استمع إلى المقال

الأشعة السينية تعد واحدة من أقدم التقنيات الطبية التي لا تزال تستخدم حتى يومنا هذا، حيث يعود استخدامها إلى أوائل القرن العشرين، ومنذ ذلك الحين، تطور الاستخدام وتحسنت تقنياتها، وأصبحت تستخدم في العديد من المجالات، بما في ذلك الطب والصناعة وعلوم الأرض والفيزياء والكيمياء.

هذا النوع من الأشعة يستخدم في الطب لتشخيص الأمراض ومراقبة العلاجات وإجراء العمليات الجراحية، وتستخدم في صناعة الأغذية والأدوية للكشف عن التلوث وفحص الجودة، كما يتم استخدام الأشعة السينية في تصنيع الأجهزة الإلكترونية والأجهزة الطبية والأمنية.

تم تطوير تقنيات الأشعة السينية بشكل كبير لجعلها أكثر دقة وأمانا وتقليل الجرعة الإشعاعية المستخدمة فيها، وتستمر الأبحاث في هذا المجال لتحسين فعالية وسلامة الأشعة السينية في المجالات جميعها.

قد يهمك: دور التكنولوجيا في تشخيص ومحاربة السرطان

ما هي الأشعة السينية؟

الأشعة السينية هي فوتونات عالية الطاقة ذات طول موجي قصير وتردد عالٍ للغاية، وتستخدم كأداة تشخيصية طبية منذ عام 1896. ويتم عادة وصف تلك الأشعة من خلال طاقتها القصوى التي يتم تحديدها بالجهد بين الأقطاب الكهربائية.

يتم تحويل الطاقة التي تحملها الأشعة إلى شكل بصري أو إلكتروني عن طريق “كاشف للأشعة السينية”، حيث يوجد تصنيفان لتلك الأجهزة بحسب مستوى الطاقة، وهما المستوى الصلب والمستوى الناعم.

الأشعة التي تحمل طاقات فوتونية عالية، وتتراوح بين 5 إلى 10 كيلو إلكترون فولت (keV)، يطلق عليها اسم “الأشعة الصلبة”، وتستخدم على نطاق واسع في الأشعة الطبية؛ لأنها تستطيع اختراق المواد الكثيفة مثل العظام، أما الأشعة اللينة أو الناعمة التي يكون مستوى طاقتها أقل من 1 كيلو إلكترون فولت، مثالية لتصوير المادة الحية مثل الأنسجة والخلايا.

الأشعة السينية

بحث جديد

بعض الحالات المرضية تتطلب أن يعمل كاشف الأشعة السينية عبر كلا المستويين من الطاقة، مثل البحث عن أورام في أنسجة الثدي، تكن المشكلة لدى أجهزة الكشف الحالية المصنوعة من السيليكون والسيلينيوم بأنها إما صلبة أو ناعمة، وتفتقر إلى القدرة على التمييز بين جسمين قريبين.

تمكن باحثون في جامعة “موناش” في ملبورن، أستراليا، من تطوير “كاشف للأشعة السينية” شديد الحساسية ومتعدد الطاقة باستخدام تقنيات ذات صلة بأجهزة الطاقة الشمسية، وقد وجد الفريق أن المعدن “بيروفسكايت هاليد” هو بديل فعال ومتعدد الاستخدامات للسيليكون والسيلينيوم، حيث يتمكن من إدارة شدة شعاع الأشعة أثناء مرورها عبر المادة، وهي عملية تعرف بتوهين الأشعة، يمكن استخدام هذا الكاشف المحسن في العديد من التطبيقات، بما في ذلك الكشف عن الأورام في أنسجة الثدي.

“البيروفسكايت”

“البيروفسكايت” هو معدن طبيعي له نفس البنية البلورية لأكسيد الكالسيوم التيتانيوم. تم استخدامه سابقا في دراسات تقتصر على الكشف بالأشعة السينية الصلبة على نطاق صغير، ولكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استخدام “البيروفسكايت” لاختبار اكتشاف الأشعة السينية اللينة.

في الدراسة الحالية، تم تطوير أجهزة “الكشف بالأشعة السينية” باستخدام طباعة غشاء رقيق من “البيروفسكايت” داخل جهاز الصمام الثنائي، وتم اكتشاف أن هذه الأجهزة القائمة على “البيروفسكايت” تعمل في نطاق طاقة واسع يتراوح بين 0.1 كيلو فولت وعشرات الكيلو فولت، وهو أوسع بكثير من أجهزة الكشف عن الأشعة السينية المتعددة الطاقة الموجودة.

نظرا لأن هذه الأجهزة الكشفية مصنوعة على شكل أغشية رقيقة، يمكن دمجها مع ركائز مرنة لتصميم مجموعة متنوعة من الأحجام والأشكال لتتوافق مع الأجزاء المستديرة من الجسم، أو تكون مصممة لتناسب المساحات المحصورة، وبالتالي، يمكن استخدام هذه الأجهزة الكشفية المرنة لتحسين جودة الصور الشعاعية المستخدمة في التشخيص الطبي.

القائمون على الدراسة

البروفيسور جاسيك جاسينياك من جامعة موناش، كبير الباحثين في علوم إكسيتون وكبير مؤلفي الدراسة، قال: “يُظهر هذا العمل أن هناك امتدادا طبيعيا للبيروفسكايت في أجهزة الكشف عن الأشعة السينية المطبوعة”، وأضاف بأنه يجب أن تكون هذه الأجهزة أقل تكلفة بكثير عن سابقاتها.

الدكتور بابار شبير، المؤلف الرئيسي للدراسة، أوضح أنه من الممكن أن توفر أجهزة الكشف القائمة على “البيروفسكايت” أوقاتا للاستجابة السريعة، وتوفر حساسيات عالية لتمكين الكشف والتصوير في الوقت الفعلي للأغراض المعقدة، بما في ذلك تشخيص الأمراض وتحديد تلوث الغذاء.

قد يهمك: الطباعة ثلاثية الأبعاد.. ما دورها في صناعة المستقبل؟

مستقبل هذه التقنية

بعد الاطلاع على هذا التقرير، يمكن الاستنتاج بأن الابتكار الجديد لـ “كاشف الأشعة السينية” المصنوع من “البيروفسكايت” يحمل العديد من الميزات الواعدة والمثيرة، ومن أبرز هذه الميزات، النطاق الواسع للطاقة التي يعمل بها الجهاز، مما يتيح استخدامه في مختلف التطبيقات الطبية والعلمية، كما يمكن تشكيله بمرونة وتعديل شكله ليلائم الجسم المراد فحصه، مما يعزز دقة الكشف ويحسن النتائج.

من المؤمل أن يتم استخدام هذا الكاشف في العديد من المجالات والصناعات، وذلك بفضل قدراته الفريدة والمبتكرة، وسيساهم هذا الابتكار في تحسين العديد من العمليات الحيوية والعلمية، وبالتالي، فإن الكاشف الجديد سيساهم بتحقيق تقدم كبير في العديد من المجالات والصناعات المرتبطة بتطبيقات الأشعة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.