استمع إلى المقال

مثل العادة، لا تكل الصين ولا تمل عن حملاتها القمعية تجاه حرية التعبير، خصوصا في مواقع التواصل الاجتماعي، فالتكميم والتضييق على الحريات هو النهج السائد من قبل الحزب الحاكم، لكن ما هو الجديد.

في الجديد، فإن “هيئة تنظيم الفضاء الإلكتروني” في الصين التي يديرها “الحزب الشيوعي” الحاكم، حذفت 1.4 مليون منشور في مواقع التواصل الاجتماعي بعد تحقيق استمر شهرين في حملة ضد “المعلومات المضللة، والتربّح غير القانوني، وانتحال الهوية لمسؤولين حكوميين”، بحسب مزاعم الهيئة.

الهيئة أوضحت في بيان لها، أنها أغلقت 67.000 حساب في وسائل التواصل الاجتماعي وحذفت مئات الآلاف من المنشورات خلال المدة الواقعة بين 10 آذار/مارس و22 أيار/مايو 2023 كجزء من حملة “تصحيح” أوسع.

استهداف وسائل الإعلام الذاتية

بحسب “هيئة تنظيم الفضاء الإلكتروني”، فمن بين الـ 67.000 حساب التي أُغلقت نهائيا، أُغلق 8.000 حساب منها “لنشرها أخبارا مزيّفة وإشاعات ومعلومات ضارة”، فيما تلقى زهاء 930.000 حساب آخر عقوبات أقل صرامة، مثل حذف جميع المتابعين أو التعليق أو إلغاء امتيازات جني الأرباح.

الحملة القمعية الأحدث، شملت حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي الصينية البارزة، ومن أهمها “وي تشات، دوين”، إضافة إلى “ويبو”، وهي الحسابات التي تندرج تحت فئة “وسائل الإعلام الذاتية”.

وسائل الإعلام الذاتية، مصطلح يشير على نطاق واسع إلى الحسابات التي تنشر الأخبار والمعلومات، ولكن لا تديرها الحكومة أو توافق عليها، أي أن “الحزب الشيوعي” الحاكم لا يديرها بشكل مباشر، ولا يتحكم بما ينشر فيها.

منذ عام 2021، استهدفت الصين -وتستهدف- المليارات من حسابات مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك في محاولة لـ “تنظيف فضائها الإلكتروني وتسهيل السيطرة عليه” من قبل السلطات التي تفرض رقابة كبيرة على كل شيء في البلاد.

ليس ذلك فحسب، بل كثيرا ما تعتقل بكين المواطنين وتخضع الحسابات للرقابة لنشرها معلومات واقعية تُعد حساسة، أو مُنتقِدة للحزب الحاكم، خاصة عندما تنتشر مثل هذه المعلومات على نطاق واسع.

دعوة لمستخدمي الإنترنت

في حملة أخرى، أغلقت الهيئة التنظيمية أيضا أكثر من 100,000 حساب يُدّعى أنها تسيء تمثيل مذيعي الأخبار ووكالات الإعلام لمواجهة صعود التغطية الإخبارية المزيفة عبر الإنترنت بمساعدة تقنيات الذكاء الاصطناعي.

هيئة تنظيم الفضاء الإلكتروني، قالت إن حملتها الأخيرة استهدفت ما يقرب من 13.000 حساب عسكري مزيّف بأسماء، مثل “قيادة الجيش الأحمر الصيني، وقوة مكافحة الإرهاب الصينية، وقوة الصواريخ الاستراتيجية”، ناهيك عن استهدافها 25.000 حساب آخر لانتحالها صفة المؤسسات العامة، مثل “مراكز مكافحة الأمراض والوقاية، ومعاهد البحوث التي تديرها الدولة”، على حد قولها.

الهيئة اعترفت ضمنيا بالقمع الذي تمارسه، بقولها إنها “نسّقت بنشاط مع الأمن العام، ومراقبة السوق، والإدارات الأخرى لتوجيه ضربة قوية وتصحيحية للإعلام الذاتي غير القانوني”.

إضافة لكل ذلك، يبدو أن بكين ستواصل التضييق الذي تمارسه، إذ دعت “هيئة تنظيم الفضاء الإلكتروني”، غالبية مستخدمي الإنترنت إلى “المشاركة بنشاط في المراقبة والإبلاغ عن وسائل الإعلام الذاتية”، والحفاظ بصورة مشتركة على “فضاء إلكتروني نظيف”، على حد تعبيرها. 

أخيرا، لا يبدو أن الصين ستنفتح على شعبها وتتيح له فسحة من الحرية باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، بل على العكس، فإن القمع وتضييق الخناق هو النهج الذي تتبعه أكثر فأكثر مع مرور الوقت.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
5 1 صوت
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات