استمع إلى المقال

منذ عقود، كان مفهوم “السلاح الذكي” أو “المسدس الذكي” الذي لا يمكن إطلاق النار منه إلا بواسطة المستخدم المصرح له دون أي شخص آخر موجودا، وترجع جذور هذا المفهوم إلى دراسة أجراها المعهد الوطني الأميركي للعدالة عام 1995 لتقليل حالات قتل ضباط الشرطة عبر اتباع نهج قائم على التكنولوجيا. 

وفقا لبيانات من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، كانت الأسلحة النارية السبب الأول لوفاة الأطفال في عام 2020.

في حين حدد بحث حديث أجراه المعهد الوطني الأميركي للعدالة أن الغالبية العظمى (77 بالمئة) ممن أطلقوا النار الجماعي بين عامي 1966 و 2019 اشتروا سلاحا ناريا قانونيا واحدا على الأقل يستخدم لتنفيذ أعمال العنف. بعبارة أخرى، تحد الأسلحة الذكية من عمليات إطلاق النار الجماعية، خاصة في المدارس.

في كل مرة تحدث فيها حادثة إطلاق نار بواسطة طفل عن طريق الخطأ على صديق أو أحد أفراد أسرته، أو يقتل مراهق نفسه بطلق ناري، أو يرتكب مُطلِق النار عملا من أعمال العنف الجماعي، فإن النقاشات العامة تتجدد بشأن الحاجة إلى وجود “السلاح الذكي”.

نتيجة لذلك، نفذت “Biofire” (شركة ناشئة في مجال الأسلحة الذكية) هذه الفكرة ضمن المسدس البيولوجي الأول في العالم المتضمن مجموعة من أحدث التقنيات المتقدمة المستخدمة لتحديد المالك الموثوق للمسدس، وذلك في سبيل منع الاستخدام غير المصرّح به.

المسدس الذكي العامل بالبطارية يتمتع بأحدث الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية المتطورة، لكن في جوهره لا يزال سلاحا.

قد يهمك: سيارة مرسيدس الحيّة: تقنية المستقبل مع Mercedes AVTR

بداية الفكرة

حتى الآن، ليس هناك مسدسات ذكية قابلة للبيع بشكل تجاري في الولايات المتحدة، ويرجع ذلك إلى عدد من الأسباب. لكن أحد أكبر المشاكل هو إنتاج مسدس عملي قادر على تحديد صاحبه بدرجة عالية من الموثوقية والتأكد من إطلاق السلاح عند الطلب. 

المسدسات، بالرغم من أنها تبدو معقّدة لكثير من الناس، لكنها تعتبر أجهزة ميكانيكية بسيطة وصغيرة وقوية. كما أن تثبيت جهاز أمان إلكتروني يمكن أن يجعل المسدس غير ملائم ويضيف نقاط فشل عندما تكون هناك حاجة ماسة إلى السلاح.

تقليديا، كانت محاولات صنع مسدس ذكي تدور حول أخذ آلية سلاح ناري تقليدية وإدخال نوع من القفل الكهروميكانيكي الذي يمنع استخدامه حتى يجري فتحه بواسطة مفتاح. 

هذا المفتاح قد يكون علامة تحديد الترددات اللاسلكية، أو ساعة ذكية، أو حلقة مغناطيسية، أو سوار، أو مفتاح مادي، أو قفل بيومتري. 

لكن المشكلة تكمن في أن المفاتيح يمكن أن تُفقد أو تُسرق، بينما قد تفشل القياسات الحيوية بسبب شيء بسيط مثل إصبع متسخ.

عن طريق تجنب مشكلة التعديل على الآلية التقليدية، فإن “Biofire” تأمل في التغلب على هذه القيود. 

هذا المسدس الذكي يعمل بواسطة مبدأ مختلف تماما، حيث يستخدم القياسات الحيوية للتعرف على بصمات الأصابع والوجه لفتحه.

قد يهمك: “كمبيوتر الإنترنت”: ثورة البلوك تشين الثالثة وبديل الخدمات السحابية المستقبلي

طريقتان للقياسات الحيوية

بدلا من الوصلات الميكانيكية والنوابض التي تعمل عبر سحب الزناد، فإن الزناد في المسدس الذكي الجديد بقياس 9 ميليمتر غير متصل بالقادح، بل يعمل كمفتاح.

عند سحب الزناد، فإنه يجري إرسال إشارة إلى نظام إطلاق إلكتروني – يتكون من دائرة رقمية وبرامج – في نفس الجزء من الثانية.

في اللحظة التي يمسك فيها المستخدم المصرّح له المسدس فإنه يفحص وجهه، مما يلغي الحاجة إلى رمز أو مفتاح لفتحه.

هذه المصادقة تتم عن طريق طريقتين للقياسات الحيوية، الأولى هي مستشعر بصمات الأصابع الموجود على المقبض الذي يحدد الإصبع الأوسط للمستخدم. 

من الناحية المثالية، فإن قبضة المسدس مصممة بحيث تستقر اليد في الموضع الصحيح عندما يمسكها المستخدم.

نظرا لأن أحد أسباب فشل مستشعرات بصمات الأصابع هو أن المستخدم يلمسها بزاوية خطأ، فإن موضع القبضة يقلل من ذلك.

مشكلة أخرى في مستشعرات بصمات الأصابع هي أنه يمكن تعطيلها بواسطة إصبع متسخ أو مقطوع.

من أجل التغلب على هذه المشكلة، يحتوي الجزء الخلفي من المسدس الذكي على نظام التعرف على الوجه الثلاثي الأبعاد، القادر على العمل حتى إذا كان صاحب المسدس يرتدي قفازات أو غطاء للوجه.

في حالة فشل نظام بصمات الأصابع، فإن نظام التعرف على الوجوه لن يفشل، والعكس صحيح.

بالإضافة إلى ذلك، يتضمن الجزء الخلفي من المقبض مستشعرا جلديا للأشعة تحت الحمراء تتمثل مهمته في إخبار النظام أن المسدس لا يزال في حوزة المستخدم، مما يتجنب الحاجة إلى إضاعة النظام للوقت والطاقة في إعادة تأكيد هوية المستخدم بشكل متكرر.

هناك بطارية قابلة لإعادة الشحن تدوم لأشهر بشحنة واحدة من أجل تشغيل السلاح الناري، ويأتي المقبض مع مجموعة متنوعة من الخيارات، بما في ذلك اليد اليسرى، كما يمكن تخصيص المقبض ليناسب المستخدم.

هذا المسدس الذكي يقفل لحظيا ويؤمن نفسه على الفور لمنع سوء الاستخدام، ويعتمد على محرك القياسات الحيوية “جارديان”، ويوضع على منصة إرساء ذكية. كما يمكن لمالكه إضافة أو إزالة ما يصل إلى خمسة أشخاص موثوقين.

إلى جانب ذلك، فإن المسدس الذكي لا يتضمن شريحة لتتبّع الموقع باستخدام نظام التموضع العالمي، والأمر متروك للمالك ليقرر ما إذا كان يريد توصيل منصة الإرساء الذكية بالإنترنت للحصول على التحديثات.

لمنع القرصنة أو التجسس، لا يحتوي المسدس الذكي نفسه على أنظمة اتصالات لاسلكية أو إنترنت. نتيجة لذلك لا يمكن الوصول عن بُعد إلى البيانات الحيوية المبرمجة ولا يمكن تحويله ليعمل كمسدس تقليدي.

قد يهمك: Web 3.0 .. هل هي حقًا إنترنت المستقبل أم أنها مجرد فقاعة تقنية؟

تقبّل المفهوم

كان الاستقبال لمفهوم تكنولوجيا الأسلحة الذكية مختلطا، حيث كانت هناك دعوات عامة لتطوير التكنولوجيا، بينما أعربت جماعات حقوق السلاح عن مخاوفها من إمكانية فرض هذه التكنولوجيا، ويشعر بعض المتحمسين للأسلحة النارية بالقلق من أن التكنولوجيا لن تكون موثوقة بدرجة كافية.

بعد الكشف في عام 1999 عن أن شركة “سميث آند ويسون” كانت تطور سلاحا ذكيا للحكومة الأميركية، قاطع الاتحاد القومي الأميركي للأسلحة وأعضائه الشركة.

في عام 2014، جلبت شركة ألمانية تدعى “Armatix” مسدسا إلى السوق استخدم ساعة تردد لاسلكي لإلغاء قفل السلاح، لكنها واجهت مشاكل فنية بالإضافة إلى رد فعل سياسي.

بينما دعا بعض مؤيدي الأسلحة الذكية منظمات الشرطة الفيدرالية والولائية والمحلية إلى أخذ زمام المبادرة في تبني تكنولوجيا الأسلحة الذكية.

بسبب قدرتها على تقليل مخاطر استخدام مسدس الشرطي ضده، ولجعلها المسدسات المسروقة غير قابلة للإطلاق، فإن رئيس شرطة سان فرانسيسكو جريج سوهر دعم الأسلحة الذكية.

قد يهمك: الطباعة ثلاثية الأبعاد.. ما دورها في صناعة المستقبل؟

الفوائد والأضرار المحتملة

هذه التقنية تهدف إلى منع إساءة استخدام الأسلحة النارية بواسطة الأطفال والمراهقين، بالإضافة إلى تقليل عمليات استخدام السلاح الناري ضد مالكه في حالة سرقته، مع تقليل حوادث انتحار الأشخاص غير المصرح لهم باستخدام السلاح الناري.

لكن القياسات الحيوية تستغرق وقتا للمعالجة وغالبا ما تكون غير دقيقة، كما أنها قد تكون قابلة للاختراق أو عرضة للتتبع الحكومي أو التشويش، ويجب أن تكون الأسلحة النارية قابلة للفك لتنظيفها وصيانتها.

وهناك مخاوف أخرى تتمثل في أن الأسلحة الذكية قد تجعل السلاح الناري أكثر عرضة للفشل عند الحاجة للدفاع عن النفس.

قد يهمك: تقنية “التوأم الرقمي”.. كيف تتنبأ بسلوكيات المستقبل؟

ختاما، يُعتبر نهج “Biofire” جديد كليا، حيث طبّقت المبادئ الهندسية العالية الدقة لتقليل عدد وفيات الأطفال بالأسلحة النارية القابلة التي يمكن الوقاية منها، وبداية حقبة جديدة في مجال سلامة الأسلحة النارية. نتيجة لذلك، فإن الشركة تقدّم الآن أحد أكثر الأسلحة النارية الاستهلاكية تقدّما من الناحية التكنولوجية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات