هل تشكل أدوات البرمجة (بدون كود) مستقبل البرمجة، ولماذا؟

استمع إلى المقال
|
قد تكون السطور البرمجية الكثيرة، التي تبدو شديدة التعقيد لغير المختصين، أول شيء يخطر في بالك إن سمعت كلمة برمجة، ولكن هل تعرف أن هناك توجهًا جديدًا نحو التقليل من الأكواد في البرمجة أو الاستغناء عنها كليًا؟
ولكن قبل الحديث عن ذلك، دعونا نذكر بأن السطور البرمجية أو الكود هي العمود الفقري لمعظم البرامج والتطبيقات التي نستخدمها في حياتنا اليومية، حيث يعمل كل سطر من التعليمات البرمجية بوصفه آلية منطقية متسلسلة لأجهزة الحاسوب، والخوادم، والأجهزة الأخرى لتنفيذ إجراء ما. ولإنشاء هذه التعليمات، يجب على المرء أن يعرف كيفية كتابة التعليمات البرمجية، وهي مهارة قيّمة قد لا تتوفر لدى الجميع.
ولكن ماذا لو كان بإمكانك إنشاء برنامج بدون كتابة سطر واحد من التعليمات البرمجية؟
هذه هي الفرضية الكامنة وراء منصات البرمجة (بدون كود) No-Code، وهي طريقة لتطوير البرمجيات أصبحت تكتسب زخمًا خلال السنوات الماضية. فبمساعدة المنصات التي لا تحتوي على تعليمات برمجية، من الممكن تطوير البرامج دون كتابة أي تعليمات برمجية أساسية.
ويقول فلاد ماجدالين – المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لـ Webflow، وهي منصة للبرمجة (بدون كود) لإنشاء مواقع الويب:
تسمح البرمجة (بدون كود) للناس الذين لا يعرفون كيفية كتابة الأكواد بتطوير التطبيقات نفسها التي يمكن لمهندس برمجيات تطويرها. إنها القدرة على الاستغناء عن الأكواد لفعل الأشياء التي جرت العادة أن تُفعل باستخدام الأكواد.
فلاد ماجدالين
ويمكن أيضًا اعتبار البرمجة (بدون كود) شكلًا من أشكال البرمجة المرئية. فبدلًا من بيئات التطوير المستندة إلى النص، يتعامل المستخدمون مع عناصر التعليمات البرمجية من خلال واجهات مستندة إلى السحب والإفلات. ومن الأمثلة الشائعة: لغة البرمجة Scratch من MIT Media Lab، التي تستخدم كتل البرمجة الرسومية لتعليم الأطفال والبالغين كيفية البرمجة.
يُشار إلى أن البرمجة (بدون كود) هي تقدم طبيعي في مجال تطوير البرمجيات. فما بدأ كبرمجة منخفضة المستوى باستخدام لغة التجميع أسمبلي Assembly، التي هي أقرب ما يُمكّن المبرمجين من فهم آلية تنفيذ التعليمات في الآلات، قد تطور مع الوقت إلى لغات، مثل: جافا Java، وبايثون Python، وسي C، وجافا سكريبت JavaScript، وغيرها من لغات البرمجة الأخرى الحالية. وتضمّن هذا التطور إضافة طبقات من التجريد لإخفاء التعقيدات الكامنة وراء كود الآلة، مما يُسهِّل البرمجة على مطوري البرمجيات.
ومع أن البرمجة (بدون كود) نتاج للتطور التقني، إلا أنها ليست مفهومًا جديدًا، إذ إن أدوات هندسة البرمجيات بمساعدة الحاسوب CASE في تسعينيات القرن الماضي سبقت منصات البرمجة (بدون كود) الحالية. ويعد Visual Basic من مايكروسوفت، و Dreamweaver من أدوبي، اللذان يتطلبان؛ مع ذلك، معرفة التعليمات البرمجية، تكرارات سابقة لأدوات البرمجة (بدون كود).
واليوم، توجد العديد من المنصات التي تسمح بالبرمجة (بدون كود). وتشمل هذه التطبيقات: Power Apps من مايكروسوفت، و Visual Builder من أوراكل لإنشاء تطبيقات الجوال والويب، و Application Express من أوراكل لتطوير تطبيقات الأعمال، ومنصة Lightning Platform من سيلزفورس Salesforce لتطبيقات إدارة علاقات العملاء. وحتى جوجل دخلت في هذا المجال بعد الاستحواذ مطلع 2020 على AppSheet، وهي منصة لتطوير تطبيقات الأجهزة المحمولة (بدون كود).
وقد أخذت الأدوات والتطبيقات التي تُطوَّر باستخدام هذه المنصات تكتسب زخمًا في عالم التقنية. وبحسب بحث أجرته شركة جارتنر Gartner، فإن تطوير التطبيقات المنخفضة الأكواد أو بدون أكواد سيشكل أكثر من 65% من نشاط تطوير التطبيقات بحلول عام 2024، على أن تستخدم ثلاثة أرباع الشركات الكبيرة ما لا يقل عن أربعة أدوات للبرمجة المنخفضة الأكواد.
يُعتقد أن البرمجة (بدون كود) يمثل حلًا لمشكلة العرض والطلب: إذ إن زيادة الطلب على إنشاء عددًا أكبر من البرامج، يواجه بعدد محدود من المطورين الذي يمكنهم إنشاء هذه البرامج.
ويقول ماجدالين:
هناك حاجة واضحة في السوق لمزيد من الأشخاص لإنشاء برامج، وما يمكنك إنشاؤه باستخدام التعليمات البرمجية يعد أمرًا ذا قيمة كبيرة. ومع ذلك، فإن البرمجة هي مهارة يصعب تعلمها بحيث لا يستطيع العالم إدراكها. وتظهر أدوات البرمجة (بدون كود) لأنها أسهل في التعلم مقارنةً بالحصول على شهادة في علوم الحاسوب أو الخضوع لمعسكر تدريبي للبرمجة.
فلاد ماجدالين
وبصرف النظر عن منحنى التعلم المصغر هذا، فإن منصات البرمجة (بدون كود) تسمح بتطوير أسرع للتطبيقات، مما قد يؤدي إلى انخفاض تكاليف الأعمال. ومع ذلك، لا تزال البرمجة (بدون كود) ليست حلًا واحدًا يناسب الجميع، إذ لن يكون لها الدقة والمرونة التي تتمتع بها البرمجية التقليدية.
وعلاوة على ذلك، ليس الهدف من منصات البرمجة (بدون كود) أن تحل محل مطوري البرامج، إذ سيظل هناك بعض الاستثناءات التي يُحتاج إليها ولا تدعمها هذه الأدوات المرئية.
وعندما يتعلق الأمر بمستقبل التطوير (بدون كود)، فإنه يُعتقد أنه أصبح جزءًا طبيعيًا من النظام البيئي للبرمجيات، وذلك مع تحول المزيد من الشركات إلى منصات البرمجة (بدون كود) التي يسعى مهندسو البرمجيات إلى جعلها أكثر قوة.
والآن لنستعرض عددًا من منصات البرمجة (بدون كود)، وذلك ضمن الفئات المختلفة التي تختص كل منها بها:
بالنظر إلى أن الوقت والقدرة على التحكم بالأشياء أصبحت من أثمن السلع للشركات في الوقت الراهن، فمن البديهي أن يتجه عدد متزايد منها نحو أدوات البرمجة (بدون كود)، التي تمتاز بقدرتها على أن تساعد الشركات على تطوير تطبيقات ومواقع ويب بسرعة وفعالية، بالإضافة إلى التواصل على نحو أفضل مع العملاء، أو توصيل عرض منتج جديد بسرعة. كما يمكن لهذه الأدوات أن تخفف العبء عن المهندسين وتجعلهم يتفرغون أكثر لاستكشاف وتجربة الأمور التي تحسن من أداء الشركة.
ويمكن لفرق التسويق والتصميم استعادة السيطرة على موقع الشركة، والاختبار بمزيد من المرونة، بالإضافة إلى إطلاق العنان لفرص جديدة قد تسهم في نمو الشركة.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.