OpenAI تصدم وادي السيليكون.. هل تؤثر التغييرات في مستقبل الذكاء الاصطناعي؟

استمع إلى المقال
|
التغييرات الحاصلة في شركة الذكاء الاصطناعي الناشئة “OpenAI” تهز وادي السيليكون بأسره، لكن هل يؤثر هذا الأمر في مستقبل الشركة ومستقبل الذكاء الاصطناعي ككل.
على مدى السنوات القليلة الماضية، ربطت مجموعة واسعة من وادي السيليكون آمالها وثرواتها بتقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي التي ساعدت شركة “OpenAI” في نشرها.
العديد من خبراء الصناعة يشيرون إلى ظهور “ChatGPT” لأول مرة في أواخر العام الماضي باعتباره لحظة تشبه ظهور “آيفون”، مما يبشر بتحول محتمل في الطريقة التي يتفاعل بها الأشخاص مع أجهزة الحواسيب عبر المطالبات المكتوبة التي يمكن أن تنتج نصا إبداعيا يشبه ما ينتجه الإنسان على ما يبدو.
وكما كان لدى شركة “أبل” ستيف جوبز بصفته الشخصية الرئيسية المحترمة للشركة، الذي أوضح جاذبية “آيفون” وأجهزة الحواسيب الشخصية للجماهير، كذلك كان لدى “OpenAI” قائدها الكاريزمي، وهو سام التمان.
ومع عزل ألتمان عن منصب الرئيس التنفيذي بعد إقالته المفاجئة، فإن المقارنات مع “أبل” تظهر بقوة، إذ تم طرد جوبز من منصبه كرئيس تنفيذي لشركة “أبل” في عام 1985.
هذه الخطوة تعيش في تقاليد وادي السيليكون، لأن بعد عودة جوبز في عام 1997 وجدت “أبل” المسار الذي جعلها في نهاية المطاف الشركة الأكثر قيمة في الولايات المتحدة.
ألتمان، الذي كان يدير سابقا شركة “Y Combinator” لتسريع الشركات الناشئة، قضى العام الماضي في التقرب من قادة العالم والظهور بشكل روتيني في الأحداث التقنية.
هذا الأمر حول المدير التنفيذي البالغ من العمر 38 عاما إلى أحد مشاهير الصناعة، على غرار جوبز، والرئيس التنفيذي لشركة “ميتا”، مارك زوكربيرج، ومؤسس “أمازون”، جيف بيزوس، والرئيس التنفيذي لشركة تيسلا، إيلون ماسك.
إلى جانب ألتمان، عزل مجلس إدارة “OpenAI” جريج بروكمان من منصبه كعضو مجلس إدارة مع استمراره في منصب الرئيس، لكن بروكمان أشار في وقت لاحق إلى أنه يترك الشركة.
ما حدث في “OpenAI” هو انقلاب في مجلس الإدارة لم نشهد مثله منذ عام 1985 عندما طرد مجلس إدارة شركة “أبل” آنذاك ستيف جوبز، مما سبب صدمة لوادي السيليكون برمته.
مستثمرو “OpenAI” بذلوا جهودا لاستعادة ألتمان، حيث حاول كبار الداعمين، بما في ذلك “مايكروسوفت”، الضغط على مجلس الإدارة من أجل عكس ما حصل.
الرئيس التنفيذي لشركة “Airbnb”، برايان تشيسكي، أشار إلى ألتمان في منشور عبر منصة “X” باعتباره أحد أفضل المؤسسين في جيله الذي قدم مساهمة هائلة في الصناعة.
تشيسكي أوضح أنه تحدث مع ألتمان وبروكمان وأنهما يحظيان بدعمه الكامل، وقال، “أنا حزين لما حدث، إنهما وبقية فريق OpenAI يستحقون الأفضل”.
في حين أوضح مات شليتشت، الرئيس التنفيذي لشركة الذكاء الاصطناعي الناشئة “Octane”، أن ألتمان وبروكمان، الذي كان سابقا كبير مسؤولي التكنولوجيا في شركة “Stripe”، جعلا التكنولوجيا التي كنا نحلم بها سابقا متاحة، ووصفها بأنها التطور الأكثر إثارة وقوة في حياتنا.
“Octane” تعد واحدة من العديد من الشركات الناشئة الجديدة التي تستخدم ما يسمى بنماذج اللغات الكبيرة التي تضمها “OpenAI” ضمن مجموعة أدوات برمجيات “GPT” الخاصة بها.
شليتشت أشار إلى أن التكنولوجيا مكنت شركته حتى الآن من وضع ذكاء على المستوى البشري داخل تعليماتها البرمجية، ولهذا السبب استطاعت الشركة مساعدة رواد الأعمال على تحقيق إيرادات تزيد عن نصف مليار دولار.
قال شليتشت، “عرفت كلا من سام وجريج منذ أكثر من عقد من الزمان، إنهما قائدان رائعان وملهمان. بعد أن سمعت عن رحيلهم المفاجئ، امتلأت بالحزن على الفور. لقد توقف الابتكار في العالم فجأة”.
رايان يانسن، الرئيس التنفيذي لشركة “Zenlytic”، شارك شليتشت مشاعره قائلا، “إن مجتمع الذكاء الاصطناعي يترنح”، مضيفا أن خبراء التكنولوجيا في حيرة من أمرهم بشأن الظروف المتعلقة بإقالة ألتمان وما يعنيه ذلك بالنسبة لشركة “OpenAI” بشأن المضي قدما.
قال يانسن، “كان سام وOpenAI بمثابة المحفز الذي أظهر للعالم ما تستطيع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تحقيقه. إن قدرا كبيرا من الإثارة والنشاط في مجال الذكاء الاصطناعي اليوم يعود بشكل مباشر جدا إلى عملهم الرائد”.
إريك شميدت، الرئيس التنفيذي السابق لشركة “جوجل” والمستثمر، قال في منشور عبر “X”، “بنى سام ألتمان شركة من لا شيء إلى قيمة 90 مليار دولار، وغير عالمنا الجماعي إلى الأبد، ولا أستطيع الانتظار لرؤية ما قد يفعله بعد ذلك. أنا والمليارات من الناس نستفيد من عمله”.
سواء عاد ألتمان أم لا، فإن الاضطراب في “OpenAI” يمكن أن يمنح المنافسين ميزة في ما أصبح سريعا سوقا شديد التنافسية لنماذج اللغات الكبيرة المتقدمة.
من الشركات الناشئة الممولة بكثافة، مثل “Anthropic” و”Cohere” إلى عمالقة الحوسبة السحابية “جوجل” و”أمازون”، فمن المرجح أن تبحث الشركات عن البديل التالي الأفضل، نظرا لعدم الاستقرار الملحوظ في “OpenAI”.
سمعة “OpenAI” تلقت ضربة هائلة في الوقت الذي تقرر فيه الشركات النماذج التي قد تستخدمها كوحدات بناء، إذ كان هناك تصور لتقدم ثابت ويمكن التنبؤ به وموثوق به وحسن السمعة والمشاركة والتواصل مع الصناعة.
إن التقلبات المفاجئة في هذه الخطوة تشير إلى عدم القدرة الكاملة على التنبؤ، وهو أمر مخيف بالنسبة للشركات التي تضع خططا للعمل مع “OpenAI” أو الثقة بها.
جزء كبير من التحدي لفهم “OpenAI” يتعلق بهيكل الشركة غير العادي، إذ يشرف مجلس إدارة “OpenAI” على المنظمة غير الربحية، التي يعد الكيان المؤسسي جزءا منها، ويعمل كهيئة إدارية عامة لجميع أنشطة “OpenAI”
وفقا للتدوينة التي أعلنت عن الإطاحة بألتمان، فإن عملية المراجعة التداولية التي أجراها مجلس الإدارة خلصت إلى أن ألتمان لم يكن صريحا دائما في اتصالاته مع مجلس الإدارة، مما أعاق قدرته على ممارسة مسؤولياته.
عادة ما تنطوي عمليات إقالة الرؤساء التنفيذيين البارزين في وادي السليكون على ارتكاب مخالفات، وليس مجرد خلافات فلسفية حول الاتجاه الذي تتجه إليه الشركة.
النموذج الهجين لشركة “OpenAI” أثار المخاوف منذ البداية، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الحوافز يمكن أن تتعرض للاختلال بسهولة، وتخاطر الشركة الآن باستنزاف العقول بشكل حاد إذا اختارت أفضل المواهب اتباع ألتمان في مشروعه التالي أو منافس في الصناعة.
في الوقت نفسه، يتمتع ألتمان بميزة أنه صنع اسما لنفسه، بحيث لن يواجه أي مشكلة في جمع الأموال لمشروع جديد من المستثمرين الذين ينظرون إليه باعتباره النجم التكنولوجي الكبير التالي.
أما بالنسبة لشركة “مايكروسوفت”، التي قيل إن رئيسها التنفيذي، ساتيا ناديلا، قد تفاجأ بهذا التغيير، فقد فوجئ العديد من أصحاب رؤوس الأموال الاستثمارية بأن الشركة قد تكون غير مدركة لما كان يجري في ظل المليارات التي استثمروها في الشركة.
نتيجة لذلك، من المتوقع أن تطلب “مايكروسوفت” مقعدا في مجلس الإدارة في المرة القادمة التي تقرر فيها استثمار مليارات الدولارات في شركة ناشئة.
ختاما، بغض النظر عن الفوضى الحالية، فإنه من المتوقع أن يظل المستثمرون متفائلين بشأن الذكاء الاصطناعي، إذ تحتوي هذه القصة على عناصر من الخلاف المؤسسي والأيديولوجي، لكنها لا تحتوي على أي وعد متضاءل، إذ يستمر الذكاء الاصطناعي في تطوره بغض النظروف عما قد يحصل مع “OpenAI”.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.