استمع إلى المقال

بصمات الأصابع والصوت وقزحية العين والمزيد من أجزاء الجسم يتم استخدامها في المصادقة البيومترية “القياسات الحيوية”، والهدف من كل ذلك هو إثبات الهوية، ويتم استخدامها في الكثير من المجالات، سواء للوصول إلى هاتفنا الذكي أو لحساب مصرفي أو حتى لباب المنزل.

ما هي البيومترية أو القياسات الحيوية؟

تشير البيومترية إلى المقاييس أو القياسات المتعلقة بالسِّمات أو الخصائص البشرية. يمكن تقسيمها إلى نوعين:

القياسات العضوية: بصمات الأصابع وشكل اليد ونمط الوريد وشكل القزحية وشبكية العين أو شكل الوجه.

القياسات السلوكية: ديناميكيات الصوت أو الكتابة اليدوية أو التوقيع أو ديناميكيات ضغط المفاتيح أو الإيماءات.

القياسات الحيوية هي سمات أو خصائص أو سلوكيات بشرية قابلة للقياس يمكن استخدامها للتحقق من هوية الشخص. على سبيل المثال، يعتبر وجه الشخص أو بصمات أصابعه فريدة ويصعب أن تتشابه مع شخص آخر إلا بنسب ضئيلة تصل إلى الصفر تقريبًا ويمكن قياسها. لذلك غالبًا ما يتم استخدامها لتحديد هوية الشخص في تطبيقات إنفاذ القانون.

تم استخدام القياسات الحيوية للتحقق من الهوية منذ عام 1883 عندما استخدم عالم الجريمة الفرنسي ألفونس بيرتيلون لأول مرة قياسات الجسم لتحديد المخالفين المتكررين. وفي وقتنا الراهن ومع زيادة مخاطر الخصوصية والاختراقات الإلكترونية وازدياد حالات سرقة البيانات، تزداد شعبية المصادقة البيومترية خصوصًا لدى المؤسسات لأن القياسات الحيوية هي وسيلة فعالة للتحكم في الوصول إلى المعلومات الحساسة أو الأجهزة.

تطور النظام البيومتري

لسنوات عديدة كانت بصمات الأصابع هي الأكثر استخدامًا في التعريف الشخصي، حيث لا يمكن نسيانها أو تخمينها مثل كلمة المرور. وبالرغم من ذلك فهي مجرد واحدة من عدة طرق للأمن البيومتري.

لاحقا بدأ صانعو الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المحمول في اعتماد تقنية التعرف على الوجه، وكذلك صناعة السفر. وبالمقارنة مع تقنيات القياسات الحيوية الأخرى، فإن التعرف على الوجه أقل موثوقية، ويرجع ذلك إلى أن تعابير الوجه يمكن أن تغير الطريقة التي يظهر بها الوجه، مثل الإضاءة أو الحالة الصحية.

البديل الأكثر فاعلية لبصمات الأصابع والتعرف على الوجه هو فحص شبكية العين، والذي تم تصميمه لأول مرة في عام 1935 ولكن لم يتم تطبيقه حتى أواخر السبعينيات عندما تم تطوير التكنولوجيا التي جعلت قراءة شبكية العين ممكنة. ونتيجة لذلك يتم استخدام مسح الشبكية الآن من قبل العديد من الوكالات الحكومية بما في ذلك مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة المخابرات المركزية ووكالة ناسا.

عنصر جديد إلى قائمة القياسات الحيوية

نظرًا لما تواجهه كل من بصمات الأصابع ومسح شبكية العين من مشاكل، ولا سيما في ظروف الاستخدام المختلفة، مثل ارتداء القفازات أو برودة الطقس أو وضع العدسات اللاصقة أو النظارات الطبية. كان لا بد من الاستمرار في البحث عن بديل فعال مثل بصمات الأصابع أو فحص شبكية العين.

وبناء على ذلك بدأ الكثير من الباحثين والمطورين في المساعدة في عملية البحث عن البديل المناسب في عملية تحديد الهوية الشخصية، وجاءت هذه الأبحاث بنتيجة غريبة إلى حدِّ ما لكنها مذهلة، وهي أن دقات القلب فريدة من نوعها أيضًا، مثلها مثل بصمات أصابعنا ووجوهنا. تختلف الأشكال الموجية المميزة الناتجة عن تمدد وانقباضات عضلة القلب من شخص لآخر بحيث يمكن استخدامها لتمييزنا عن بعضنا البعض. وهذا يعني أن نبضات القلب يمكن أن تعمل كمقياس حيوي، وهي خاصية عضوية فريدة يمكن استخدامها لتحديد هوية الشخص. يَعتقد بعض العلماء أن دقات القلب يمكن أن تكون معرّفًا أفضل وأكثر وثوقية من بصمات الأصابع.

أمثلة وأبحاث

  • في عام 2014 عُقد مؤتمرٌ حول أعمال التكنولوجيا القابلة للارتداء، نظمته Wearable World، وشارك في المؤتمر رواد ونجوم في النظام البيئي التكنولوجي القابل للارتداء. تشتهر التكنولوجيا القابلة للارتداء بتطبيقاتها الاستهلاكية، لا سيما في مجال تتبّع الصحة واللياقة البدنية. ولكن هناك عالَماً آخر كامل من التطبيقات التقنية القابلة للارتداء والتي لها آثار عميقة على المؤسسة. على سبيل المثال، يُعد أمن البيانات عبئًا ثقيلًا على الأعمال. وبشكل خاص في القوى العاملة الموزعة والمتنقلة بشكل متزايد اليوم. وكلٌّ أصبح على دراية بأن تقنية كلمات المرور غير معصومة عن الخطأ تمامًا. ومن أكبر مشاكل المؤسسات والشركات هي الحفاظ على أمان بياناتها في ذات الوقت والسماح لموظفيها في أي وقت وفي أي مكان بالوصول إلى الأنظمة والمعلومات الرئيسية

إحدى شركات التكنولوجيا القابلة للارتداء التي تحاول حل هذه المشكلة هي Bionym، وهي شركة تابعة لجامعة تورنتو تصنع منتجًا يسمى Nymi هو جهاز صغير يمكن ارتداؤه، يستخدم مخطط كهربية القلب (ECG) لمصادقة هوية المستخدم. ويحوّل Nymi نبضات قلب الشخص إلى مفتاح فريد يمكن استخدامه لإلغاء قفل أي جهاز.

Nymi

هو جهاز يمكن ارتداؤه يقيس نبضات القلب ويستخدمه كمقياس حيوي فريد للتعرف على الشخص. يتم ارداؤه كسوار، ويلمس باليد المعاكسة لبضع ثوان، يقوم بقياس نبضات قلب المستخدم، ويتأكد من هويته وبأن المالك الشرعي هو من يرتديه، ومن ثم يمكن إيصال هذه الهوية إلى أي نظام أو خدمة تستخدم القياسات الحيوية.

  • في عام 2017 طور باحثون من جامعة ولاية نيويورك – بينغامتون طريقة لاستخدام أنماط نبضات قلب المرضى لحماية سجلاتهم الطبية الإلكترونية، مما فتح الباب لطريقة جديدة للمصادقة البيومترية.

أصبحت الأجهزة الصحية القابلة للارتداء التي تراقب كل شيء من ضغط الدم إلى معدل التنفس أصبحت أكثر شيوعًا، ونظرًا لأن هذه الأجهزة قد جمعت بالفعل مخططاً كهربية القلب (ECG) وهو قياس النشاط الكهربائي للقلب، يمكن إعادة استخدام بيانات نبضات القلب ببساطة لأغراض أمنية. وتتفوق هذه الميزة على العديد من تقنيات التشفير المستخدمة، لأنه أقل كثافة في استخدام الحوسبة وتستخدم طاقة أقل، وهو أمر مهم عند العمل مع أجهزة محدودة الطاقة مثل أجهزة المراقبة الصحية الصغيرة القابلة للارتداء.

أن الموجات النبضية في تخطيط القلب لدى الأشخاص قد تبدو متطابقة بالنسبة للعين غير المدربة، وعلى الرغم من أن نبضات القلب تتسارع وتتباطأ، إلا أن مخطط كهربية القلب لدينا يحمل توقيعًا يشبه إلى حدٍّ كبير بصمة الإصبع، بناءً على بنية القلب نفسه.

يقول Zhanpeng Jin، الأستاذ في قسم الهندسة الكهربائية وهندسة الكمبيوتر في بينغامتون والذي يعمل مع زميله الأستاذ لينكي جو وتلميذه باي هوانغ. “لقد أثبتت الدراسات الحالية التي أُجريت على أجهزة تخطيط كهربية القلب أن تخطيط القلب فريد بطبيعته بين مختلف الأفراد”.

وأضاف Jin هناك مشكلة واحدة فقط، هي أن هذه الأنماط الفريدة قابلة للتغيير أيضًا. يمكن أن يتغير مخطط كهربية القلب لدى الشخص مع النشاط البدني والحالات العقلية (مثل الإجهاد) والعمر وعوامل أخرى.

  • ومنذ بضعة أيام خلُصت دراسة أجرتها جامعة كارلوس الثالث في مدريد بالاشتراك مع جامعة شهيد رجائي لتدريب المعلمين في إيران، إلى أنه يمكن استخدام نبضات القلب كأداة بيومترية لتحديد هوية الأشخاص.

يقترح هذا البحث تقنية التعرف على الأشخاص بواسطة نبضات القلب، بناءً على الخصائص الحصرية لنبضات قلبهم. ويتم بواسطة استخدام مخطط كهربية القلب (ECG) ويتم تحليل خمس صفات موسيقية: الديناميات ، والإيقاع ، والجرس ، والنبرة ، والنغمة – ليتم تصنيف الملفات الصوتية، ويتم الحصول على مجموعة من المؤشرات من هذه الصفات الخمس ، والتي تعتبر فريدة لكل شخص ولها معدل دقة يبلغ 96.6٪.

كما لاحظنا أن دراسة تحديد الهوية عن طريق تسجيل القلب ليست وليدة اللحظة، وأثبتت فعاليتها في كثير من الدراسات والأبحاث. ولكن الجديد في أبحاث جامعة كارلوس الثالث هي أنهم ينظرون إلى تسجيل ECG، كإشارة مؤقتة ، كما لو كانت موجة صوتية. ومن ثم يقومون بتحليل هذه الموجة الصوتية باستخدام الصفات المحددة لتمييز الموسيقى لهذه النبضات من شخص لآخر.

حتى يومنا هذا، لا يزال بعض الأشخاص لا يمكن التعرف عليهم من خلال حالات معينة من القياسات الحيوية، مثل حالات الإصابة أو البتر أو الحروق، ولكن القلب هو عنصر حيوي- والنبض موجود في جميع البشر دون استثناء. ميزة أخرى هي التكلفة المنخفضة والتشغيل غير الجراحي، وذلك من خلال الأجهزة القابلة للارتداء مثل  الأساور والساعات الذكية التي تقوم بتسجيل ECG، لذلك سيكون كافياً تثبيتُ تطبيق يستخدم خوارزمية تحديد الهوية الخاصة بنا.

البنتاغون وتقنية التعرف على الأشخاص عن طريق نبضات القلب عن بعد

إن القوات الخاصة الأمريكية مثلها مثل أي مؤسسة عسكرية، تحاول أن تواكب أحدث تقنيات القياسات الحيوية لزيادة قدراتها ودقة عملياتها، تستخدم القوات الأمريكية تقنيات القياسات الحيوية البعيدة المدى كتحليل المشي، والذي يحدد من خلاله هوية الشخص من خلال الطريقة التي يمشي بها.

من المفترض أن تستخدم هذه التقنية للتعرف على الشخص الإرهابي والتأكد من هويته قبل أن يتم استهدافه من خلال الطائرات بدون طيار. لكن المشكلة تكمن في أن طريقة المشي ليست حتما أن تكون مميزة لدى شخص محدد، مثلها مثل التعرف على الوجوه أيضًا. فيما يتميز التخطيط القلبي للشخص بأنه فريد من نوعه، ويبقى ثابتًا ولا يمكن تغييره أو إخفاؤه.

تم تطوير جهاز جديد للبنتاغون بعد أن طلبت القوات الخاصة الأمريكية ذلك، والهدف منه التعرف على الأشخاص دون رؤية وجوههم، وذلك من خلال اكتشاف تخطيط القلب باستخدام أشعة الليزر تحت الحمراء. ويعمل على ارتفاع 200 متر، ومن الممكن استخدامه لمسافات أطول باستخدام ليزر أفضل.

غالبًا ما تستخدم مستشعرات الأشعة تحت الحمراء بشكل ملامس لتسجيل نبض المريض. وهي تعمل من خلال الكشف عن التّغيرات في انعكاس ضوء الأشعة تحت الحمراء الناتج عن تدفق الدم. على النقيض من ذلك، فإن الجهاز الجديد المسمى Jetson، يستخدم تقنية تُعرف باسم قياس الاهتزاز بالليزر للكشف عن حركة السطح التي تسببها ضربات القلب. ويعمل بالرغم من وجود الملابس مثل القميص والسترة أو حتى الملابس السميكة مثل معاطف الشتاء، تستغرق العملية حوالي 30 ثانية للحصول على نتيجة جيد، لذا فإن الجهاز في الوقت الراهن فعال فقط عندما يكون الهدف جالسًا أو واقفًا.

يعتقد الباحثون والمطورون أن هذه التقنية من الممكن أن تستخدم في السنوات القادمة في مجالات أخرى، على سبيل المثال، يمكن للطبيب إجراء مسح ضوئي لاضطراب ضربات القلب وحالات أخرى عن بُعد، أو بالإمكان مراقبة المرضى دون الحاجة إلى توصيلهم بالأجهزة.

رأي المحرر:

هذه التقنية هي حاليا قيد التطوير. ومما لا شك فيه أنها ستقدم الكثير من الحلول سواء في المجال الأمني أو العسكري أو الطبي، ويؤكد الباحثون إنه يجب عليهم مواصلة الأبحاث حول هذه التقنية، قبل التفكير في التسويق. وقد تكون أهم الجوانب التي تستلزم الكثير من الدراسة هو تحليل سلوك النظام وفقًا للأنشطة المختلفة التي يقوم بها الشخص، مثل المشي والجري والراحة وممارسة التمارين البدنية أو حالات الخوف.

العمر أيضًا عامل يجب مراعاته، فمع التقدم في العمر، تتغير إشارة القلب. وهذا يعني أنه يجب تحديث النظام كل خمس سنوات تقريبًا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات