استمع إلى المقال

مواقع التواصل الاجتماعي هي أدوات مهمة للتواصل والتفاعل والتعلم والترفيه في هذا العالم، تتنوع هذه المواقع من حيث أهدافها وخصائصها وجمهورها، وتتنافس بشدة لجذب المستخدمين والإعلانات والأرباح، وعلى مر السنوات القليلة الماضية، شهدت هذه المنصات تطورات هائلة وصراعا مستمرا للسيطرة على عدد المستخدمين والتأثير الذي تمتلكه في المشهد العالمي.

في الوقت الذي كانت فيه الشركات الصينية الكبرى تنافس على المراكز الأولى في عالم وسائل التواصل الاجتماعي، حدث تحوّل غير متوقع في ترتيب القوى في الآونة الأخيرة، فوفقا للمعلومات المتاحة حاليا، فقد شهدت المنصات الصينية تراجعا عن مراكزها السابقة، في حين انتشرت وتعززت شبكات التواصل الاجتماعي العالمية بقوة، وأصبحت تحتل المراكز الأولى.

واحدة من أبرز المنصات التي استحوذت على المرتبة الأولى هي منصة الـ “فيسبوك”، التي تجاوزت المليارين مستخدم نشط شهريا حول العالم، تلتها منصة “يوتيوب” وتطبيق “واتساب” و”إنستغرام”، والتي اكتسبت شعبية هائلة وأثرا كبيرا في حياة المستخدمين.

هذا التحول في ترتيب المنصات الاجتماعية يشير إلى تراجع المنصات الصينية أمثال “تيك توك” و”وين شات” التي كانت تحتل المراكز الأولى سابقا، ويُعزى هذا التغير إلى عدة عوامل، سنقوم بالتعرف عليها بشكل مفصل من خلال التقرير التالي، مع ذكر الإحصائيات لمنصات التواصل الاجتماعية في المراكز الأولى.

أفضل أربع منصات لعام 2023

سواء كنت مسوقا متمرسا في وسائل التواصل الاجتماعي، أو مسوقا يسعى إلى الاستثمار في تسويق وسائل التواصل الاجتماعي، أو صاحب عمل يسعى إلى استغلال وسائل التواصل الاجتماعي، فمن المفيد معرفة المنصات الاجتماعية الأكثر شهرة في الوقت الحالي، يساعدك هذا على تعظيم نطاق علامتك التجارية على وسائل التواصل الاجتماعي، والتفاعل مع الأشخاص المناسبين، وتحقيق أهدافك في وسائل التواصل الاجتماعي.

بالطبع، الأمر لا يتعلق فقط بحجم منصات وسائل التواصل الاجتماعي، بل يتعلق أيضا بمدى ملائمة موقع التواصل الاجتماعي لعملك، وهل يتناسب مع صورة علامتك التجارية، وهل يستخدم الجمهور المستهدف ذلك الموقع، وكم عدد منصات وسائل التواصل الاجتماعي التي يمكنك إدارتها في وقت واحد.

لتسهيل الأمور، أجرينا بحثا وجمعنا بعض المعلومات حول أهم أربعة مواقع للتواصل الاجتماعي في عام 2023، وهي كما يلي.

“فيسبوك” – 2.96 مليار مستخدم نشط شهريا

“فيسبوك” هو أكبر موقع للتواصل الاجتماعي، حيث يستخدمه ما يقرب من 3 مليارات شخص نشط شهريا، وهذا يعني أن حوالي 37 بالمئة من سكان العالم هم مستخدمون لـ “فيسبوك”، وذلك وفقا لعدة إحصائيات، ومنها تقرير لموقع “datareportal” الإحصائي.

أكثر من 200 مليون شركة (غالبيتها من الشركات الصغيرة) تستخدم أدوات “فيسبوك”، وأكثر من 7 ملايين معلن يروجون بنشاط لأعمالهم على فيسبوك، مما يجعلها وجهة للكثيرين سواء من المسوقين أم المستخدمين العاديين.

منصة “فيسبوك” تعد من المنصات الشاملة تقريبا، لأن تدعم جميع صيغ المحتوى، وتعمل بشكل مدهش، سواء كانت نصوصا أو الصور أو محتوى فيديو أو القصص، ولكن خوارزمية هذه المنصة تعطي الأولوية للمحتوى الذي يثير المحادثات والتفاعلات المعنوية بين الشخاص، خاصة تلك التي تأتي من الأسرة والأصدقاء.

يوتيوب – 2.2 مليار مستخدم نشط شهريا

“يوتيوب” هي منصة مشاركة الفيديو حيث يشاهد المستخدمون مليار ساعة من الفيديوهات يوميا، بالإضافة إلى أنها ثاني أكبر منصة للتواصل الاجتماعي، ويطلق على “يوتيوب” في كثير من الأحيان لقب ثاني أكبر محرك بحث بعد “جوجل”، الشركة الأم لها.

المنصات الصينية

إذا كنت تستخدم الفيديو لتعزيز عملك، فعليك بالتأكيد إضافة “يوتيوب” إلى استراتيجية التسويق الخاصة بك، الكثيرون يلجؤون لإنشاء قناة على منصة “يوتيوب” لعلامتهم التجارية، أو حتى قنوات ترفيهية أو تعليمية، وهناك الملايين من القنوات التي تتخصص في الكثير من المجالات، ناهيك عن جزئية التسويق، فهي منصة ترفيهية من الطراز الأول.

“واتساب” – 2 مليار مستخدم نشط شهريا

“واتساب” هو تطبيق مراسلة يستخدمه أكثر من 2 مليار مستخدم نشط شهريا من 180 دولة حول العالم في البداية، كان الناس يستخدمون التطبيق لإرسال رسائل نصية إلى أفراد عائلتهم وأصدقائهم فقط؛ تدريجيا، بدأ الناس في التواصل مع الشركات عبر واتساب، وأصدرت شركة “ميتا” المالكة تطبيق “واتساب الأعمال” المخصص لهذا المجال.

تطبيق “واتساب” للأعمال يسمح للشركات بتقديم دعم العملاء ومشاركة التحديثات مع العملاء بشأن مشترياتهم. بالنسبة للشركات الصغيرة، بينما يمكن للشركات الكبيرة استخدام واجهة برمجة التطبيقات (API) لـ “واتساب” للأعمال.

“إنستغرام” – 2 مليار مستخدم شهريا

كوسيلة للتواصل الاجتماعي المرئي، سواء كنت ترغب في الترفيه، أو في التسويق وعرض منتجاتك أو خدماتك، فمنصة “إنستغرام” التي تملك أكثر من 2 مليار مستخدم نشط شهريا بحسب إحصائية من موقع “statista”، هو المكان المثالي من خلال الصور أو مقاطع الفيديو على التطبيق، يمكنك مشاركة مجموعة واسعة من المحتوى مثل الصور ومقاطع الفيديو والقصص والريلز والبث المباشر والفيديوهات الطويلة على “IGTV”.

كعلامة تجارية، يمكنك إنشاء ملف تعريف للأعمال على منصة “إنستغرام”، الذي يوفر تحليلات مفصلة عن ملفك الشخصي ومنشوراتك والقدرة على جدولة المنشورات على المنصة باستخدام أدوات خارجية.

أما المنصات الاجتماعية الصينية، فقد جاءت منصة المراسلة “وي شات” بالمركز الخامس مع 1.26 مليار مستخدم شهريا، وفي المركز السادس تطبيق الفيديوهات القصيرة “تيك توك” بـ 1 مليار مستخدم نشط شهريا.

تراجع المنصات الصينية

هناك عدة عوامل قد تساهم في تراجع شعبية المنصات الاجتماعية الصينية مقابل المنصات الغربية، منها.

الرقابة التي تفرضها حكومة بكين على محتوى وسائل التواصل الاجتماعي الصينية، والتي تقيّد حرية التعبير والتفاعل للمستخدمين. على سبيل المثال، تتلقى منصات التواصل الاجتماعي في الصين توجيهات مستمرة من “الحزب الشيوعي” الحاكم، حول كيفية التعامل مع محتوى معين، وتتعرض لضغوط لمتابعة ذلك. كما تم حذف أو حظر العديد من المشاركات التي تعبر عن آراء حزبية أو مخالفة للسياسة الرسمية، هذه الرقابة قد تثير استياء أو ملل المستخدمين، وتدفعهم إلى البحث عن منصات أخرى أكثر انفتاحا وتنوعا.

عامل آخر، هو الابتكار والتطور التي تتميز بها المنصات الغربية، والتي تقدم خدمات ومزايا جديدة ومحسّنة للمستخدمين. على سبيل المثال، تطبيق “إنستغرام” الذي يُعد منصة ترفيهية وتسويقية، استطاع أن يحقق نجاحًا عالميًا بفضل قدرته على إنشاء محتوى صور وريلز وفيديو قصير جذاب ومنوع، وأصبح منافسا قويا لمنصات أخرى، كما تستخدم المنصات الغربية تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتحسين تجربة المستخدم وزيادة التفاعل.

عامل ثالث، هو الانتشار والشهرة التي تحظى بها المنصات الغربية في مختلف أنحاء العالم، والتي تجذب المستخدمين من مختلف الثقافات والخلفيات. على سبيل المثال، منصة “فيسبوك” تحتل المركز الأول في عدد المستخدمين في 129 دولة، بينما منصة “وي شات” تحتل المركز الأول في 3 دول فقط، كما أن المستخدمين قد يفضلون استخدام المنصات التي يستخدمها أصدقاؤهم أو عائلاتهم أو شركاؤهم في مختلف البلدان، والتي قد تكون غير متوفرة أو محظورة في الصين.

المنصات الصينية

إضافة إلى ذلك، تتمتع المنصات الغربية بشهرة أكبر بين المشاهير والمؤثرين والسياسيين والإعلاميين، الذين يستخدمونها للترويج لأعمالهم وآرائهم وقضاياهم.

هذه بعض العوامل التي قد تشرح تراجع شعبية المنصات الاجتماعية الصينية مقابل المنصات الغربية. ولكن هذا لا يعني أن المنصات الصينية لا تزال خارج المنافسة، فهي تحاول اللحاق بالمنصات الأخرى والتوسع بشتى الطرق.

القبضة الحديدية

في الختام، استعرضنا سويا أحدث إحصائيات عن أشهر مواقع التواصل الاجتماعي في العالم، وحللنا بعض العوامل التي أدت إلى تراجع المنصات الصينية من المراكز الأولى، وزيادة المنصات الغربية، خصوصاً “فيسبوك” و”يوتيوب” و”واتساب” و”إنستغرام”، ووجدنا أن هذه العوامل تتعلق بالتوجهات الثقافية والاجتماعية، والرقابة الحكومية، والتنافس والابتكار، والانتشار العالمي، وأنها تؤثر في تفضيلات وسلوكيات المستخدمين.

وبناء على هذه النتائج، نستطيع أن نستخلص بعض الاستنتاجات والتوصيات، أولا، نستطيع أن نقول إن المنصات الغربية تتمتع بميزة تنافسية تتفوّق بها على المنصات الصينية، وأنها تستطيع أن تحافظ على قاعدة مستخدميها وتوسعها على نحو مستمر.

ثانيا، المستخدمون يبحثون عن منصات توفر لهم حرية التعبير والتفاعل، وتقدم لهم خدمات ومزايا جديدة ومحسّنة، وتربطهم بأشخاص من مختلف الثقافات والخلفيات.

ثالثا، المنصات الصينية تواجه تحديات كبيرة في سوق التواصل الاجتماعي، وهي تحتاج إلى التطور والتوسع والتكيّف مع متطلبات وتوجهات المستخدمين، وهذا ما لا تستطيع الحصول عليه بسبب القبضة الحديدية لحكومة بكين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
5 1 صوت
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات