استمع إلى المقال

الإنترنت هو عالم مفتوح ومتنوع، يوفر للمستخدمين إمكانيات لا حصر لها في الحصول على المعلومات والتعليم والترفيه والتواصل. ولكن في ظل هذه الحرية الكبيرة، تظهر أيضا بعض المخاطر والتحديات التي تهدد القيم الأخلاقية والاجتماعية والنفسية للأفراد والمجتمعات. من أبرز هذه التحديات هو انتشار المحتوى الإباحي على الإنترنت، والذي يستهدف جميع الفئات العمرية والجنسية، ويؤثر سلبا على صحة وسلوك وعلاقات المشاهدين.

فيما يلي بعض الإحصائيات حول انتشار المواد الإباحية على الإنترنت.

عدد المشاهدين، حسب تقرير أصدرته شركة “Pornhub“، فإن هناك 3.5 مليار شخص يشاهدون محتوى إباحيا على موقعها فقط في عام 2022، ما يعادل 45 بالمئة من سكان العالم، كما أن متوسط زمن المشاهدة لكل شخص هو 10 دقائق يوميا.

عدد المواقع الإباحية، هناك أكثر من 1.3 مليون موقع إباحي نشط على الإنترنت في عام 2022، يشكلون 4.5 بالمئة من إجمالي المواقع الموجودة، كما أن هذه المواقع تستقطب 16.5 بالمئة من حركة المرور على الإنترنت، ما يعادل 21.2 مليار زيارة شهرية.

انتشار المواد الإباحية بين الأطفال والشباب، حسب دراسة أجرتها منظمة “Common Sense Media“، فإن 70 بالمئة من المراهقين (13-18 سنة) في الولايات المتحدة قد شاهدوا محتوى إباحيا على الإنترنت في عام 2022، بزيادة 15 بالمئة عن عام 2019، كما أن 27 بالمئة من المراهقين قد شاهدوا محتوى إباحيا قبل سن 13 سنة؛ بالإضافة إلى ذلك، فإن 21 بالمئة من الشباب (18-24 سنة) في إنكلترا قد شاهدوا محتوى إباحيا يوميا أو أكثر في عام 2022.

من خلال هذه الأرقام، نستطيع أن نلاحظ حجم وخطورة مشكلة المحتوى الإباحي على الإنترنت، والتي تتطلب تدخلات عاجلة وفعالة من قبل الجهات المعنية، سواء كانت حكومية أو مجتمعية أو فردية.

كيف استغل مستخدمو “يوتيوب” خطأ في نظام العلامات لرفع محتوى إباحي؟

في وقت سابق من هذا الأسبوع، اكتشفت مجموعة من الأفراد الذين يبحثون عن محتوى إباحي على “يوتيوب” خطأ في نظام العلامات، مما سمح لهم بالاستمرار في استضافة مواد إباحية على المنصة حتى بعد حذف قنواتهم، وفقا لتقارير من موقع “404 Media” التقني، استغل المستخدمون تقنية تستخدم شيئا يسمى “سطر جديد”، وهو ما يكتب عندما تضغط على مفتاح الإرجاع على لوحة المفاتيح، من خلال تكرار ملايين هذه الأحرف في علامات الفيديو، باستخدام وكيل، كان يمنع تغيير إعدادات الرؤية للفيديو، مثل تغييره من عام إلى خاص، أو حذفه نهائيا.

هذا الخطأ، الذي تم إصلاحه بالفعل من قبل “يوتيوب”، كان يسمح للمستخدمين بإخفاء فيديوهاتهم الإباحية عن أعين المشرفين والجمهور، وقال أحد المستخدمين الذي اكتشف هذا الخطأ أنه كان يستخدمه لزيادة عدد المشاهدات والإعجابات على فيديوهاته، وأضاف أنه كان يستخدم أسماء مستخدمين وصور رمزية وأسماء قنوات مزيفة لإضافة المزيد من التضليل.

لكن هذه ليست المرة الأولى التي يستغل فيها مستخدمو “يوتيوب” خطأ في نظام المنصة لأغراض شخصية؛ ففي عام 2021، اكتشف بعض المستخدمين خطأ في نظام التصويت بالإعجاب أو عدم الإعجاب، مما سمح لهم بالحصول على عدد غير محدود من الإعجابات على فيديوهاتهم، وقال أحد المستخدمين أنه استخدم نفس التقنية التي استخدمت في خطأ العلامات، باستثناء أنه استخدم “سطر جديد” في حقل التعليقات بدلا من حقل العلامات. وقام بشرح كيفية استغلال هذا الخطأ في فيديو نشره على قناته.

هذه التقنية لا تزال تشكل خطرا على سلامة وأمان المستخدمين والجودة والشفافية للمحتوى، فقد يستخدمها بعض الأشخاص لنشر محتوى ضار أو مضلل أو غير قانوني على “يوتيوب”، مما يخالف سياسات المنصة ويضر بسمعتها.

الجهود المبذولة

تعتبر مكافحة انتشار المواد الإباحية على الإنترنت من أولويات عديدة للعديد من الحكومات والمؤسسات حول العالم، وتتضمن هذه الجهود مجموعة متنوعة من الإجراءات والتدابير التي تهدف إلى الحد من هذه الظاهرة الضارة، فيما يلي بعض الجوانب الرئيسية لهذه الجهود.

جهود الحكومات

بعض الحكومات تفرض تشريعات صارمة تحظر إنتاج وتوزيع ومشاهدة المواد الإباحية على الإنترنت، وتعاقب المخالفين بالسجن أو الغرامات، كما تستخدم بعض الحكومات تقنيات مثل التصفية والرقابة لمنع وصول المستخدمين إلى المواقع الإباحية؛ مثلا، في معظم الدول العربية، يتم حجب جميع المواقع التي تحتوي على محتوى إباحي.

جهود مؤسسات المجتمع المدني

هناك مؤسسات غير حكومية وجمعيات ومؤسسات دينية تعمل على توعية الجمهور بأضرار المواد الإباحية على الإنترنت، وتقديم خدمات دعم وإرشاد للأشخاص المدمنين على المواد الإباحية أو المتضررين منها، كما تشارك هذه المؤسسات في حملات ومبادرات للضغط على صانعي القرار وشركات الإنترنت لاتخاذ إجراءات فعالة للحد من انتشار المواد الإباحية على الإنترنت؛ مثلا، في الولايات المتحدة، هناك منظمات مثل “Enough is Enough” و”National Center on Sexual Exploitation” التي تسعى إلى حماية الأطفال والأسر من التأثيرات الضارة للإباحية على الإنترنت.

المحتوى الإباحي

جهود شركات الإنترنت

بعض شركات الإنترنت تقوم بتطبيق سياسات ومعايير لمنع نشر أو نقل أو استضافة المواد الإباحية على منصاتها، وتحذف أو تحجب المحتوى الإباحي المخالف، كما تستخدم بعض شركات الإنترنت تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والتحليل البصري للكشف عن المحتوى الإباحي وإزالته؛ مثلا، في “فيسبوك”، تم حذف أكثر من 30 مليون محتوى إباحي في الربع الأول من عام 2020، وفي “جوجل”، تم حظر أكثر من 100 ألف موقع إباحي في عام 2019.

المزيد من الجهود

مكافحة انتشار المواد الإباحية على الإنترنت هي مهمة تتطلب جهدا شاملا وتعاونا دوليا لضمان بيئة آمنة وصحية على الإنترنت للأفراد والأسر على حد سواء، تأتي هذه التوصيات كجزء من مساهمتنا في تحقيق هذا الهدف النبيل.

أولا، يجب زيادة الوعي بالمخاطر المرتبطة بانتشار المواد الإباحية على الإنترنت، ويمكن ذلك من خلال حملات توعية وتثقيفية تستهدف الشباب والأسر، مع التركيز على الآثار النفسية والاجتماعية الضارة للاستهلاك المفرط للمحتوى الإباحي.

ثانيا، يجب تشديد التشريعات والإجراءات القانونية ضد المحتوى الإباحي غير القانوني، ويجب تعزيز الرقابة وتشديد العقوبات على الجهات التي تنتهك القوانين فيما يتعلق بالإنترنت، يمكن أن تتضمن هذه الإجراءات فرض غرامات مالية أكبر ومعاقبة الجرائم المتعلقة بالمحتوى الإباحي.

ثالثا، لا بد من الاستثمار في تطوير تقنيات جديدة لتصفية المحتوى الإباحي على الإنترنت، يمكن استخدام التعلم الآلي والذكاء الصناعي لتحديد وحجب المحتوى الغير المرغوب فيه بشكل أكثر دقة وفعالية، يجب أيضا تشجيع الشركات التكنولوجية على التعاون مع الجهات المختصة لتطوير حلول فعالة.

في النهاية، ندعو الجميع إلى تبني هذه التوصيات والمساهمة في جهودنا المشتركة للحد من انتشار المواد الإباحية على الإنترنت. إنها مسؤوليتنا جميعا لضمان أن يكون الإنترنت مكانا آمنا وصحيا للجميع، وذلك من خلال توعية الناس بالمخاطر، وتشديد القوانين، واستخدام التكنولوجيا بشكل ذكي، إنها معركة تستحق النضال من أجلها من أجل مستقبل أفضل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات