرح أسئلة متابعة أو استعراض المحتوى المرئي، مثل مقاطع الفيديو على “تيك توك”، كجزء من استجابة محرك البحث لاستفسارات البحث.

صفحة بحث “جوجل” تعتبر واحدة من أكثر الصفحات استخداما على الويب، حيث يتم تقديم مليارات الاستفسارات يوميا؛ وبالتالي، فإن التغيير في تصميمها سيتسبب بتداعيات كبيرة في صناعة التكنولوجيا وثقافتنا، وسيقدم الذكاء الصنعي تجربة للجماهير بطريقة لم نشهدها من قبل، مما يعكس التقدم المذهل في عالم التكنولوجيا ويشق طريقه إلى قلوب وعقول المستخدمين.

قد يهمك: “جوجل” تسلّح متصفحها “كروم” بالمزيد من الميزات.. تعرفوا عليها

منافس آخر

في ظل الأخبار الجديدة التي تتعلق بتغييرات في “جوجل”، يواجه العملاق البحثي منافسة متزايدة من تطبيقات أخرى مثل “تيك توك”، حيث يعتمد المزيد والمزيد من الشباب على هذا التطبيق للعثور على معلومات حول المطاعم والمواضيع الأخرى.

 في أيلول/سبتمبر الماضي، بدأت “جوجل” بتسليط الضوء على مقاطع فيديو قصيرة أثناء عمليات البحث، وتشير التقارير الحالية إلى أن هذا النوع من المحتوى سيصبح أكثر بروزا في المستقبل.

في ضوء ذلك، تخطط “جوجل” لعرض المزيد من منشورات المنتديات عبر نتائج البحث، بالإضافة إلى تكامل محتوى ذي صلة بشكل أكبر، وذكرت التقارير أن “جوجل” تعتزم دمج المزيد من الأصوات البشرية كجزء من هذا التحول، وتقديم الدعم لمنشئي المحتوى.

في الوقت الذي تواجه فيه “جوجل” تحديا متناميا من محرك البحث “بينغ”، تأتي هذه الأخبار قبل مؤتمر “Google I/O” السنوي المقرر عقده غدا في 10 أيار/مايو، حيث من المتوقع أن تركز الشركة على ترويج منتجات الذكاء الصنعي.

في الشهر الماضي، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز“، أن “جوجل” يعمل على محرك بحث يستخدم الذكاء الصنعي ويهدف إلى توفير تجربة مخصصة وأكثر تفاعلا، والقدرة على التنبؤ بالاحتياجات الشخصية للمستخدمين.

في السياق نفسه، صرح الرئيس التنفيذي لشركة “جوجل”، سوندار بيتشاي لصحيفة “نيويورك تايمز”، أن الشركة ستدمج تماما تقنية الدردشة بالذكاء الصنعي في محرك البحث الخاص بها.

يمكن للأشخاص الآن الانضمام إلى قائمة الانتظار لتجربة تطبيق الدردشة الذكية “Bard” من” جوجل”، ومع ذلك، أعلنت الشركة أنها تتعامل بحذر تجاه إضافة الدردشة الذكية؛ بسبب المخاوف المتعلقة بدقة التكنولوجيا وتأثيرها في المجتمع.

قد يهمك: جيفري هينتون الأب الروحي للذكاء الصنعي.. كيف ألهم جيلاً من الباحثين؟

مستقبل مقلق

يترتب على هذا التغيير العديد من التحديات، قد تتضمن استجابات روبوت الذكاء الصنعي والمحتوى الذي ينشئه المستخدم، مثل مقاطع الفيديو المشابهة لتطبيق “تيك توك”، انتشار معلومات غير صحيحة.

تلك المخاوف أدت إلى عقد اجتماع الخميس الماضي، بين نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس ورئيسي شركة “مايكروسوفت” وشركة “OpenAI” لمناقشة مخاطر التكنولوجيا.

هذا الأسبوع أيضا، قال الباحث جيفري هينتون، المعروف باسم “عراب الذكاء الصنعي”، إنه قرر مغادرة “جوجل” حتى يتمكن من التحدث بحرية حول مخاطر الذكاء الصنعي، بما في ذلك انتشار المعلومات المضللة وتهديد وظائف الأفراد.

هينتون أشار أيضا، إلى أن هناك حاجة لإثارة القلق بشأن اندفاع صناعة التكنولوجيا نحو إنتاج منتجات الذكاء الصنعي.

في نهاية المطاف، تواجه “جوجل” تحديا ملحوظا بإدماج الذكاء الصنعي في محركات البحث، لكنها تسعى جاهدة إلى تحقيق التوازن بين الابتكار والمسؤولية، بهدف تقديم تجربة مستخدم فريدة وموثوقة في آن واحد، وهي خطوة جريئة تشير إلى رغبة “جوجل” البقاء في قمة التقدم التكنولوجي وتلبية احتياجات المستخدمين بعصر الذكاء الصنعي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات