استمع إلى المقال

التسويق الرقمي يعتبر واحدا من أهم استراتيجيات الشركات الحديثة للوصول إلى الجمهور المستهدف وزيادة المبيعات، ولكن مع تزايد حجم البيانات وتعقيد العمليات، يصعب على المسوّقين تحقيق النتائج المرجوة بسرعة وفعالية، وهنا كان لابد من البحث عن حلول لهذه الإشكاليات، ليكون الحل السحري هو الذكاء الصنعي الذي استُنجد به في التسويق الرقمي ليوفر حلولا مبتكرة لهذه المشكلة.

الذكاء الصنعي يلجأ في التسويق الرقمي إلى استخدام تقنيات التعلّم الآلي والتحليل الدقيق لتمكين الشركات من إجراء تحليل للبيانات الضخمة المتاحة، وبالتالي تحديد الأنماط والاتجاهات والتوقعات في سلوك المستهلكين، وبالاعتماد على هذه المعلومات، يمكن للشركات تحديد الاحتياجات والرغبات لدى الجمهور المستهدف، وتصميم حملات تسويقية متكاملة تتناسب مع تلك الاحتياجات.

من خلال أتمتة العديد من مهام التسويق، يمكن للذكاء الصنعي توفير الوقت والجهد المبذول في هذه المهام، فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام الذكاء الصنعي في تصميم الحملات الإعلانية واختيار القنوات المناسبة لنشرها، وتحليل البيانات لتحديد أفضل وقت لنشر الإعلانات وكيفية تخصيص الميزانية بشكل أمثل.

من المقدر أن يحقق سوق الذكاء الصنعي العالمي مبيعات بقيمة 433 مليار دولار من 2020 إلى 2023، ومن المتوقع أن يزداد التسويق بالذكاء الصنعي في السنوات المقبلة، وأن تتجاوز الإيرادات نصف تريليون دولار بنهاية عام 2023، بحسب موقع الإحصائيات “statista“.

لكن، ما هي الأسباب التي تدفع إلى استخدام الذكاء الصنعي في عمليات التسويق، وما هو الاستخدام الدقيق للذكاء الصنعي في مجال التسويق الرقمي، وكيف تستخدمه الشركات والعلامات التجارية العالمية، دعونا نوضح كل ذلك، ونرى كيف يتم استخدام الذكاء الصنعي في التسويق الرقمي.

قد يهمك: اقتصاد الانتباه.. هل أصبح المستخدم سلعة لتحقيق الأرباح؟

لماذا الذكاء الصنعي تحديدا؟

كما ذكرنا سابقا، يتم التوجه إلى الذكاء الصنعي في عمليات التسويق؛ لأنه يساعد على تحسين فهم العملاء وسلوكياتهم واحتياجاتهم، وبالتالي يمكن استخدام هذه المعلومات لتحسين تجربة العملاء وزيادة فاعلية حملات التسويق وجذب عملاء جدد، والمزيد من الأسباب ومنها.

التسويق الرقمي

علاقات أفضل مع العملاء

أدوات الذكاء الصنعي مثل روبوتات الدردشة، توفر دعما مستمرا للعملاء على مدار الساعة، مما يضمن توافر المساعدة في أي وقت، يتيح ذلك لفرق خدمة العملاء توفير الوقت اللازم للرد على الاستفسارات الشائعة والتركيز على المهام الأساسية والاستفسارات الأكثر تعقيدا.

سرعة اتخاذ القرارات

أدوات التسويق تتيح فلترة كميات كبيرة من البيانات بشكل أسرع بكثير. تعتمد الأنظمة التي تعمل بالذكاء الصنعي على هذه الأدوات لتوليد رؤى قيمة وتحديد العملاء المناسبين في الوقت الملائم.

الاستثمار لحملة التسويق

من الممكن تحسين عائد الاستثمار لحملة التسويق عن طريق تطوير محتوى يُلهم ويحفّز الجمهور، ويدفع العملاء لاتخاذ الإجراءات المطلوبة باستخدام الذكاء الصنعي.

يمكن استخدام البيانات لتشغيل حملات تسويقية تستند إلى المحتوى الذي يستجيب له الجمهور، ويضيف قيمة للتجربة، ويؤثر هذا على الأرباح النهائية، ويزيد من عائد الاستثمار لحملة التسويق.

بيانات العملاء

قد يكون من الصعب إنشاء محتوى يناسب العملاء إذا لم نكن على دراية بتفضيلاتهم وما يرغبون فيه، أو يمتنعون عنه.

باستخدام بيانات العملاء مثل التركيبة السكانية وسجل الشراء والموقع، يمكنك تحديد المجالات المهتمة بمنتجاتنا أو خدماتنا، يتيح الذكاء الصنعي الحصول على هذه البيانات وفك تشفيرها بسهولة، مما يسمح لنا بتخصيص المحتوى وتضمين الطابع الشخصي لكل عميل بكل دقة.

المهام المتكررة

المهام المتكررة تعد شاقة، وتستنزف الكثير من الوقت والجهد، وهذا ما يزيد من الشعور بالإرهاق والإحباط عند القيام بالأمور نفسها على نحو متكرر.

الذكاء الصنعي يمكن أن يقوم بأتمتة المهام المتكررة مثل إرسال رسائل البريد الإلكتروني، وتحليل الاستطلاعات، والتقارير، والإجابة على الأسئلة الشائعة، وغيرها بكل سهولة، وحينها يمكن استثمار الوقت والمال الموفرين لحل المشكلات الأكثر تعقيدا والابتكار.

كيف يتم استخدام الذكاء الصنعي في التسويق الرقمي؟

الذكاء الصنعي يتيح للمسوّقين إنشاء عملية خلط من عناصر الذكاء البشري والصنعي، إذ يبسط استخدام الذكاء الصنعي عمليات التسويق الرقمي ويعززها، مع تحقيق الهدف الأساسي للتقدم التكنولوجي القائم على الذكاء الصنعي.

الذكاء الصنعي هو أكثر من مجرد أتمتة أو أدوات رقمية بسيطة، إذ يحاكي عمل العقل البشري في صنع القرارات، ونتيجة لذلك، يساعد فِرق التسويق في إعداد خطط تسويقية وتدفقات عمل فعالة.

بفضل البيانات يقوم الذكاء الصنعي بتنفيذ مسؤولياته تجاه الشركات في إطار النماذج التي تنشئها الخوارزميات، والمادة الخام لتلك الخوارزميات والنماذج هي البيانات، ولذلك، تُعد جمع البيانات موضوعا ساخنا في عالم الأعمال اليوم، بسبب أهميتها سواء لبيعها وشرائها واستخدامها أو حمايتها.

من بعض الأمثلة عن أدوات الذكاء الصنعي التي تعتمد عليها فِرق التسويق الرقمي ما يلي.

تطبيقات الإعلان الرقمي

مجال الإعلان الرقمي يُعتبر واحدا من المجالات الناجحة التي تدمج دراسات الذكاء الصنعي بشكل فعال، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تستخدم الشركات الكبرى مثل “فيسبوك” و “جوجل” الذكاء الصنعي في منصاتها الإعلانية لتحسين تجربة المستخدم.

إذ يتم استخدام الذكاء الصنعي في تحليل بيانات المستخدم مثل العمر والجنس ومجالات الاهتمام والموقع، وتعرض الإعلانات بشكل مستهدف للأشخاص المناسبين، ويؤدي ذلك إلى زيادة العائد على الاستثمار في حملات الإعلان.

فوائد استخدام التقنية بشكل صحيح تؤدي إلى زيادة فعالية حملات الإعلان، مما يؤدي إلى تحقيق نتائج فعالة ومعدلات تحويل عالية.

التسويق الرقمي

أدوات إدارة علاقات الزبائن

إدارة علاقات الزبائن، والتي تُعرف أيضا باسم “CRM”، وهي استراتيجية عمل تركز على الزبون من خلال تصفية المعلومات الصحيحة وزيادة جمع المعلومات حول المستخدم، وتستخدم هذه الاستراتيجية الذكاء الصنعي للحصول على رؤى دقيقة.

بجانب إدارة علاقات الزبائن والذكاء الصنعي، يمكن الآن للشركات فهم سلوك المستخدمين مثل المنتجات أو الخدمات التي يهتمون بها، ومقدار ما ينفقونه بشكل مثالي على المنتجات، والمزيد.

كما تساعد أدوات إدارة علاقات الزبائن القائمة على الذكاء الصنعي الشركات على الوصول إلى بيانات التسويق الخاصة بها بشكل أسرع بنسبة 95 بالمئة، وفقا لشركة “salesforce” الأميركية المتخصصة في إدارة علاقات العملاء.

هذه الأدوات تسمح للشركات بإنشاء استراتيجية تسويق فعالة قائمة على الذكاء الصنعي لزيادة الروابط والتحويلات، ويقوم المسوقون بتحليل احتياجات الزبائن من خلال هذه البيانات واعتماد الذكاء الصنعي لزيادة المبيعات، وبهذه الطريقة، تساعد إدارة علاقات الزبائن والذكاء الصنعي في تغيير عالم التسويق الرقمي بشكل جذري.

تسويق البريد الإلكتروني

العلامات التجارية تستخدم الذكاء الصنعي لتحسين جودة رسائل البريد الإلكتروني الموجهة لجمهورها المستهدف، فالآن بإمكانها تخصيص المحتوى وفقا لسلوكيات وتفضيلات العملاء، وذلك بفضل التعلم الآلي الذي يمكنه تحديد أوقات الاتصال المثلى، استنادا إلى تحليل كميات كبيرة من البيانات، وبفهمها للمحتوى الذي يناسب بشكل أكثر للعملاء والمواضيع والعناوين التي تحقق نتائج إيجابية، يمكن للعلامات التجارية تحسين استراتيجياتها وزيادة نسبة النقرات والاستجابات.

SEO

اليوم يتجه العديد من المسوقين إلى استخدام الذكاء الصنعي في تحسين محركات البحث، حيث يمكن لهذه التقنية تكييف الاستراتيجيات المستخدمة مع خوارزميات تصنيف البحث وتحسين ترتيب صفحات الويب، إذ تشمل SEO عددا كبيرا من الاحتياجات الفنية والدلالية، ويمكن للاستخدام المناسب للذكاء الصنعي في SEO توفير استراتيجيات أكثر تكيّفا ومحتوى أفضل لأعمالنا.

وفقا لدراسة أجرتها شركة “HubSpot“، فإن أكثر من نصف المسوقين يعتبرون تصنيف الكلمات الرئيسية وحركة المرور أساسيات يستخدمونها لقياس أداء استراتيجيات تحسين محركات البحث الخاصة بهم، ومع انتشار استخدام الذكاء الصنعي في هذا المجال، تركز الشركات على استخدام هذه التقنية لتحديد الكلمات الرئيسية ذات الصلة وتحليلها ودراسة الموضوعات والهياكل المحتوية الناجحة.

تطبيقات الدردشة الآلية

بفضل التقدمات في مجال التعرف الدلالي، مثل الذكاء الصنعي ومطابقة الأسئلة المتعلقة بالموضوعات، أصبحت تطبيقات الدردشة الآلية توفر العديد من المزايا لتحسين تجربة العملاء وخدماتهم، على سبيل المثال، تمكن الدردشة الآلية من التعامل مع العديد من العملاء في الوقت ذاته عوضا عن التعامل مع شخص واحد.

الدردشة الآلية تقدم أيضا ميزة الخدمة المستمرة على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، مما يساعد على إقامة اتصال مستمر مع العملاء، وهذا ما يساعد الشركات في التفوق على منافسيها الذين لا يقدمون هذه الخدمة، كما يتيح للشركات التي تنفذ عملياتها في الخارج الاتصال بعملائها على نحو متواصل، بغض النظر عن اللغة المستخدمة أو المنطقة الزمنية.

فيما يلي مثال على كيفية تحسين خدمة العملاء باستخدام الدردشة الآلية.

يمكن لتطبيقات الدردشة الآلية مثلا توفير معلومات حول الأرصدة والنفقات للمستخدمين بكل سهولة، وإعداد إشعارات مخصصة، مما يجعل إدارة الشؤون المالية أكثر بديهية وسهولة في الاستخدام.

تسويق المحتوى

الذكاء الصنعي يساهم في تحسين تأثير تسويق المحتوى، حيث يتمكن المسوقون من استهداف الجمهور بشكل أكثر دقة باستخدام الاستنتاجات التي يوفرها الذكاء الصنعي بناء على سلوك وعادات المستخدمين، ومن خلال ذلك، يمكن للمسوقين الوصول إلى المستخدمين بشكل أكثر كفاءة وزيادة عدد العملاء المحتملين والتحولات الرقمية.

علاوة على ذلك، يقوم الذكاء الصنعي بتعزيز تسويق المحتوى عن طريق تسهيل الاتصال مع الزوار على مواقع الويب ذات المحتوى الأكثر صلة، ويمكن لتقنيات توليد المحتوى القائمة على الذكاء الصنعي تسريع العملية وتمكين المسوقين من إنشاء المزيد من المحتوى الرقمي.

قد يهمك: حدود الذكاء الصنعي.. الأشياء التي لا يمكن أن يفعلها حتى الآن

مستقبل الذكاء الصنعي في التسويق

مستقبل الذكاء الصنعي في التسويق يتمثل في الاستفادة من قدراته لتحسين استراتيجيات التسويق الرقمي، ليس الهدف من الذكاء الصنعي تحييد المسوقين أو المعلنين، بل هو تعزيز قدراتهم الإبداعية ورفع مستوى أدائهم، ومن المهم للمسوقين والمعلنين أن يتكيفوا مع اتجاه الذكاء الصنعي الحالي.

على الرغم من أن للذكاء الصنعي تأثيره الكبير على السوق، إلا أن الكثير ما زال يُنتظر لاستكشافه، والتحديات التي تواجهه تحتاج إلى دراسة وتطوير مستمر.

من خلال استخدام تحليل التسويق وسلوك المستهلكين، يمكن للذكاء الصنعي تحديد الجمهور المستهدف وتوجيه المحتوى الشخصي إليهم في الوقت الفعلي، ولمن يبحث عن الاستفادة من الذكاء الصنعي في استراتيجيته التسويقية، يمكنه الاستعانة بوكالات التسويق الرقمي المتخصصة في هذا المجال، والتي يمكنها تحسين عائد الاستثمار بمساعدة الذكاء الصنعي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.