ضعف التكنولوجيا في الشرق الأوسط يدفع بموجة الاستقالة الكبرى لتهدد الأعمال وتلزم المدراء بالتحرك

ضعف التكنولوجيا في الشرق الأوسط يدفع بموجة الاستقالة الكبرى لتهدد الأعمال وتلزم المدراء بالتحرك
استمع إلى المقال

كشفت شركة “فريش ووركس” (Freshworks)، وهي شركة برمجيات رائدة تمكّن الشركات من تحقيق عوامل الراحة والسعادة لعملائها وموظفيها ومقرها كاليفورنيا، بالتعاون مع “سنيوس وايد” (Censuswide)، وهي شركة لأبحاث السوق ومقرها لندن، كشفت عن نتائج استطلاع تكشف عن فجوة مذهلة بين توقعات الموظفين وواقع التكنولوجيا في مكان العمل في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا؛ ما يجعل المؤسسات تواجه أزمة محتملة بسبب التكنولوجيا غير الكافية التي تضر بصحة الموظفين وإنتاجيتهم والقدرة على الاحتفاظ بمواهبهم.

إذ قامت “سينسوس وايد”، نيابةً عن “فريش ووركس”، باستطلاع آراء 6698 موظفًا و 2000 من قادة خطوط الأعمال الذين تزيد أعمارهم عن 18 عامًا في شركات تضم 100-500 موظف في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وأمريكا اللاتينية وآسيا والمحيط الهادئ ومنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا. وتم جمع الإحصاءات في أبريل/نيسان 2022.

وعلى الرغم من أن الشركات الإقليمية ضاعفت من التحول الرقمي في أعقاب الوباء، إلا أنه، وبحسب التقرير، ما يقرب من نصف الموظفين (47%) في الشرق الأوسط وأفريقيا أفادوا أن مشاكل التكنولوجيا في العمل قد زادت منذ ذلك الحين من مستويات الإجهاد لديهم، مما انعكس سلبًا على صحتهم النفسية.

التكنولوجيا كعامل محوري للفوز في الحرب من أجل المواهب

خلال الوباء، أنفقت الشركات ما يعادل 15 مليار دولار إضافي أسبوعيًا على التكنولوجيا لتمكين العمل عن بُعد ، وفقًا لبحثٍ أجرته شركة “KPMG”. وعلى الرغم من التغييرات السريعة اللاحقة في طريقة العمل، وجدت “فريش ووركس” أن الموظفين أبلغوا عن إخفاقات واسعة النطاق لتكنولوجيا مكان العمل التي يستخدمونها كل يوم. وتضمنت أهم الشكاوى سرعات بطيئة، وأوقات استجابة طويلة من فرق تقنية المعلومات، ونقص التعاون بين الإدارات، وافتقاد الميزات/القدرات المهمة ونقص الأتمتة.

ووفقًا لتقرير صادر عن شركة “روبرت والترز” (Robert Walters)، وهي شركة توظيف عالمية، فإن ثلثي المهنيين في منطقة الشرق الأوسط عمومًا، ودول الخليج العربي خصوصًأ، يتطلعون إلى تغيير وظائفهم في النصف الأول من هذا العام. وجاء في التقرير أيضًا أن عددًا كبيرًا من الأشخاص احتفظوا بوظائفهم تحسباً لمكافأة وزيادة في الأجور في عام 2022.

وأشار تقرير آخر صادر عن شركة “هيز” (Hays)، وهي شركة توظيف وموارد بشرية، إلى أن موجة “الاستقالة الكبرى” ستصل إلى المنطقة في عام 2022. إذ قالت سارة ديكسون، المدير الإداري لفرع الشركة في الشرق الأوسط، إن 56% من الموظفين صرحوا أنهم يعتزمون تغيير وظائفهم في الأشهر الـ 12 المقبلة.

وبالمقارنة مع الإحصاءات مع الولايات المتحدة التي ضربتها موجة الاستقالة الكبرى في عام 2021، ووفقًا لمكتب الولايات المتحدة لإحصاءات العمل، فإن حوالي 4.4 مليون أمريكي -أي 3% من القوة العاملة في البلاد- استقالوا من وظائهم في سبتمبر/كانون الأول من العام الماضي، والذي جاء بعد أن فعل 4 ملايين عامل أمريكي الشيء نفسه في يوليو/تموز الماضي.

وبناءً على ما سبق، ومما لا يثير الدهشة، مع اعتماد رفاهية الموظف الآن بشكلٍ كبير على التكنولوجيا، أصبح من الضروري اتخاذ خطواتٍ جادة للحد من موجة “الاستقالة الكبرى”. إذ عبرت غالبية قادة مجال الأعمال (69%) في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا عن الحاجة إلى تكنولوجيا جيدة لكسب الحرب على المواهب، كما يدرك 79% منهم أن الموظفين ذوي الكفاءات العالية سوف يفكرون في البحث عن عمل جديد إذا كانت وظيفتهم الحالية لا توفر لهم الوصول إلى الأدوات أو التكنولوجيا أو المعلومات التي يحتاجونها لأداء وظائفهم بشكل جيد.

ولتأكيد ذلك، وبالعودة إلى دراسة “فريش ووركس”، قال أكثر من نصف الموظفين (56%) إن شركتهم ربما تثنيهم عن البحث عن وظيفة جديدة إذا استثمرت في الأتمتة. وكان من أبرز مطالب موظفي المنطقة الذين أُجري عليهم الاستطلاع هو توافر التقنيات التي تمكّن أو تدعم العمل الهجين وعن بعد بشكل إيجابي، حيث قال نصفهم (51%) إن مثل هذه الحلول زادت من سعادتهم في العمل.

وبغض النظر عن الإبتكارات والأدوات التي تختار الشركات توفيرها، فمن الواضح تمامًا أن هناك ميزة واحدة الجميع بحاجتها الآن؛ وهي البساطة. إذ قال 86% من قادة الأعمال الذين شملهم استطلاع “فريش ووركس” أن موظفيهم لديهم توقعات أعلى بشأن التكنولوجيا أن تكون أسهل في الاستخدام مما كانت عليه بداية أيام الوباء.

لم تعد التكنولوجيا سهلة الاستخدام التي تمكّن من التواصل والمشاركة بشكل أفضل مع الموظفين، والأتمتة، وتقديم خدمة أفضل أمرًا لطيفًا وحسب، بل إنه أمر بالغ الأهمية لازدهار الأعمال.

ستايسي إبستين، رئيسة التسويق في “فريش ووركس”

وأضافت إبستين أن البرامج المستخدمة في مكان العمل لا تواكب ببساطة توقعات الموظفين المتزايدة. إذ يكشف هذا التقرير أن التمسك بالمنصات القديمة يضر بشكلٍ جوهري بالإنتاجية وتجربة الموظف. ولا يوجد وقتٌ أسوأ من الآن لهذا الجمود التكنولوجي، حيث تكافح المؤسسات في جميع أنحاء العالم للسيطرة على كل من نقص المواهب وعدم اليقين الاقتصادي، مما يخلق تهديداتٍ على جبهتين رئيسيتين.

ففي عالم اليوم الهجين، يحتاج الموظفون إلى التقنيات السهلة في العمل كما يفعلون كمستهلكين. هذا هو الاتجاه العالمي الآن، وتلك الشركات التي تعالج هذه الفجوة الناشئة الآن ستكون في وضع قوي لتتفوق في المنافسة في هذه البيئة الاقتصادية بالغة الصعوبة.

رفاهية الموظف حجر الأساس لإنتاجيته

مع اعتماد أكثر من ثلثي (72%) موظفي شركات الشرق الأوسط وأفريقيا الذين أُجري عليهم الاستطلاع بشكل متزايد على التكنولوجيا منذ انتشار الوباء، أصبحت هي ما يحدد اليوم النتائج الرئيسية للمنظمات. إذ أظهر تقرير “فريش ووركس” ارتباطًا واضحًا بين تصور الموظفين للمؤسسة العاملين فيها ومستقبلها والنضج الرقمي لها.

حيث ذكر 42% منهم أن تقنيات مكان العمل لشركتهم تجعلهم يظهرون “متأخرين عن ركب التطور”. وربما يكون الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنه بالنسبة لأكثر من نصف الموظفين (52%)، فإن هذا التأخر له تأثير مباشر على الإنتاجية، وما يقرب من الثلث منهم (30%) أفادوا أن هذا له تأثير سلبي على رضاهم الوظيفي.

وفي هذا الصدد، أوضح لـ “إكسڤار” م.ح أحد الموظفين في مجرة، الشركة الرائدة في تقديم المحتوى الرقمي ومقرها أبو ظبي، أن الشركة لا زالت تعتمد بشكلٍ شبه كلي على جداول “Google Sheets” في تنسيق أعمالها. الأمر الذي يستهلك وقتاً وجهداً كبيرين من قبل الموظفين في إعداد التقارير المجهدة بشكلٍ يدوي، على الرغم من وجود العديد من أدوات إدارة المحتوى التي تستطيع فعل الأمر نفسه برمجيًا، مثل “Airtable“.

كما تحدثنا إلى أحد العاملين السابقين في موقع البوابة العربية للأخبار التقنية الذي طلب منا التحفظ على هويته، وأشار إلى أن التواصل بين الفرق لا زال يتم عبر تطبيقات الدردشة الفورية مثل واتساب وتيليجرام حتى اليوم، ما يجعل البيانات مبعثرةً وعرضةً للضياع، في الوقت الذي أصبح لزامًا على الشركات استخدام أدوات التواصل الجماعي التي تسهل عمليات الفرز والتنسيق وتحفظ كل ما يتم تداوله عليها من نصوص وملفات، مثل “Microsoft Teams“.

لكن عند تقديم الحلول التقنية الجديدة لمعالجة أوجه القصور هذه، سيتم تقديم خدمة جيدة للمؤسسات لفهم العوائق التي يواجهها الموظفون عند تبني التقنيات والأدوات الجديدة. وهنا أيضًا، قدم تقرير “فريش ووركس” رؤيةً لا تقدر بثمن، حيث سلط الضوء على مجموعة من التحديات التي تحول دون الخروج من هذه الأزمة. إذ أظهر التقرير أن (72%) من قادة الأعمال في المنطقة يظهرون مقاومةً للتغيير على الرغم من إدراكهم أهميته، و (69%) من الموظفين لم تتم استشارتهم عند اختيار تطبيقات برمجية عمل جديدة، و (67%) من الموظفين لا يحصلون على الوقت الكافي لتعلم استخدام تلك البرامج الجديدة.

وعليه، ربما تحتاج الشركات إلى اقتطاع صفحةً من دليل تطبيقات المستهلك وتقديم ذلك لموظفيها للتأكد من أن تطبيقات الأعمال سهلة الاستخدام ومفهومة وملائمة للاستخدام. فالتكنولوجيا موجودة بالفعل، إذ يوجد تطبيقات مؤسسية قوية وفعالة وسهلة الاستخدام، ومعظمها تقدم خدماتها عبر السحابة (اقرأ: العمل عن بعد: أدواتٌ لا غنى لك عنها)، وقد أدى ذلك إلى إضفاء الطابع الديمقراطي على تكنولوجيا المعلومات بشكل فعال. وقد حان الوقت الآن للمؤسسات للاستفادة من هذه التقنيات التي ستساعدها في سد الفجوة الرقمية المتزايدة بين الموظفين وتكنولوجيا المعلومات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات